الأشعة التداخلية علم جديد ظهر فى مصر فى التسعينات وأحدث طفرة مذهلة فى العلاج البديل للجراحات بالأشعة، وخرج بالأشعة من نطاقها التشخيصى الضيق إلى نطاق أعم وأشمل فى علاج الكثير من الأمراض التى تتطلب تدخلاً جراحياً، وذلك عن طريق استخدام الأنواع المختلفة من القساطر والدخول عن طريق وعاء دموى إلى منطقة شريان ضيق لتوسعه أو تمدد لتعالجه أو جلطة لتذيبها أو عن طريق إدخال إبرة من خلال الجلد إلى منطقة تكوين الورم بها لتحرقه أو حتى للوصول إلى مكان الألم وتسكينه. كل هذا يتم دون جرح جراحى، دون تخدير كلى، وفى معظم الحالات يغادر المريض المستشفى فى نفس اليوم. ومن أكثر الأمراض التى حقق فيها نجاحاً مذهلاً أورام الكبد السرطانية عن طريق الحرق الموضعى بموجات التردد الحرارى أو إشعاع الميكرويف أو حقن العلاج الكيماوى باستخدام القسطرة، وهو ما يفتح باب الأمل أمام الكثير من المصابين بهذا المرض. كما أنها أصبحت تعالج الكثير من الأمراض، منها أورام الرحم الليفية التى تصيب نسبة كبيرة من السيدات فى مختلف المراحل العمرية وتسبب نزيفاً شديداً للمرضى وقد يضطر طبيب النساء إلى استئصال الرحم مما يسبب معاناة بدنية ونفسية للمريضة ولكن باستخدام الأشعة التداخلية يتم إدخال القسطرة إلى الشرايين الضيقة المغذية للورم الليفى مع حقن حبيبات عالقة تؤدى إلى منع وصول الدم إلى الورم فقط مما يسبب تضاؤل حجمه وضموره واختفاء الأعراض المسببة للمشاكل. كما أنه يمكن أن تستخدم الأشعة التداخلية فى علاج حالات دوالى الساقين عن طريق إدخال قسطرة رقيقة إلى داخل الوريد المتضخم موجهة بالموجات فوق الصوتية وحرقه فى دقائق معدودة، ويمارس المريض حياته الطبيعية بعد ساعتين من إجراء الجراحة عكس الجراحة التقليدية، التى تتطلب الراحة لمدة أسبوعين فضلاً عن مضاعفاتها وأهمها العدوى والالتهابات المصاحبة للجراحة. كما أن للأشعة التداخلية دوراً كبيراً فى علاج تضخم البروستاتا الحميد، الذى يتم تحت تأثير المخدر الموضعى، وتقى المريض من حدوث مضاعفات ما بعد الجراحة، بالإضافة إلى أن الكثير من هؤلاء المرضى لا يمكنهم الخضوع لتخدير كلى لعمل الإجراء الجراحى بسبب سوء حالة القلب أو الرئتين. كما أن الأشعة التداخلية تحمى مريض السكر من مخاطر القدم السكرى والبتر، عن طريق توسيع أى ضيق فى شرايين القدم والساقين بواسطة البالونات أو الدعامات مما يتيح للدم الوصول لنهاية الأطراف. أيضا تفيد فى علاج القىء الدموى وارتفاع ضغط الوريد البابى الكبدى عن طريق تخليق طريق وريدى صناعى بداخل الكبد ليصل ما بين الوريد البابى الكبدى والوريد الأجوف السفلى حتى يتم تصريف الدم به إلى القلب مباشرة بدلاً من توجهه إلى أوردة المرىء والمعدة والمتسبب فى قىء دموى، وهذه الجراحة لا تحتاج إلا لفتحة ضئيلة فى الجلد لا تتجاوز نصف سنتيمتر وتتم تحت توجيه جهاز الأشعة السينية. أما بالنسبة للجلطات، فإننا يمكننا إذابة الجلدة الحديثة تماماً، أو توسيع الأوردة التى تحجرت بعد التجلط وذلك باستخدام الدعامات، مما يفتح المجال لعلاج ما يسمى بمتلازمة ما بعد جلطة الساق، التى تسبب تورم وتقرح الساق. وفى النهاية فإن هناك بعض المشاكل التى تواجه انتشار العلاج بالأشعة التداخلية فى المستشفيات منها ارتفاع ثمن الأجهزة المستخدمة بخلاف تكاليف المستلزمات، ومن ناحية أخرى لا تقوم الهيئات الحكومية مثل التأمين الصحى بالمساهمة فى تكاليف ونفقات العلاج بالأشعة التداخلية نتيجة لوجود مشاكل إدارية بالرغم من أن نشر العلاج بالأشعة التداخلية سيرفع نسب الشفاء فى العديد من الأمراض ويجنب المريض تحمل تكاليف الجراحات الباهظة ومضاعفاتها الكثيرة، وهذا ما يجب أن تلتفت إليه الدولة فتذلل الصعوبات التى تواجه انتشاره.