جهات طبية تقدم خدمات علاجية للمحامين بالمجان    الشئون النيابية: الدستور يمنح الحق الكامل في تكوين الأحزاب بالإخطار    مواصفات وسعر المركبة الفاخرة.. الأمير محمد بن سلمان يقود سيارته برفقة الرئيس السيسي    وزير الشؤون النيابية: هناك أبعاد اقتصادية وسياسية وراء طرح القوانين    تحقيق مشترك بين مجلة إسرائيلية والجارديان: 5 من كل ستة فلسطينيين قتلوا في غزة مدنيين    لاعب أستون فيلا على رادار أهلي جدة    كل ما يخص مباراة باريس سان جيرمان ضد أنجيه في الدوري الفرنسي    محمود فوزي: نظام البكالوريا مجاني ومتعدد ويقضي على شبح الثانوية العامة    مصرع شخص وإصابة 2 آخرين فى حادث تصادم سيارة نقل فنطاس وخلاطة بالتجمع.. صور    فاطمة عيد تحكي قصة حياتها وتطرح أولى حلقات برنامج "السيرة"    فاطمة عيد: أول أجر حصلت عليه 5 صاغ    وكيل وزارة الصحة بالإسكندرية يتفقد المستشفيات العامة بالإقليم    عبد المنعم السيد: هناك تحسن فى الاقتصاد المصرى ونتوقع انخفاض الاستيراد بنسبة 15%    في مؤتمر صحفي.. قائمة المستقبل تعلن عن مرشحيها وبرنامجها لخوض انتخابات نقابة الأطباء    6000 مقعد جديد لمدارس قنا وتخصيص قاعات رياض أطفال ملاصقة للمساجد    «الدراسات المستقبلية»: إسرائيل تجاوزت الخطوط الحمراء وتفرض ما يشبه «التطبيع المجاني»    فلكيًا.. موعد إجازة المولد النبوي الشريف 2025 للموظفين في القطاع العام والخاص    بدرية طلبة تمثل أمام لجنة مجلس تأديب من 5 أعضاء.. اعرف التفاصيل    حُمَّى القراءة.. دُوار الكتابة.. جديد الروائي الأردني جلال برجس    7 عروض أجنبية في الدورة ال 32 لمهرجان القاهرة الدولي للمسرح التجريبي    خالد الجندي: الدفاع عن الوطن وحماية مصالحه من تعاليم الإسلام    خام النفط يرتفع مع قوة الطلب الأمريكي    نائب وزير الصحة: الحضانات تكلف مصر 87 مليار جنيه سنويا بسبب الولادة القيصرية    وكيل وزارة الصحة بالمنيا ينهي عمل بعض العاملين في مستشفيات بسبب الاهمال    محافظ القليوبية يستعين بخبرات طبية لمتابعة مصاب حريق الشدية ببنها    قاضي قضاة فلسطين: المسجد الأقصى سيبقى إسلاميًا وعلى العالم الإسلامي حمايته    دون ذكر اسمه.. صنداونز يصدر بيانا بشأن واقعة ريبيرو    بعد قرار مارسيليا ببيعه.. فوت ميركاتو: جوناثان روي إلى بولونيا    خلافات أسرية تتحول إلى مأساة بالدقهلية: مقتل سيدة وإصابة ابنتها طعنًا    جهاز الاتصالات يكشف أضعف شبكة محمول بالربع الثاني من 2025    تُطلقها السكة الحديد اليوم.. ما هي خدمة ""Premium"؟    وزير الإسكان يستقبل محافظ بورسعيد لبحث ملفات العمل والتعاون المشترك    هل يستجاب دعاء الأم على أولادها وقت الغضب؟.. أمين الفتوى يجيب    سلوت: نيوكاسل من أفضل فرق البريميرليج.. وهذه مزايا ليوني    أسعار سيارات ديبال رسميا في مصر    وزير العمل يعلق على واقعة إطلاق ليبي أسدًا على عامل مصري    متصلة: بنت خالتي عايزة تتزوج عرفي وهي متزوجة من شخص آخر.. أمين الفتوى يرد    رئيس المعاهد الأزهرية يتفقد المشروع الصيفي للقرآن الكريم بأسوان    لا أستطيع أن أسامح من ظلمنى.. فهل هذا حرام؟ شاهد رد أمين الفتوى    الإسماعيلي يتلقى ضربة جديدة قبل مواجهة الطلائع في الدوري    جامعة سوهاج تعلن مواعيد الكشف الطبي للطلاب الجدد بمختلف الكليات    محافظ شمال سيناء يبحث مع نائب وزير الصحة تعزيز تنفيذ خطة السكان والتنمية    جيش الاحتلال يعلن إصابة جندي بنيران المقاومة شمال غزة    مصدر ليلا كورة: أعمال استاد الأهلي مستمرة والتربة الصخرية لا تعيق الحفر    جامعة المنوفية الأهلية تتألق بأنشطة صيفية متنوعة لتعزيز مهارات طلابها    لو كنت من مواليد برج العقرب استعد لأهم أيام حظك.. تستمر 3 أسابيع    أحمد سعد يتألق في مهرجان الشواطئ بالمغرب.. والجمهور يحتفل بعيد ميلاده (صور)    الجيش الروسي يحرر بلدة ألكسندر شولتينو في جمهورية دونيتسك الشعبية    أحكام ب8 سنوات حبس.. استمرار التحقيقات مع رجب حميدة بكفر الشيخ    الرئيس اللبنانى: ملتزمون بتطبيق قرار حصر السلاح بيد الدولة    وكيل مجلس النواب: زيارة الرئيس السيسي للسعودية تعكس عمق العلاقات بين البلدين    فحص طبى ل 150 من العاملين بديوان عام مديرية الزراعة بالإسماعيلية    هبوط جماعي لمؤشرات البورصة في نهاية تعاملات الخميس    الزمالك يناشد رئيس الجمهورية بعد سحب ملكية أرض أكتوبر    في جولة مفاجئة.. عميد طب قصر العيني يطمئن على المرضى ويوجه بدعم الفرق الطبية    مدبولي: نتطلع لجذب صناعات السيارات وتوطين تكنولوجيا تحلية مياه البحر    غلق الستار الأليم.. تشييع جثمان سفاح الإسماعيلية    توسيع الترسانة النووية.. رهان جديد ل زعيم كوريا الشمالية ردًا على مناورات واشنطن وسيول    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



المماطلات الإثيوبية والخيارات المصرية
نشر في الوطن يوم 13 - 12 - 2014

كان قد تم الاتفاق بين وزراء المياه فى مصر والسودان وإثيوبيا على استكمال دراسات الآثار السلبية لسد النهضة على دولتى المصب، والانتهاء منها والتوافق حول نتائجها، فى غضون فترة لا تتعدى ستة أشهر تنتهى فى أول مارس 2015، ومصر كانت تأمل بعد الانتهاء من هذه الدراسات، أن يبدأ تفاوض حقيقى مع إثيوبيا حول سعة السد التخزينية، وسنوات التخزين، وسياسات التشغيل. ولكن للأسف مر الآن ما يقرب من أربعة أشهر من اجتماعات هنا وهناك ومؤتمرات وتصريحات دون تحقيق أى إنجاز يُذكر. بل حتى لم يتم التعاقد مع مكتب استشارى للقيام بالدراسات المطلوبة، بينما إثيوبيا مستمرة فى بناء السد على قدم وساق. وتم تأخير الاجتماع الشهرى للجنة الثلاثية فى مدينة الخرطوم، التى كانت تهدف إلى اختيار المكتب الاستشارى. وذكرت وسائل الإعلام أن سبب التأجيل يعود إلى محاولات إثيوبية وأخرى سودانية لمد فترة الدراسات إلى سنة أو سنتين، وأن مصر لا توافق على هذه المطالبات. ونتيجة لعدم الشفافية عن حقيقة الأحداث، صارت هناك علامات استفهام كبيرة حول جدوى استمرار المباحثات الثلاثية، وعن إمكانية التوصل إلى تسوية سلمية عادلة لأزمة سد النهضة. وهل قبول مصر للمطلب الإثيوبى بمد فترة الدراسة، بينما إثيوبيا مستمرة فى بناء السد، يعتبر قبولاً ضمنياً بسعة سد النهضة الضخمة، وأن التفاوض سيكون فقط حول سنوات التخزين وسياسات التشغيل؟ وهناك غموض حول أهداف المطالبات الإثيوبية، وأصبحت ليست واضحة للشارع المصرى، فهل هى لاكتساب الوقت بهدف استغلاله فى الانتهاء من الجزء الأكبر من إنشاءات السد وفرضه كأمر واقع على مصر، أم أنّها تعكس المتطلبات الزمنية الفعلية للدراسات المطلوبة؟ وإذا كان الطلب الإثيوبى لمد فترة الدراسات ضرورياً للمكاتب الاستشارية لإنجاز الدراسات المطلوبة، فلماذا إذن تم الاتفاق بين الدول الثلاث منذ أشهر قليلة مضت على الانتهاء من الدراسات فى غضون ستة أشهر؟ هل اكتشفت إثيوبيا هذه الحقائق فجأة خلال الأسابيع القليلة الماضية؟ ولماذا لا توافق إثيوبيا على وقف إنشاءات السد حتى يتم استكمال الدراسات، ولتأخذ الدراسات ما تأخذه من الوقت؟ كل هذه التساؤلات تحتاج إلى إجابات مقنعة لإيضاح الحقائق للشعب المصرى.
ودراسات الآثار السلبية للسد من الممكن أن تأخذ سنوات، ومن الممكن إنهاؤها فى شهور، وذلك يتوقف على درجة التفاصيل الفنية المطلوبة والمتفق عليها بين الدول الثلاث. ولكن المشكلة ليست فقط فى زمن أو فترة الدراسات التى يحتاجها الاستشارى، بل تعود أيضاً إلى الفترة التى قد تستغرقها الخلافات المتوقّعة بين الدول الثلاث حول البيانات ودقتها، وحول منهاج الاستشارى، وحول النتائج وتفسيرها. والمشكلة الأخرى أنه بعد استكمال هذه الدراسات، وحتى إذا انتهت بأن السد سيؤدى إلى ضرر جسيم على مصر، فإن رد إثيوبيا المتوقع هو أن من حقها الاستخدام العادل والمنصف لمياه النهر، وفى هذا التوقيت لن يتوافر لمصر الوقت الكافى للجوء إلى التحكيم الدولى أو لاتخاذ أى إجراء آخر. وأنا أتصور أن المسئولين فى مصر فى حيرة من المماطلات الإثيوبية، ويعانون من صعوبة الخيارات المتاحة، وكلها لها تبعات على المستويين القومى والإقليمى، بل والدولى أيضاً. وقد يرى البعض أنه من الأفضل أن توافق مصر على مد فترة الدراسة، لأن ذلك هو السبيل المتاح للانتهاء من الدراسات، التى سوف توضح آثار السد الوخيمة على مصر. ولكن ما فائدة مثل هذه الدراسات بعد إهدار الوقت وفوات فرصة تغيير سعة وارتفاع السد. وكيف نحقق توافقاً مع إثيوبيا حول الأضرار التى ستقع على مصر وإثيوبيا لا تعترف بحصتنا المائية، بل تنادى بإعادة توزيع الحصص المائية على ضوء مبدأ الاستخدام العادل والمنصف للمياه، ضاربة بكل الاتفاقيات التاريخية عرض الحائط. إن الرضوخ والقبول بالأمر الواقع هو تنازل للأبد عن حقوق الشعب المصرى، ولكن رفض سياسة الإملاء الإثيوبى قد ينتهى بحل وسط يقلل من أضرار السد على مصر، أو على الأقل يحافظ للأجيال المقبلة على الأمل فى استرداد ما يتم سلبه من حقوق على أيادى الجيل الحالى.
إن إصرار إثيوبيا على مد فترة الدراسات يعتبر إخلالاً رئيسياً باتفاق الستة أشهر بين الدول الثلاث، وعلى مصر مطالبة إثيوبيا بالتوقف عن أعمال بناء السد حتى يتم الانتهاء من الدراسات والتوافق حول نتائجها. وإذا رفضت إثيوبيا وقف إنشاءات السد، فعلى مصر الانسحاب من المباحثات وإعلان رفضها للسد لآثاره السلبية الوخيمة على مصر. والتحرّك المصرى فى هذه الحالة هو البحث عن تسوية سلمية لهذا النزاع على ضوء ميثاق الأمم المتحدة، وذلك من خلال الاتفاق مع إثيوبيا على اللجوء إلى التحكيم الدولى. والتحكيم الدولى يتطلب موافقة كل من طرفى النزاع على اللجوء إلى التحكيم، وفى الأغلب لن توافق إثيوبيا على هذا التوجه. وفى هذه الحالة لن يتبقى لمصر إلا الشكوى إلى مجلس الأمن الدولى والمطالبة بالوقف الفورى لإنشاءات السد واللجوء إلى التحكيم الدولى. ويرتكز الموقف القانونى المصرى على ما جاء فى التقرير النهائى للجنة الثلاثية الدولية الصادر فى نهاية مايو 2013، الذى يُظهر بوضوح أن هناك تقصيراً إثيوبياً كبيراً فى دراسات السد الإنشائية والهيدرولوجية والبيئية والاقتصادية والاجتماعية، بالإضافة إلى عدة ركائز قانونية أساسية. أولى هذه الركائز هى الحقوق التاريخية فى مياه النيل، التى تستند إلى العديد من الاتفاقيات التاريخية أهمها اتفاقية 1902 الحدودية مع إثيوبيا، التى تعهدت فيها الأخيرة بعدم إقامة أى مشروعات مائية على بحيرة تانا والنيل الأزرق ونهر السوباط تؤثر على تدفقات نهر النيل، واتفاقية 1929 الحدودية، التى تقر بحقوق مصر التاريخية فى مياه النيل، واتفاقية 1959 مع السودان، التى تقر بحصة مصر المائية. والركيزة القانونية الثانية هى عدم التزام إثيوبيا بمبدأ الإخطار المسبق فى بناء سد النهضة، ومبدأ الإخطار المسبق من أحكام القانون الدولى، وذلك من خلال عدة اتفاقيات وإعلانات دولية، منها قواعد «هلسنكى» لعام 1966، والمادة 8 من اتفاقية الأمم المتحدة للاستخدامات غير الملاحية فى الأنهار الدولية لعام 1997، وقواعد برلين لعام 2004. والركيزة القانونية الثالثة هى عدم التزام إثيوبيا بمبدأ عدم الإضرار، الذى نصّت عليه المادة 21 من إعلان استكهولم لعام 1972 بشأن البيئة والتنمية، وكذلك المادة 7 من اتفاقية الأمم المتحدة لعام 1997. هذا هو الخيار القانونى، ولكن السؤال: هل مجلس الأمن سوف يدعم التحرك المصرى القانونى، أم ستحاول بعض الدول الكبرى إعاقته؟ والإجابة ترجع إلى تقديرات القيادة السياسية المصرية لعلاقاتنا الدولية، خاصة مع الغرب، التى تشهد فى الفترة الأخيرة تذبذبات سريعة ما بين الصعود والهبوط لأسباب نعلم بعضها، وأخرى لا نعلمها، وللحديث بقية.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.