قديمًا الاستماع إليها تتطلب جلسة محددة في مكان بعينه، موجاتها خاطبت أذهان تخيلت ما تسمعه، ومنها عرف المصريون الالتفاف حول شيء مادي مصنوع باعثًا للبهجة وقت الاستماع إلى حفلات أم كلثوم، محمد عبدالوهاب، وعبدالحليم حافظ، وكل ما تُطرب له الآذان وتهفو لجماله القلوب، دون أن تفقد جانبها الرسمي في إذاعة كل ما يدور في الحياة السياسية، من خلال بيانات وخطابات الرؤساء، حتى شابها تطور التخصصات في ترددات بعينها "نشرات إخبارية، أغاني قديمة، أغاني عصرية ورياضة". أطوار عديدة مرت على الإذاعة الأعرق على مستوى الشرق الأوسط، لمواكبة كل الأذواق حتى أفردت مساحة لذوق آخر من خلال "شعبي FM"، على تردد "95 إف إم". 3700 أغنية شعبية، 450 برنامجًا غنائيًا شعبيًا، سير شعبية وحلقات الشاعر عبدالرحمن الأبنودي، الحصيلة التي وجدها الشاب الإذاعي خالد فتوح، وقدمها إلى الإذاعي عبدالرحمن رشاد رئيس الإذاعة، بعدما اقترح المذيع فكرة إنشاء محطة شعبية؛ لتكون بهذا الإذاعة المصرية قدَّمت كل الألوان. "سيد دوريش، السوري أبوخليل القباني، جامعي التراث الشعبي زكريا الحجاوي، فاوروق خورشيد، محمد طه وحفني أحمد حسين وبدرية السيد، ومحمد العزبي ومحمد رشدي، وأحمد عدوية"، كل هؤلاء أصبح الاستماع إليهم متاحًا لمحبي هذا الذوق في كل الأوقات، والاستماع المستمر لأغاني مثل "على ورق الفل دلعني، العتبة جزاز، كايدة العزال، شواشي الدرة، ياللي غويت النسب" وما على شاكلتهم طوال اليوم دون توقف. "حكيم وطارق الشيخ"، آخر الشعبيين الذين ستذاع أغانيهم على إذاعة "شعبي FM"، لأنهم آخر الجيل الحالي المعتمدين في الإذاعة، وفقًا لعبدالرحمن رشاد رئيس الإذاعة المصرية. وأوضح رئيس الإذاعة المصرية، في تصريح ل"الوطن"، أن المحطة حاليًا في بثها التجريبي لكن فور انطلاقها بشكل رسمي ستُفتح الأبواب أمام كل المطربين الشعبيين للتقديم والاعتماد من الإذاعة، على أن يتم اختبار كلماتهم أمام لجنة النصوص وألحانهم أمام لجنة الاستماع والألحان، لإذاعة ما يصلح منه، يلي ذلك إقامة مهرجان عربي للأغنية الشعبية.