ولاء صلاح الدين: "المرأة تقود" خطوة جادة نحو تمكين المرأة في المحافظات    البلشي يدعو النواب الصحفيين لجلسة نقاشية في إطار حملة تعديل المادة (12) من قانون تنظيم الصحافة والإعلام    إعلام عبري: 1200 ضابط يطالبون بوقف الحرب السياسية بغزة    عشائر غزة: فشل آلية المساعدات بسبب استبعاد المؤسسات الدولية    اتحاد الكرة يتحفظ على وجود 21 فريق في الدوري الموسم الجديد ومقترح بزيادة عدد الأندية    خبير لوائح: قرار المحكمة الرياضية منطقيًا والحسم يمتد لفترة تصل لشهرين.. فيديو    إصابة 8 بينهم رضيعان أشخاص في انقلاب سيارة ميكروباص ببني سويف    بعد شائعة وفاته... جورج وسوف يحيي حفلاً في السويد ويطمئن جمهوره: محبتكم بقلبي    مهرجان الدار البيضاء يكرّم الفنان أحمد حلمي في دورته السادسة    وزير الأوقاف يهنئ الشعب المصري والأمة العربية بحلول شهر ذي الحجة    "وزير الأوقاف يهنئ الشعب المصري والأمتين العربية والإسلامية:بحلول شهر ذي الحجة المبارك"    حماس: آلية توزيع المساعدات فشلت وتحولت لفخ خطير يهدد حياة المدنيين    هل تحوّلت خطة المساعدات في غزة من مشروع إنساني إلى أداة لتهجير وإذلال الفلسطينيين؟    وزير قطاع الأعمال: قصر غرناطة سيتم تشغيله كمركز ثقافي وسياحي    حزب الجبهة الوطنية بجنوب سيناء يبحث خطة العمل بأمانة التعليم (صور)    موعد مباراة بيراميدز وسيراميكا كليوباترا والقناة الناقلة    تعرف على حكام مباريات اليوم بدورى نايل    عبد المنصف: عواد وصبحى يتعرضان للظلم.. والأهلى الأقرب لحصد لقب الدورى    طاقم مصري بقيادة شاهندا المغربي لإدارة وديتي الإمارات والبحرين في الكرة النسائية    منتخب مصر للسيدات يودع بطولة "باكو 2025" على يد هولندا    أبرزها الحاسبات.. 4 كليات بجامعة الأقصر الأهلية في تنسيق الجامعات 2025    أخبار × 24 ساعة.. بيان دار الإفتاء حول رؤية هلال ذى الحجة لعام 1446 ه    حالة الطقس اليوم الأربعاء، نشاط للرياح على هذه المناطق    2 يونيو، تسليم خطابات الندب لرؤساء لجان الثانوية العامة والمراقبين والملاحظين    محامي نوال الدجوي يكشف حقيقة إرسال بلطجية لتهديد حفيدها الراحل قبل وفاته    4 سيارات إطفاء تتصدى لحريق مخزن فراشة أفراح بكرداسة    وجبة كفتة تهدد حياة 4 من أسرة واحدة بالعمرانية    "اغتصبوا فتاة في أرض زراعية".. أحكام من النقض بشأن إعدام 11 متهم بالمنوفية    جورجينيو يعلن رحيله عن أرسنال عبر رسالة "إنستجرام"    بن جفير يتهم سياسيًا إسرائيليًا بالخيانة لقوله إن قتل الأطفال أصبح هواية لجنود الاحتلال    سلمى الشماع: تكريمي كان "مظاهرة حب" و"زووم" له مكانه خاصة بالنسبة لي    حدث بالفن | وفاة والدة مخرج وتامر عاشور يخضع لعملية جراحية وبيان من زينة    "إعلام النواب" ترفض غلق بيوت الثقافة.. والوزير يكشف عن موقفه    شاهد.. أبرز مهارات وأهداف لامين يامال مع برشلونة بعد تجديد عقده    "هآرتس": أميركا تضغط على إسرائيل وحماس للتوصل لاتفاق    لتقديم خدمات الأورام.. التأمين الصحي الشامل توقع تعاقدًا مع مركز "جوستاف روسي"    حصاد رحلة رامى ربيعة مع الأهلي قبل انتقاله للعين الإماراتى    إقبال كبير في سوق المواشي ببنها قبل أيام من عيد الأضحى المبارك    الشركة المتحدة تفوز بجائزة أفضل شركة إنتاج بحفل جوائز قمة الإبداع    سفارة أذربيجان تحتفل بالذكرى ال 107 لعيد الاستقلال    حواء على طريق الريادة| خلية نحل بالأكاديمية الوطنية لإنجاز برنامج «المرأة تقود للتنفيذيات»    زاهي حواس: أفحمت جو روجان ودافعت عن الحضارة المصرية بكل قوة    من الكويت إلى دبا.. مصعب السالم يعيد صياغة يونسكو بلغة معاصرة    أمانة الإعلام بحزب الجبهة الوطنية: حرية تداول المعلومات حق المواطن    رئيس الوزراء يشهد احتفالية تطوير مدينة غرناطة بمصر الجديدة.. بعد قليل    هل يأثم من ترك صيام يوم عرفة؟.. أمين الفتوى يحسم الجدل    توقيع بروتوكول تعاون بين وزارة الأوقاف والمركز القومي للبحوث الاجتماعية والجنائية    حالة الطقس غدا الأربعاء 28-5-2025 في محافظة الفيوم    أسهم شركات "الصلب" و"الأدوية" تتصدر مكاسب البورصة المصرية وتراجع قطاع الاستثمار    رئيس اتحاد النحالين يكشف حقيقة فيديو العسل المغشوش: غير دقيق ويضرب الصناعة الوطنية    بيان عاجل بشأن العامل صاحب فيديو التعنيف من مسؤول عمل سعودي    السعودية تعلن غدًا أول أيام شهر ذي الحجة.. وعيد الأضحى الجمعة 6 يونيو    «الإفتاء» تكشف عن آخر موعد لقص الشعر والأظافر ل«المُضحي»    نائب رئيس جامعة بنها تتفقد امتحانات الفصل الدراسي الثاني بكلية التربية الرياضية    وكيل صحة البحيرة يتفقد العمل بوحدة صحة الأسرة بالجرادات بأبو حمص    «حنفي»: المنطقة العربية تملك فرصًا كبيرة لتكون مركزًا لوجستيًا عالميًا    تؤكد قوة الاقتصاد الوطني، تفاصيل تقرير برلماني عن العلاوة الدورية    في إطار التعاون الثنائي وتعزيز الأمن الصحي الإقليمي.. «الصحة»: اختتام أعمال قافلتين طبيتين بجيبوتي    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



ليست مسئولية الأزهر وحده (1-2)
نشر في الوطن يوم 05 - 01 - 2015

فى خطابه فى الاحتفال بذكرى المولد النبوى الشريف، خرج الرئيس السيسى عن النص مرتين؛ فى المرة الأولى ارتجل رسالة إلى شيخ الأزهر وعلمائه طالباً منهم تجديد الخطاب الدينى محملاً إياهم المسئولية عن استعادة مفاهيم الدين الإسلامى السمح وأنهم مسئولون أمام الله عن تجديد الخطاب الدينى وتصحيح صورة الإسلام، داعياً إلى ثورة دينية تقوم على الالتزام بكتاب الله وسنة الرسول صلى الله عليه وسلم. وفى المرة الثانية قال مرتجلاً «نريد أن يتحول الإتقان فى العمل إلى جزء من تكويننا. فعدم الإتقان عبء ضخم لأننا لا نملك رفاهية إعادة العمل مرتين».
ومع التقدير لحرص الرئيس على التذكير المستمر بضرورة تجديد الخطاب الدينى، ومع الاحترام للأزهر الشريف وشيخه الجليل وعلمائه الأفاضل، ومع التقدير لجهود وزارة الأوقاف، فإن القضية أكبر من قدرات الأزهر أو وزارة الأوقاف، والمطلوب أخطر من مجرد تجديد شكل أو مضمون الخطاب الدينى الذى يتوجه به العلماء إلى المصريين، فإن المطلوب هو استعادة منظومة القيم الوطنية والثوابت الدينية التى تميزت بها مصر عبر سنوات تاريخها الحديث وكانت سنداً لها فى كفاحها المتصل من أجل تحقيق الاستقلال الوطنى ضد المستعمرين الأجانب والسعى إلى الخلاص من استبداد الحكام الطغاة من أبنائها.
كانت تلك القيم مترابطة فى منظومة فكرية تمكنت من عقول المصريين واستقرت فى وجدانهم وأثرت فى سلوكهم الباطن والظاهر، وكانت لهم بمثابة «عقيدة وطنية» تحكم تصرفاتهم الفردية والجماعية، وتتم وفقاً لها اختياراتهم، واشترك فى الإيمان بتلك العقيدة الوطنية المصريون جميعاً حكاماً ومواطنين وطنيين شرفاء، أخلصوا للوطن وجاهدوا فى سبيل تحقيق أهدافه وسجنوا وتعرضوا للتعذيب بل والقتل، ولكنهم أبداً لم يفرطوا فى عقيدتهم الوطنية!
ولكن حدث الانفلات القيمى أيام حكم الاستبداد وغياب الديمقراطية وشهد الوطن تراجع مقومات الوحدة الوطنية وتزايد التباعد العام عن قيم المواطنة، واستمرار وتصاعد حالات الاحتقان المجتمعى والطائفى التى هددت بانهيار وحدة النسيج الوطنى وشكلت خطورة على مستقبل الوطن. وقد زاد ذلك الانفلات القيمى حين نسى المصريون أو تناسوا الأيام الثمانية عشر المجيدة من 25 يناير إلى 11 فبراير يوم تخلى الرئيس الأسبق مبارك عن منصبه، إذ توارى المصريون الشرفاء وتركوا ميدان التحرير وغيره من ميادين الثورة لعناصر الجماعة الإرهابية الذين عاثوا فى مصر الفساد، وانطلقت مسيرات العنف واعتصامات المطالب الفئوية فى الميادين، وفقدت ثورة 25 يناير طابعها السلمى المشرق.
وكانت النتيجة لكل ذلك الانفلات أن افتقد المصريون منظومة القيم الوطنية التى كانت تعبر عن قيمة الوطن بالنسبة للإنسان المصرى الذى اعتاد أن يتغنى بحب مصر ويشتعل حماساً للذود عن وطنه، وكانت قيم الوطنية والفخر بالانتماء لمصر هى الغالبة فى الثقافة المصرية. وضمت منظومة القيم الوطنية المفتقدة الآن، قيم المواطنة وأن الجميع فى مصر لهم نفس الحقوق وعليهم نفس الواجبات، وقيمة تقدير الزعماء الوطنيين. وكان المصريون يعتزون بأنهم «مصريون» كلما وجدوا فى بلاد أخرى ويتفاخرون بأمجاد مصر منذ عهود الفراعنة العظام ويشيرون بكل الفخر إلى ما حبا الله به مصر من النيل والأرض الطيبة والموقع الفريد الذى أشاد به د. جمال حمدان ووصفه بالعبقرية «عبقرية المكان» فى كتابه الخالد «شخصية مصر.. دراسة فى عبقرية المكان»!
ومن القيم الوطنية التى كانت موضع احترام من المصريين «قيمة التواد والتراحم بين المصريين»، فكان المصريون على قلب رجل واحد إذا ألم بأحدهم أو ببعضهم بعض الملمات أو الأحداث غير السارة، وتجدهم إذا أصاب الوطن مكروه يصطفون اصطفافاً للذود عنه، وكانت الروح المصرية قادرة على تحويل الشعور بالظلم وغياب العدالة إلى قوة تقهر العدو أو الحاكم الظالم.
ولكن ما حدث إثر انتكاس ثورة 25 يناير كان انقلاباً من المصريين على أنفسهم، وتغيرت أنماط سلوك الفرد والمجموع إلى أنماط سلبية وسادت روح انهزامية بين أغلب المصريين، برغم أنهم حققوا معجزة فى ثمانية عشر يوماً ونجحوا فى إسقاط حاكم استبد بحكم مصر ثلاثين عاماً. وسادت مفاهيم وقيم كانت بعيدة عن المصريين، إذ تفشى الفساد والرغبة فى الكسب السريع بغض النظر عن مشروعية مصادر ذلك الكسب، وانتشرت الرشاوى وأصبحت هى الطريق الأسهل للحصول على الخدمات العامة. ومن ضمن القيم المفتقدة تلك التى لاحظها الرئيس السيسى ونوه عنها فى خطاباته وهى الاستخدام الخاطئ للدين وظهور طبقة من المتاجرين بالدين الذين يبررون الإرهاب والقتل ومحاولة تدمير الوطن بتضليل الناس بأسانيد من القرآن الكريم والسنة النبوية وكلها تستخدم فى غير مواضعها وفى غير سياقها الصحيح!
وسادت بين المصريين أشكال من التديُّن الشكلى متأثرين بدعاوى مضللة من أدعياء استخدموا الدين الإسلامى السمح للمتاجرة به وتحقيق مكاسب دنيوية لا يرضى الله ورسوله عنها. واختفت من المعاملات بين المصريين قيم العدالة، والخَير والحُب، وتراجعت قيمة القُدوة وقيمة الأسرة وانتشرت حالات التفكك الأسرى فى ظل غياب التّراحم وزيادة الفردية والأنانية والاستغراق فى المظهرية والتطلّعات الشخصية. والأمر الأخطر هو ما يبدو من تراجع قيمة الانتِماء للوطن.
لذا فالقضية التى يثيرها الرئيس أكبر من مجرد تكليف الأزهر وعلمائه بتجديد «الخطاب الدينى»، وتتجاوز فى خطورتها مجرد اعتماد خطاب دينى متطور يتواكب مع مستجدات العصر، فهى قضية تحتاج أن تكون فى مقدمة اهتمامات مؤسسة الرئاسة لتخطيط برنامج وطنى لإعادة بناء فكر وثقافة المصريين وإحياء منظومة القيم الدينية والوطنية الصحيحة، وهذا ما سنتناوله فى مقال الأسبوع المقبل بإذن الله.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.