ما زال الحوار بين إبليس والشيطان، صديقه الحميم، متصلاً، تعالوا بنا نطل عليهما وهما يستكملان حوارهما.. الشيطان: أنا أعلم أن ثمة صلة قوية بينكم وبين أحبابنا من جماعات «التكفير الإرهابية». إبليس (بثقة واعتداد): نعم، نعم.. نحن على صلة وثيقة بقياداتهم العليا.. أنت تعلم أن معظم هؤلاء مرضى نفسيون، كما أن حظهم من العلم قليل؛ لذا فهم لا يستعصون علينا، ولا تستغرب إذا قلت لك إننا نلعب بهم كما يلعب الصبيان بالكرة.. صدقنى يا عزيزى.. نحن الأبالسة نعول عليهم كثيراً فى إسالة الكثير من دماء أعدائنا من بنى آدم، علاوة على إلقاء الخوف والذعر فى قلوبهم.. لقد نجحنا فى ذلك، وسوف نحقق نجاحات كبيرة وعظيمة فى الأيام القليلة المقبلة.. انظر إلى ما يحدث فى سوريا والعراق وليبيا واليمن، وفى مصر أيضاً.. كل ذلك يسعدنا كثيراً، ويدخل السرور على قلوبنا وقلوب آبائنا وأمهاتنا وإخواننا.. نحن لا ننسى أن أباهم آدم كان السبب الرئيسى فى خروج أبينا إبليس الكبير من الجنة والطرد من رحمة الله.. سوف نفعل المستحيل لإيقاظ الفتن وإشعال النيران بين بنيه، أعدائنا الألداء.. وبذلك لن نكون وحدنا فى الجحيم. الشيطان: نحن لدينا مخاوف مما يفعله الجيش المصرى بأصدقائنا فى سيناء.. لقد وجه إليهم ضربات مؤلمة، وجارٍ حصارهم بعد إخلاء الشريط الحدودى مع غزة وهدم الكثير من الأنفاق، ولا أخفى عليك نحن قلقون من هذا الوضع. إبليس: نحن نحاول أن نخذّل عنهم ما استطعنا إلى ذلك سبيلاً.. تارة من خلال أصوات تنادى بأن إخلاء الشريط الحدودى هو عمل ضد الدستور، وتارة أخرى بتحفيز التكفيريين -بمساعدة آخرين- لإجراء عمليات ضد الجيش المصرى لإشغاله وإرباكه (كما حدث مؤخراً). الشيطان: وماذا عن الشباب الذين يلتحقون بهم؟! إبليس: بعض هؤلاء يدفعهم إلى ذلك حب المغامرة، وبعضهم اليأس مما يعانونه، وبعضهم يبحثون عن دور، وهكذا.. وهم عموماً -لحسن الحظ- أصحاب عقول خاوية. الشيطان: ألا تبذلون جهداً معهم؟! إبليس: هم لا يحتاجون إلى جهد يذكر، وتكفيهم وسوسة خفيفة، لذا تركناهم لصبياننا.. وقريباً تسمع عن نتائج مبهرة. الشيطان: وماذا عن خطتكم نحو تنمية الفساد؟ إبليس: تعلم أنه الوجه الآخر للعملة، فالإرهاب يؤدى إلى زعزعة الاستقرار السياسى والأمنى، والفساد يعبّد الطريق للانهيار الاقتصادى والاجتماعى، ولعلكم تلاحظون معشر الشياطين أنه لا يزال كما هو، وربما فى ازدياد يوماً بعد يوم. الشيطان: نعم.. نلاحظ ذلك.. لكن كيف تتعاملون معه؟ إبليس: الفساد كما هو معروف له وجوه كثيرة، ولكل وجه أسلوب تعامل خاص به.. عموماً التفاصيل كثيرة، وأفضل أن تكون له جلسة خاصة. الشيطان: لا بأس. إبليس: تعلم أنه لن يغمض لنا جفن قبل أن نحقق أحلامنا وطموحاتنا. الشيطان: أعلم ذلك جيداً، لكنى أريد الاستفادة مما عندك فى هذا المجال، فأنتم أساتذتنا ومعلمونا. إبليس: العفو، العفو.. والآن أريد أن أعرف ما خططكم وبرامجكم هذه الأيام؟ أرجو أن تطمئننى. الشيطان: أنت تعلم يا عزيزى أنه مع ثورة المعلومات والاتصالات والسماوات المفتوحة، أصبحت الفضائيات مجالاً خصباً لنشاطنا.. نحن نولى اهتماماً خاصاً للمواقع الإباحية، وقنوات الرقص والعرى، علاوة على ما يبث من أفلام ومسلسلات هابطة، وما يشيعه ذلك من فساد أخلاقى وقيمى.. وهذه حققت فى أشهر قليلة ما عجزنا نحن عن تحقيقه فى سنوات.. ولعلك تتابع أخبار «العناتيل» هذه الأيام. إبليس (مقهقهاً): نعم، نعم.. أنتم معشر الشياطين أصبحتم أبالسة. الشيطان: لنا عظيم الشرف يا شيخنا.. ثم استطرد يقول: يكفى أن أقول لك أن بعض الإعلاميين -ممن يعملون تحت إمرتنا- نجحوا فى إحداث حالة من اليأس والإحباط بين أعدائنا من الآدميين بشكل مذهل.. وقد أوحينا إليهم أن أسلوب توجيه الاتهامات بالعمالة والخيانة وإثارة الفضائح، والقيام بتوزيع صكوك الوطنية على البعض وحجبها عن البعض الآخر، سوف تحدث قدراً كبيراً من الشك والريبة فى كثير من الأوساط، وقد آتت هذه ثمارها فى وقت قياسى.. وفى الوقت ذاته، أوعزنا إلى أصحاب القنوات التى يعملون بها أن يتركوهم ليؤدوا مهمتهم، فهؤلاء يستجلبون أعداداً كبيرة من المشاهدين، وهو ما ينعكس على زيادة الإعلانات. إبليس: رائع.. رائع. الشيطان: نحن أيضاً نتابع عن كثب ما تقوم به بعض القنوات والمواقع من ترويج وتسويق لأعمال العنف والاغتيالات التى يقوم بها أحبابنا وأصدقاؤنا «الإرهابيون»، وذلك بنشر شرائط الفيديو الخاصة بهم.. ناهيك عن التظاهرات التى يقوم بها بعض المخربين من تلاميذنا الأوفياء، أو التصريحات التافهة التى يدلى بها بعض الغوغائيين. إبليس (منتشياً): ممتاز.. ممتاز. الشيطان: نحن كذلك نشارك إخواننا الأبالسة فى الإيحاء للتكفيريين بفتاواهم التى يدلون بها، والتى تصب فى خدمة أهدافنا.. نريد مثلكم أن تستعر الحرب بين بنى آدم جميعاً. قهقه إبليس ضاحكاً، ثم قال: وماذا فعلتم مع أزهرهم؟ الشيطان: لا تقلق يا صديقى.. هو غارق فى مشكلاته التى لا تنتهى. إبليس: إذن، لا تتركوه يفيق منها. الشيطان: نحن متنبهون إلى ذلك.. وأحب أن أطمئنك، إن نشاطنا قد امتد إلى خطباء المساجد من رجال الأوقاف، خاصة أن قدرات الكثيرين منهم محدودة ومتواضعة للغاية، بل إن بعضهم أصحاب خطاب تكفيرى.. باختصار، لقد أحكمنا الحصار حولهم. إبليس: هكذا يكون العمل.. لا نريد أن ندع ثغرة ينفذون منها لمقاومتنا وإعلان الحرب علينا.. نريدهم هكذا عاجزين، مغيبين. نهض إبليس واقفاً ثم قال: أدَعك الآن يا صديقى، فقد وصلتنى رسالة من رئيسى المباشر عن مهمة سريعة يجب علىّ إنجازها، وسوف أتصل بك لاحقاً لنلتقى هنا فى هذا المكان، وربما فى مكان آخر لنرى إن كان ثمة جديد أم لا.