لا يقابل المرء أقسى من المرض، مهما حاول، يقع أسيراً لحباله، يبحث عمن وضعه الله سبباً لعلاجه، طبيب أو حتى شيخ يدعى القدرة على علاج الأمراض، هنا لن يكون المنطق والعلم هما المحرك للمريض، بل سيكون التخلص من الآلام هو المحرك الذى ربما يدفع المريض للوقوع فى براثن شخص نصّاب. الدكتور صابر غنيم، وكيل وزارة الصحة للتراخيص الطبية والمؤسسات الطبية غير الحكومية، قال ل«الوطن»: «إن المعالج المدعى يستغل جهل المرضى ويأسهم من الشفاء ويمارس نوعاً من الدجل عليهم، مستغلاً انخفاض مستواهم الفكرى والثقافى». وفجّر غنيم مفاجأة من العيار الثقيل، بقوله إن الوزارة أرسلت لجنة من إدارة العلاج الحر لضبط المعالج المزيف «الحاج إمام سالم»، إلا أنها فوجئت بوجود العشرات من زبائنه ومريديه ينتشرون حوله، فلم تستطِع اللجنة التحدث مع المعالج، أو ضبطه، إلا بعد استدعاء قوة أمنية لمصاحبة اللجنة المشكلة من وزارة الصحة لضبط المعالج المزيف. وأشار إلى أن الانفلات الأمنى يسهم بشكل كبير فى ظهور الدجالين الذين يستغلون حاجة المرضى. وأضاف «صابر» أن وزارة الصحة أرسلت خطاباً إلى وزارة الداخلية، ومديرية أمن الجيزة لتشكيل قوة أمنية لمعاونة إدارة العلاج الحر فى القبض على المعالج المزيف. وأوضح «صابر» أن الوزارة تتبعت واستطاعت وقف العديد من الأطباء الذى حمل بعضهم شهادات الدكتوراه من محترفى النصب على المرضى منهم، طبيب كان يعيد تعبئة أدوية المناعة رخيصة الثمن على هيئة حقن، وإعادة بيعها لمرضى فيروس «سى» الكبدى مقابل 1500 جنيه للحقنة الواحدة، وقامت الإدارة بغلق عيادته وشمعتها بالشمع الأحمر، إلا أنه عاد وفض الشمع الأحمر وعاود نشاطه، فداهمت الوزارة عيادته، وأرسلت خطاباً إلى محافظة الجيزة لقطع المياه والكهرباء عن العيادة، إلا أن الطبيب عاد إلى مزاولة نشاطه من مكان آخر مجهول، ولا تزال الوزارة تقوم بتتبعه. وأشار «غنيم» إلى طبيب آخر يدعى «م.ا»، أستاذ طب الأورام بقصر العينى، يبيع علاج فيروس «سى» الكبدى بكورس حقن يصل ثمنه إلى 1800 جنيه فى 6 أشهر، وعلى الرغم من أنه أستاذ فى علاج الأورام فإنه يقوم ببيع الأدوية التى تنتجها شركته بالإمارات، التى لم تحصل على تصريح أو ترخيص لمزاولة النشاط فى مصر من وزارة الصحة، فضلاً عن غلق مصنعها فى الإمارات لمخالفة العقار للمواصفات، وقال «صابر» إنه على الرغم من حبس الطبيب المذكور، ومحاكمته واستمرار تداول القضية أمام المحاكم، فإنه لا يزال يبيع الدواء غير المسجل للمواطنين. وأكد «غنيم» أن الانفلات الأمنى يصاحبه انفلات أخلاقى واستغلال ليأس المرضى من أمل الشفاء. وأشار إلى ضرورة لجوء المرضى إلى الأطباء المسجلين بوزارة الصحة والملزمين بوضع شهادة تحمل الدرجة العلمية الحاصل عليها الطبيب والتخصص الخاص به، ورقم ترخيص مزاولة المهنة، وعدم الاستسلام للشائعات والدجالين الذين يتسببون فيما هو أخطر من الأمراض التى يعانى منها المرضى. فى المقابل، وصف الدكتور عادل العدوى، مساعد وزير الصحة السابق وأستاذ جراحة العظام بطب قصر العينى، ما يقوم به المعالِج المزيف ب«الجريمة فى حق المرضى»، وأنه يهددهم بالإصابة بفيروس الإيدز والالتهاب الكبدى الوبائى، خاصة أن المعالج يستخدم طرقاً بدائية للغاية فى العلاج. وقال «العدوى» إن الوصفات الطبية التى يقدمها المعالج لا تعدو كونها شعوذة، ولا تمُتّ للطب بأى صِلة، وإن المعالج يستغل جهل المرضى وبساطتهم فى ممارسة الدجل عليهم وإقناعهم بقدرته على العلاج بمجموعة من الحركات التى تشبه «الحواة»، لافتاً إلى ضرورة ابتعاد المواطنين عن المعالجين الوهميين، واللجوء للأطباء فقط فى حال شعورهم بالمرض.