فاجأ د. سعد الكتاتنى الرأى العام بترشحه للمنافسة على منصب رئيس حزب الحرية والعدالة فى مواجهة د. عصام العريان القائم بأعمال رئيس الحزب وأحد مستشارى رئيس الجمهورية، خاصة أن الكثيرين كانوا يرون أن الجماعة قد ترشح د. الكتاتنى لرئاسة مجلس الشعب القادم مرة أخرى حال فوزها بالأغلبية أو الأكثرية البرلمانية!! وحتى وقت قريب كان البعض يظن أن الأمر قد حسم لصالح د. العريان، إلا أن من يتابعون الخلاف داخل الجماعة كانوا يعرفون أن العريان ليس هو المرشح المفضل لخيرت الشاطر -الرجل القوى فى الجماعة- وأنه سبق وأن اعترض على اختياره لرئاسة الحزب بشكل مؤقت فى أعقاب انتخاب د. محمد مرسى الرئيس السابق للحزب لمنصب رئيس الجمهورية. وبالرغم من ذلك كان العريان يظن أن الجماعة ربما تحسم الأمر وتناصره، أو على الأقل تتدخل لعدم ترشح أحد الأقوياء فى مواجهته، وبعد أن أعلن عن نواياه فى الترشح فوجئ بترشح د. سعد الكتاتنى على غير توقعاته، تردد فى بداية الأمر ثم راح يعلن على مواقع التواصل الاجتماعى أنه استشار من يحترم رأيه واستخار بربه وقرر أن يرشح نفسه لرئاسة الحزب خلال الانتخابات التى ستجرى فى 19 أكتوبر القادم. البعض يرى أن منافسة الكتاتنى للعريان تعكس طبيعة الصراع داخل الجماعة بين تيارين أساسيين، تيار محافظ يرى ضرورة الالتزام الحديدى، وتيار آخر يبدو أكثر مرونة وتحرراً، وأن حسمها يعنى حسم الموقف من مرشح الرئاسة لفترة رئاسية جديدة. وإذا كان البعض يشكك فى أن يكون الرئيس مرسى قد أعطى الضوء الأخضر لعصام العريان للترشح، فإن الثابت فى الأمر أن خيرت الشاطر هو الذى طلب من د. سعد الكتاتنى ترشيح نفسه لهذا المنصب، خاصة بعد نجاح الكتاتنى فى تجربة رئاسته لمجلس الشعب طيلة الشهور الماضية والتزامه الحرفى بأجندة الجماعة. لقد التقيت الدكتور سعد الكتاتنى خلال أداء العزاء فى وفاة شقيق المشير طنطاوى فى أعقاب انتخابات الرئاسة بقليل، وقلت له لدى معلومات بأنك ستكون الرئيس القادم لحزب الحرية والعدالة، فكانت الإجابة «أنا لا أسعى لأى منصب، أنا مع رأى الجماعة». ولكل ذلك لا يستطيع أحد أن يقول إن قرار الكتاتنى بالترشح جاء من عندياته، بل هو قرار مدعوم من الجناح الأقوى داخل الجماعة، خاصة أن مكتب الإرشاد لم يحسم أمره باتجاه مساندة مرشح بعينه وترك الأمر لاختيارات ال1011 عضواً الذين يمثلون المؤتمر العام للحزب فى جميع المحافظات. ومن الواضح حتى الآن أن جميع المؤشرات تصب لمصلحة د. سعد الكتاتنى، فأعضاء المؤتمر العام من أبناء الصعيد يبدو أن غالبيتهم قد حسموا أمرهم لصالحه، كما أن جناح الشاطر بدأ يحشد الجهود فى جميع المحافظات الأخرى وجاءت الردود إيجابية لصالح الكتاتنى. لقد شعر عصام العريان خلال الفترة الماضية أنه لم يحظ بتقدير يتوازى مع نضاله وكفاحه وقدراته، كان يأمل فى رئاسة مجلس الشعب وفوجئ باختيار الجماعة للكتاتنى، كان يأمل فى اختياره وزيراً للخارجية ولم يحدث، راهن على أن يتم اختياره مساعداً للرئيس للشئون الخارجية إلا أنه فوجئ باختيار كادر إخوانى آخر بديلاً عنه، وظن أن الجماعة ستتوحد خلف ترشحه لمنصب رئيس الحزب إلا أنه فوجئ بترشح الكتاتنى، فقرر أن يخوض المعركة حتى النهاية مهما كان الثمن. إن السؤال الذى يطرح نفسه هنا، هل سيقبل د. العريان بالنتيجة التى سيحسمها المؤتمر العام للحزب حال عدم فوزه فى الانتخابات؟ أم سيتمرد على الجماعة، ليقود الجناح المعارض بداخلها، ويبدأ عملية صراع تنظيمى فى مواجهة الرجل الأقوى بداخلها؟ من المؤكد أن خيرت الشاطر والمرشح للصعود فى الفترة المقبلة لن يتسامح مع أية معارضة تنال من دوره أو من حديدية الالتزام التنظيمى داخل الجماعة، وهنا سيكون أمام عصام العريان ساعتها أحد خيارين؛ إما أن يعود إلى سياسة السمع والطاعة، وإما يلقى مصير عبدالمنعم أبوالفتوح.