أكد خبراء بعثة صندوق النقد الدولى، فى تقرير لهم بعد انتهاء زيارتهم إلى مصر، قبل أيام، أن الاقتصاد المصرى بدأ يتعافى بعد 4 سنوات من تباطؤ النشاط، مشيدين بالدور الذى لعبه البنك المركزى المصرى فى دعم الاقتصاد الوطنى وسياسته النقدية التى أدت إلى مزيد من الاستقرار فى سوق صرف النقد الأجنبى وامتصاص الآثار التضخمية للقرارات الإصلاحية التى استهدفت تحريراً جزئياً لأسعار الطاقة. وقالت البعثة فى تقريرها إن المعدل السنوى للتضخم العام ارتفع إلى 11.8% فى شهر أكتوبر، ولقد أدت السياسة النقدية التى انتهجها البنك المركزى إلى احتواء الآثار الثانوية الناتجة عن إصلاح الدعم، وهو ما انعكس فى انخفاض المعدل السنوى للتضخم الأساسى إلى 8.5%، مما ساهم فى السيطرة على توقعات التضخم. وبينما شهد سعر الصرف الاسمى تحركاً ملحوظاً على مدار العامين الماضيين، فإن اتباع البنك المركزى المصرى سياسة أكثر مرونة فى هذا الصدد، تركز على الوصول بسعر الصرف إلى مستوى توازن السوق والعمل على زيادة توافر النقد الأجنبى، إلى جانب تعزيز التنافسية، ودعم الصادرات والسياحة، وجذب الاستثمار الأجنبى المباشر، الأمر الذى يؤدى بدوره إلى تعزيز النمو وزيادة فرص العمل وتخفيض احتياجات التمويل. وأكد صندوق النقد الدولى أن النظام المصرفى أبدى مرونة فى مواجهة الركود الاقتصادى خلال السنوات الأخيرة، وفى خطوة ملائمة قام البنك المركزى بتدعيم إطاره الرقابى، عن طريق تقوية القواعد التنظيمية وزيادة تطوير الرقابة الميدانية والمكتبية، والتقدم فى تنفيذ اتفاقيتى بازل الثانية والثالثة، قائلاً: «نرحب بالتزام البنك المركزى بتعزيز حداثة بيانات القطاع المصرفى وتوسيع نطاق الإفصاح عنها». وفى ختام البعثة، قال كريس جارفيز، ممثل الصندوق، إن الاقتصاد المصرى بدأ يتعافى بعد 4 سنوات من التباطؤ وإن المرحلة الراهنة تمثل فرصة مواتية لمصر، مؤكداً: «لا يقل عن ذلك أهمية وجود توافق وطنى متزايد حول الحاجة الملحة إلى الإصلاح الاقتصادى». وقال منير الزاهد، رئيس بنك القاهرة، إن إعلان صندوق النقد الدولى أن الاقتصاد المصرى بدأ يتعافى رسالة إلى العالم كله بتحسن الأوضاع الاقتصادية فى مصر وتسهم فى تشجيع المستثمرين والمؤسسات الدولية على تحريك رؤوس أموال أجنبية لاستثمارها فى مصر. وأضاف أن قوة الاقتصاد وقدرته على التنمية تبدأ من القطاع المصرفى وهو الشىء الموجود فى مصر، خاصة أن البنوك المصرية بقيادة البنك المركزى المصرى تعد من أقوى وأنجح أجهزة الدولة. وتابع: «وإن كان تصنيف جدارة البنوك الائتمانية لم يواكب تطوراتها ولا يعد مؤشراً على حركة الأرقام فيها وجودة محافظها، إلا أن ذلك الصدام يرجع إلى انخفاض تصنيف الديون السيادية للدولة فى الفترة الماضية، بناء على ظروف سياسية صعبة نعيشها»، إلا أن تقرير صندوق النقد الدولى الأخير بتعافى الاقتصاد المصرى يعد رسالة للعالم بتغيير النظرة تجاه الوضع الاقتصادى المصرى، وتأكيداً على الدور الذى لعبه القطاع المصرفى والبنك المركزى خلال تلك المرحلة الأصعب فى تاريخ الوطن. وقال الزاهد: «إذا كانت لدينا بنوك قوية تمتلك سيولة وقدرات كبيرة على تمويل المشروعات والنهوض بالاقتصاد وقادرة على المنافسة على المستوى العالمى وتطبق أقوى القواعد المحاسبية المحلية والعالمية، ومرت بأصعب اختبارات التحمل ونجحت فيها بخلاف جودة أصولها فإنه يمكن التنبؤ للمستقبل بشكل جيد». وأشار إلى أن إشادة صندوق النقد الدولى بالقطاع المصرفى والبنك المركزى المصرى تعد تقديراً لدوره فى مواجهة الركود ودعم الاقتصاد. من جهته قال السيد القصير، رئيس مجلس إدارة بنك التنمية الصناعية والعمال، إن تقرير صندوق النقد الدولى الأخير يعكس الواقع للاقتصاد المصرى والحالة التى وصل إليها البلد بعد الإصلاحات الاقتصادية الأخيرة التى جاءت بعد إصلاحات سياسية وفق خارطة المستقبل. وأشار إلى أن الجهاز المصرفى مر بإصلاحات قوية طيلة العقد الماضى تحت قيادة البنك المركزى، دعمت من قدرته على مواجهة الأزمة المالية العالمية ومساندة اقتصاد الدولة. وأضاف أن «المركزى» شدد من إجراءات الرقابة الداخلية ولديه وحدة للتفتيش على البنوك وهى تتابع بشكل دورى وبصرامة أعمال البنوك، ويتابع تطبيق قواعد بازل 2 ويمهد لتطبيق بازل 3، وأصبحت البنوك تمتلك رؤوس أموال تتناسب مع حجمها ونشاطها وتحقق أرباحاً جيدة جداً. وأكد القصير أن شهادة صندوق النقد الدولى بتعافى الاقتصاد المصرى «شهادة ثقة» وتعطى مؤشرات إيجابية جداً للاقتصاد المحلى، وتعطى الأمل وتعد حافزاً للمستثمرين والدول والمؤسسات الدولية على ضخ استثماراتهم فى مصر، لأن الوضع الاقتصادى فيها مطمئن.