تعيش فاتن حمامة «نوال»، الفقيرة، مع شقيقها المحامى عمر الحريرى «ممدوح»، حياة صعبة، إلى أن يظهر فى حياتهما زكى رستم «طاهر باشا»، الذى يغرى ممدوح بوظيفة كبيرة مقابل أن يتزوج شقيقته، ويرفض الشاب الصفقة، غير أن فاتن حمامة تختا، وهى فى كامل قواها العقلية وبملء إرادتها، أن تضحى بنفسها بالزواج من الباشا لتنتشل أسرتها من الفقر. وتتوالى أحداث فيلم «نهر الحب»، الذى قدمته السينما المصرية فى العام 1960، عن رواية «أنا كارنينا» للروسى الكبير «ليو تولستوى»، وكان توقيت عرض الفيلم فى عز مجد جمال عبدالناصر، حاكم مصر آنذاك. تنتقل فاتن حمامة إلى قصر زكى باشا رستم، وتعيش حياة الرفاهية والبغددة والروشنة الأرستقراطية، وتنجب ولداً، جسّد دوره وجدى العربى حينما كان طفلاً. يتحول مسار الزوجة فاتن حمامة عندما تلتقى مصادفة بعمر الشريف «خالد ضابط الجيش»، وتقع فى هواه، وتهمل ابنها، وجدى العربى، وبيتها وزوجها. ووصل الأمر إلى الزوج زكى رستم، فثار وهاج وماج وأرغى وأزبد، وكنا نحن «الشعب المتفرج» نشاهد الفيلم والدموع تبلل قمصاننا حزناً على هذه الزوجة المسكينة التى لا يريد زوجها إعطاءها فرصة للخيانة، ونشتعل غضباً من زكى رستم، قاسى القلب المتوحش، الذى يحاول منع زوجته من خيانته، حقاً يا له من رجل عديم الرحمة والأخلاق.. ويا سلام على الوسيم عمر الشريف ضابط الجيش الذى كنا نغار منه ونحن نشاهد ملامح وجهه وصوته الرخيم وقلبه الطيب وهو يغوى الزوجة لكى تخون بيتها وابنها.. «الله ع الرومانسية، هو ده الحب الحقيقى»، حتى عندما أصيب ابنها وعشيقها فى نفس الوقت اختارت أن تكون إلى جوار العشيق، هذا هو حقاً الإخلاص النقى. وطبعاً ينتصر الحب، تسافر فاتن حمامة مع عشيقها عمر الشريف، تاركة ابنها، «طز فى الأمومة، المهم هو الغرام»، ووقتها حين كنا نحن الشعب نشاهد الفيلم، كنا نهتز طرباً وشماتة فى زكى رستم ذلك الوقح الذى يريد أن يقف فى طريق سعادة زوجته مع عشيقها عمر الشريف. المهم، دارت الأيام والليالى، ومات ضابط الجيش العشيق فى الحرب، وحاولت الهانم، فاتن حمامة، أن تعود إلى بيت الباشا بعد أن نبهها المخرج عز الدين ذو الفقار فى المشاهد الأخيرة من الفيلم أن عليها حقوقاً وواجبات تجاه ابنها، وجدى العربى، لكن زكى رستم، المتوحش غليظ القلب، رفض استقبال الزوجة الخائنة، فعلاً رجل بلا نخوة، فغادرت فاتن حمامة وماتت تحت عجلات القطار، وبكينا نحن الشعب المتفرج على الزوجة الخائنة وعلى صاحب التوليفة العجيبة «العشيق ضابط الجيش الشهيد»، ولم نذرف دمعة واحدة على الزوج الذى خانته زوجته، ولم نذرف دمعة واحدة على الطفل البرىء وجدى العربى. رواية عظيمة للمجتمع الروسى، وفيلم عظيم للقيم المقلوبة فى المجتمع المصرى المتشدق بالأخلاق.. وللمرة الثانية أؤكد أنه لا وجه شبه بين فاتن حمامة ومصر، ولا وجه شبه بين عمر الشريف والمجلس العسكرى، ولا وجه شبه بين وجدى العربى وزكى رستم بنظام الحكم الآن فى مصر.