ذاكرة الوطن عامرة، وثرية ببطولات أبنائه منذ فجر التاريخ، ثراء ذاكرة البطولات مفعم بالمعانى والقيم والتضحيات، نبراساً للأجيال المقبلة، خاصة فيما يتعلق بواحد من أعرق أجهزة الشرطة فى العالم بأسره وهو جهاز الشرطة المصرية الذى يعود تاريخه إلى 2500 سنة قبل الميلاد، وبلغ أوج تطوره وازدهاره عام 1550 قبل الميلاد، عندما وصلت الشرطة فى عهد الملك أحمس إلى ذروة التنظيم والإصلاح والتطوير. يمر الزمن ويقلب التاريخ الصفحات واحدة تلو الأخرى، ليسجل فى 25 يناير من عام 1952 واحدة من أعظم بطولات الشرطة المصرية، وهى معركة الإسماعيلية، كان من الممكن أن يمر الأمر مرور الكرام، لكن جينات الكرامة والتضحية المتأصلة أبت إلا أن تصنع من تلك المعركة شرارة تبدد سحب الظلام التى غشت مصر فى تلك الأيام، وانبرت الشرطة لتسطر ملحمتها الخاصة وملحمة الشعب المصرى كله، بمواجهة شرسة مع قوات أعظم قوة على وجه الأرض آنذاك، تلبيةً لنداء مقدس قادم عبر التاريخ. وتدور معركة حامية بينها وبين قوات الاحتلال البريطانى فى الإسماعيلية، يسقط خلالها عشرات الشهداء والمصابين، لتكون تلك المعركة بداية النهاية للاحتلال الإنجليزى، وشرارة ثورة يوليو من العام نفسه، ليتحول هذا اليوم لعيد يحتفل به المصريون بكل طوائفهم وثقافاتهم كل عام، ويظل هذا الكبرياء الوطنى والرصيد الحضارى العميق الدافع القوى لمسيرة الوطن وأجياله المتعاقبة نحو مستقبل وواقع أفضل. بطولات رجال الشرطة التى نراها اليوم، امتداد طبيعى لتاريخ طويل من البطولات والتضحية، به العديد من المحطات التى تؤكد وطنية هذا الجهاز، وحرص أبنائه على التضحية بالغالى والنفيس لحفظ أمن المواطن وسلامته.. هم أبطال كانوا وما زالوا وسيظلون دائماً على عهدهم بالتضحية بأرواحهم من أجل حفظ مقدّرات أرض الكنانة وحماية شعبها.
