ليست الأولى وربما لا تكون الأخيرة، هى قضية المحامى المصرى أحمد الجيزاوى، المعتقل فى المملكة العربية السعودية، على خلفية دفاعه عن مصريين يعملون هناك فسجون المملكة تعج بمصريين اختاروا الغربة من أجل لقمة العيش، وبين عشية وضحاها وجدوا أنفسهم خلف الأسوار. «القتل» و«السرقة» و«تصدير الثورة» و«العمالة لإسرائيل» وتهم أخرى عديدة وجهتها السلطات السعودية إلى المصريين فى السعودية، ورصدتها «المنظمة المصرية لحقوق الإنسان»، ومعها جملة انتهاكات تتعلق بظروف سيئة لعمل المصريين، ونظام الكفيل، وذلك من خلال اعتصامات ووقفات نظمتها أسر المصريين العاملين فى السعودية، فى الآونة الأخيرة وشكاوى عديدة قدمت إلى الخارجية المصرية، احتجاجاً على تعرض مصريين فى السعودية للاعتقال والاحتجاز التعسفى. 74 حالة رصدتها المنظمة لمصريين خلف أسوار سجون المملكة، دون سند قانونى، نرصد منها قصصاً تكشف انتهاكاً صارخاً لحقوق الإنسان، عموماً والمصريين خصوصاً، فى الدولة الشقيقة. كثير من المحتجزين المصريين فى سجون المملكة، ألقى القبض عليهم دون سبب قانونى، دون عرضهم على أى جهة تحقيق أو إسناد اتهامات لهم، حتى انقطعت أخبارهم عن ذويهم، منذ فترة طويلة، ورغم تقدم أسر هؤلاء المحتجزين بطلبات للخارجية المصرية والسلطات السعودية، فإنها لم تتلق أى رد عليها حتى اليوم، مثل حالة أحمد محمد هلال، المعتقل فى عام 2008 فى سجن الذهبانة، وزكى عبدالعزيز زكى، المعتقل عام 2010 فى سجن الحائر، ورغم إصابته أثناء احتجازه بجلطة وتدهور حالته الصحية فإنه لم يفرج عنه، وفى عام 2003 لم يكن محمد فتحى عبد العاطى، يتجاوز 18 عاماً، عندما ألقى القبض عليه من قبل قوة أمنية، ومنذ ذاك الحين لم تتمكن أسرته من معرفة مكان احتجازه أو أسباب إلقاء القبض عليه، وهو ما حدث أيضاً مع أسرة عبد الوهاب أبوالحسن أحمد، الطبيب الذى ألقى القبض عليه عام 1998 دون سند قانونى وإيداعه فى سجن الذهبان، ورمزى فتحى رمضان حسن الطبيب البشرى، الذى لم تستدل أسرته على مكان احتجازه حتى اليوم. وكغيرها من الأسر المكلومة، لا تعرف أسرة ناصر السيد شعبان القسطاوى الذى اعتقل فى يونيو 2006 مكان احتجازه بينما لم تتلق أسرة عبد الله ممدوح الدمرداش الذى اُعتقل فى يونيو 2008 ولا أسرة عبدالرحمن محمد عبد الفتاح، المعتقل فى سجن الطرفية، أى رد من السلطات المصرية أو السعودية على أسباب احتجازهما. وفى السجن السياسى فى منطقة أبها، أودعت السلطات السعودية كلاً من جلال سلطان رجب، وخالد محمد موسى عمر، وبهاء الدين عبد الله شاهين، وهشام سعد عبد القادر حسن، وحسن أنور حسن إبراهيم، السجن دون إبداء أى أسباب، بينما أودع إبراهيم السيد محمد الذى كان يستكمل دراسته فى الجامعة الإسلامية، عام 2006 فى السجن السياسى فى الدمام، أما حلمى أحمد محمود الديب، فأودع فى سجن الملز فى الرياض، وأودع أشرف رضا عبد الدايم زكى «سائق» فى يوليو عام 2007 فى سجن جيزان وبعد مرور عام رحل إلى سجن الأمن العام فى أبها، دون محاكمته، وأودع خالد محفوظ الغزالى محمد عبادة «طبيب بيطرى» عام 2008 فى سجن الحائر فى الرياض، بينما أودع مصطفى أحمد البرادعى «سكرتير» فى فبراير عام 2010 فى سجن مباحث أبها فى المنطقة الجنوبية. وترافق عمليات اعتقال المصريين فى السعودية دون سند قانونى قصص تكشف عن المعاملة السيئة التى يتعرضون لها، فما حدث مع أحلام وفاتن يصلح سيناريو لأعمال سينمائية تبلغ أحلام عباس رشوان من العمر55 عاماً، سافرت فى أكتوبر 2006 إلى السعودية للإقامة مع زوجها الذى كان يعمل فى مكتب لاستخراج تأشيرات وعملت خادمة فى المنازل، وفى أبريل 2008، قررت العودة إلى مصر، بعد وفاة زوجها بشهور، وحصلت على تأشيرة خروج من السعودية، إلا أنها فوجئت باستدعائها من قبل قسم شرطة منطقة العريجاء فى الرياض ومنعت من السفر بحجة وجود شكوى مقدمة ضدها، من أميرة سعودية، تدعى «فهده سعود عبد الرحمن آل سعود» تتهم أحلام بإخفاء أوراق وسندات خاصة، تخص معاملات زوجها المصرى فى عمله مع نجل الأميرة. أما فاتن عزام الحاكم، فتزوجت من نور خلف زهيميل العتيبى، سعودى الجنسية، بموافقة السفارة السعودية فى مصر، وعندما سافرت فى يونيو 2009 بصحبة زوجها إلى مدينة جدة، فوجئت بأن الزوج يعانى من حالة تأخر ذهنى نتيجة تعرضه لحادث سيارة ما دفعها إلى طلب الطلاق، لكن أسرة الزوج رفضت واحتجزتها فى منزل ابن عم الزوج، وعندما حاولت الخروج من المنزل وقعت مشادة بينهما وبين صاحب البيت، أصيبت على أثرها بطعنة بسلاح أبيض فى البطن، ونقلت إلى مستشفى الملك فيصل فى مكة، وبعد إبلاغ الشرطة ألقى القبض على المتهم وحبسه، لكن فور علاج فاتن فوجئت بإلقاء القبض عليها، على خلفية الحادث الذى أصيب بسببه، ولم تتعرف أسرتها على مكان احتجازها. «تهمة تصدير الثورة إلى المملكة العربية السعودية»، هى التهمة التى وجهتها السلطات السعودية إلى محمد محمد الجزار، الذى سافر عام 2010 للعمل أستاذاً فى جامعة الباحة لتدريس اللغة العربية، ضمن إعارة من جامعة المنوفية، وفى فبراير الماضى، عاد إلى مصر لحضور جنازة والده وعندما عاد مرة أخرى إلى المملكة فوجئ بإلقاء القبض عليه واتهامه ب«تصدير ثورة 25 يناير فى مصر، والدعوة لقيام ثورات موازية فى المملكة»، وأجرى التحقيق معه لمدة شهر بمعدل 12 ساعة يومياً ومصادرة جواز سفره ومنعه من الانتقال داخل الدولة. أما أغرب تهمة اعتقل بسببها مصرى فى السعودية، فكانت من نصيب نادر جميل مجلع الذى تنازل للكفيل، عن مستحقاته المالية للسماح له بالسفر، إلا أنه فوجئ بقيام قوة أمنية بإلقاء القبض عليه، بدعوى أنه «عميل مزدوج تابع للمخابرات المصرية والموساد الإسرائيلى وأن بحوزته شرائح تركية»، وبعد ثلاثة أشهر، صدر أمر بترحيله بعد تسوية مخالصات مع الكفيل، وأجبر على سداد مبلغ قدره 5000 ريال، ولكنه ما زال مودعاً فى سجن الملز فى الجناح رقم «3» دون سند قانونى. أحمد يوسف حسين يوسف سافر إلى السعودية عام 2010 للالتحاق بمهنة عامل بمصنع أخشاب فى الرياض، تحت كفالة إحدى السيدات السعوديات، إلا أنه فى نوفمبر من عام 2010، فوجئ بإلقاء القبض عليه من قبل قوة أمنية من مخفر شرطة المنفوحة، وتعرض هناك لواقعة تعذيب بالضرب بواسطة الشوم والكهرباء والتعليق من يديه، لإجباره على التوقيع على اعتراف بارتكابه جريمة القتل، وهو ما رفضه وفوجئ بترحيله واحتجازه بسجن الملز بالرياض جناح رقم «1» بدعوى أنه «مشتبه فيه رهن التحقيقات» فى قتل أحد الأشخاص دون وجود سند من القانون لتورطه بالجرم المرتكب، وذلك حسب أسرته التى قالت إنها اطلعت على ملف الدعوى.