الجمع بين المرتب والمعاش.. التعليم تكشف ضوابط استمرار المعلمين بعد التقاعد    شيخ الأزهر: لا سلام في الشرق الأوسط دون إقامة الدولة الفلسطينية المستقلة وعاصمتها القدس    شيخ الأزهر: لا سلام في الشرق الأوسط بدون إقامة دولة فلسطين وعاصمتها القدس    الفتنة كأداة سياسية: قراءة تحليلية في أزمة قرية "نزلة الجلف" بالمنيا    أبو الغيط: مصر وضعت تحت السلاح مليون جندى جاهز للحرب في 1973    وصلت إلى 350 ألف جنيه.. الشعبة: تراجع كبير في أسعار السيارات (فيديو)    سعر الذهب اليوم الإثنين 27_10_2025 في الصاغة.. عيار 21 الآن بعد الارتفاع الأخير    مولودية الجزائر يتأهل لدور المجموعات في دوري أبطال أفريقيا    الصين والولايات المتحدة تتوصلان إلى "توافقات أساسية" حول عدد من القضايا الاقتصادية والتجارية    بوتين يعلن نجاح تجربة صاروخ "بوريفيستنيك" النووي العابر للقارات    تقرير: الذخائر غير المنفجرة في غزة.. موت صامت يطارد سكان القطاع بعد توقف القتال    حاكم كاليفورنيا الديمقراطي نيوسوم يقول إنه سيدرس الترشح للرئاسة بعد الانتخابات النصفية عام 2026    موعد مباريات اليوم الإثنين 27 أكتوبر 2025| إنفوجراف    أحمد حمودة: بيراميدز يحتاج وقتا طويلا ليصل لمكانة الأهلى والزمالك    خالد الغندور: عقوبات مالية واستبعاد ليد الزمالك بعد انسحابه من بطولة أفريقيا    في الجول يكشف كيف يفكر الأهلي لدعم الهجوم.. الأولوية للأجنبي وخطة بديلة    عبد الحفيظ: لن يكون هناك مشرف على الكرة في وجود الخطيب.. ولا تستبعد الزمالك أبدا    وكيله: الجزيري لم يشكو الزمالك.. ورفض الرحيل لتحقيق أرقاما قياسية    أبرزهم الزمالك والمصري، الفرق المتأهلة لدور المجموعات في الكونفدرالية    أمير عبد الحميد: تدريب حراس الأهلى حلم تحقق.. والمنافسة فى النادى صعبة    "الداخلية" تكشف تفاصيل واقعة وفاة صغيرين بمنطقة فيصل وضبط المتهم    العشق الممنوع وراء جريمة مقتل أسرة فيصل.. القاتل: تعرفت على الأم وتخلصت منها بمادة سامة فى العصير.. تركتها جثة هامدة بالمستشفى.. استخدمت السم نفسه فى التخلص من طفلين وألقيت الثالث بالترعة لشكه فى الأمر    صحة القليوبية: خروج جميع مصابى حادث انقلاب سيارة بطالبات في كفر شكر    الحماية المدنية تسيطر على حريق في منزل بقنا    حملة لتحصين الكلاب في فوة ضمن خطة القضاء على مرض السعار بكفر الشيخ    رسميًا.. مواعيد بدء امتحانات نصف العام الدراسي 2025-2026 وفترة اختبارات شهر أكتوبر    مأساة في ميدان الشيخ حسن.. مصرع طالبة تحت عجلات سيارة سرفيس مسرعة بالفيوم    عشيق الأم.. الداخلية تعلن القبض على المتهم بقتل طفلين المريوطية    3 أبراج «هيرتاحوا بعد تعب».. ظروفهم ستتحسن ويعيشون مرحلة جديدة أكثر استقرارًا    فرصة ثمينة لكن انتبه لأحلامك.. حظ برج الدلو اليوم 27 أكتوبر    مساعد وزير التموين: حملات مكبرة لضبط الغش التجاري وعقوبة المخالفات تصل للسجن    حماية المستهلك: ضبطنا مؤخرا أكثر من 3200 قضية متنوعة بمجال الغش التجاري    حسام صلاح ل ستوديو إكسترا: قصر العيني يخدم 500 ألف مريض سنويا بقسم الطوارئ    رنا سماحة تعلق على انتقادات فستانها في زفاف أحمد جمال | شاهد    الضفة.. استشهاد عامل فلسطيني وإصابة آخر برصاص جيش الاحتلال الإسرائيلي    أستاذ فيزياء الفلك: لا دليل علمي على وجود كائنات فضائية تزور الأرض    التنمية المحلية: إجراءات عاجلة لمعالجة شكاوى المواطنين من انبعاثات محطة خرسانة بالمنوفية    وزير الصحة ومحافظ قنا يبحثان إنشاء مستشفى أورام متطور في أبوتشت    وكيل صحة شمال سيناء يترأس الاجتماع الشهري لتعزيز وتحسين كفاءة الأداء    الحسابات الفلكية تكشف موعد بداية شهر رمضان 2026    قيادات حزبية: كلمة الرئيس السيسي جسدت قوة الدولة ونهجها القائم على الوعي والسلام    وائل جسار: أقدم الطرب الأصيل ممزوجًا بروح العصر    "شقوير": رقمنة السجلات وتحديث الرعايات ضمن خطة تطوير المؤسسة العلاجية    وزير المالية: إعطاء أولوية للإنفاق على الصحة والتعليم خلال السنوات المقبلة    محافظة المنيا تحقق الترتيب الرابع على محافظات الجمهورية في ملف التقنين    هل رمي الزبالة من السيارة حرام ويعتبر ذنب؟.. أمين الفتوى يجيب    البابا تواضروس يكلف الأنبا چوزيف نائبًا بابويًّا لإيبارشية جنوب إفريقيا    وزير الخارجية يتابع استعدادات افتتاح المتحف المصري الكبير    «منتصف النهار» يسلط الضوء على تحركات ترامب في آسيا وتطورات غزة    محافظ المنوفية يتفقد عيادات التأمين الصحي بمنوف    إطلاق مبادرة "افتح حسابك في مصر" لتسهيل الخدمات المصرفية للمصريين بالخارج    كنز من كنوز الجنة.. خالد الجندي يفسر جملة "حول ولا قوة إلا بالله"    كيف تتعاملين مع إحباط ابنك بعد أداء امتحان صعب؟    حسام الخولي ممثلا للهيئة البرلمانية لمستقبل وطن بمجلس الشيوخ    رئيس الوزراء يستعرض الموقف التنفيذي لأبرز المشروعات والمبادرات بالسويس    مركز الازهر العالمي للفتوى الإلكترونية ، عن 10 آداب في كيفية معاملة الكبير في الإسلام    د. فتحي حسين يكتب: الكلمة.. مسؤولية تبني الأمم أو تهدمها    تداول 55 ألف طن و642 شاحنة بضائع عامة ومتنوعة بموانئ البحر الأحمر    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



محمود الكردوسي.. رحيل مقاتل لا يحب المحايدين
نشر في الوطن يوم 26 - 02 - 2022

ولد الكاتب الصحفي محمود الكردوسي في قرية نائية، لكن حياته كانت مليئة بالأحداث الصاخبة، تفتحت عيونه على أم ظلت ترتدي ثوب الحزن طوال حياتها.. بينما كان هو أكثر المحبين للحياة، كان طيبا على طريقة والده الفلاح البسيط، وقاسيا وعنيدا بحكم أنه قضى أول 18 عاما من عمره في بيئة زراعية محصورة بين جبلين، كان عنيفا في حبه وفي غضبه، منحازا لقناعاته ولا يقبل الحياد، ويعتبر الموت لحظة فاصلة تمنح الشخص شهادة الخلود أو النسيان، لذا لم يخشاه أو يهابه، بل كان كتابه الأخير أقرب لحالة غزل مع الموت، وكأنه استشعر قرب اللحظة.. واطمأن للنتيجة.
ولد محمود الكردوسي في قرية المدمر التابعة لمدينة طما بمحافظ سوهاج، بيئة واضحة تجبر من يعيشون فيها على السير في خط مستقيم يفصل بين جبلي الشرق والغرب، في هذا المكان يعيش الناس على لون واحد.. هو الأسود، لون الأرض الزراعية، ولون ملابس غالبية النساء، هو لون الحزن.. والظلام الذي يقسم ساعات اليوم بحدة إلى نهار شاق في حركته، وليل يقتل كل مظاهر الحياة.
حكاية محمود الكردوسي مع اللون الأسود
عاش محمود الكردوسي، ال18 عاما الأولى من عمره في هذا المكان، كانت والدته امرأة ريفية بسيطة لم تخلع اللون الأسود منذ ولادته إلى أن فارقت الحياة، وحين اشتري لها ثوبا من القطيفة لونه كحلي، رفضت أنت ترتديه خوفا من أن يقلل من وقارها، وكان والده فلاحا بسيطا التحق بركب التجارة بحثا عن سعة الرزق، وعاش على أمل أن يرى نجله ضابطا أو مذيعا شهيرا، لكنه فارق الحياة والابن صحفيا.
تعلم محمود الكردوسي من والدته أن يكون طيبا في عطائه، وتعلم من والده أن يكون حازما إلى حد القسوة في تعاملاته، وتعلم من أهل قريته أن يكون عنيفا في حبه وغضبه وحزنه، حادا في الدفاع عن قناعاته، ولا يقبل الحياد، ففي عامه العاشر شاهد نساء قريته يصرخن في الشوارع حزنا على رحيل جمال عبدالناصر، شاهد نحيبهن وهن يهلن التراب ويضعن الطين على رؤوسهن، حزنا على رحيل رجل لا يملك لهن نفعا ولا ضر، وقتها أدرك أن الموت مناسبة للاحتفال بالحزن.
رحلة محمود الكردوسي مع الصحافة
جاء محمود الكردوسي إلى القاهرة، وعمره 18 عاما، ليلتحق بكلية الإعلام جامعة القاهرة، رغم أنه كان يرغب في دراسة الهندسة، وحصل على شهادة البكالوريوس قسم صحافة عام 1981، ليتفرغ بعدها لصناعة حكايته الخاصة في بلاط صاحبة الجلالة، وتنقل بين العديد من الإصدارات والمؤسسات الصحفية الرسمية والخاصة.. ليجمع فصول هذه الحكاية، ما بين مجلات 7 أيام ونص الدنيا والأهرام العربي في مؤسسة الأهرام، وجريدة صوت الأمة والمصري اليوم، وأخيرا صحيفة «الوطن» المحطة التي زادت من توهجه، وكانت نقطة عبور لشخصيته في الكتابة، على صفحاتها اشتبك في معارك الدولة ضد المتآمرين على مؤسساتها، وكان مقاتلا يحول الكلمات إلى دانات مدافع، وطالما اكتوى بكلماته الإخوان ومن يحترمونهم، كان صاحب أسلوب مميز، يكتب وكأنه يحكي لأشخاص يعرفهم، يكتب لأجل ما يحبه ومن يحبه، ولا يشغل باله بدوي كلماته.
كان محمود الكردوسي يحب الكتابة، يطوعها على صفحات الجرائد لخدمة ما يؤمن به من قضايا، ويغويها بأن تحمل ما يرغب في التأريخ له بين ضفتي كتاب، وصدر له «مرة واحد صعيدي» عام 1996، وكتاب سيرة بعنوان «ورق دشت»، ورواية «ذائقة الموت»، والإصدار الأخير كان أقرب إلى حالة غزل في وقار وجلال الموت، وكأنه يراه مناسبة تستحق الاحتفال، احتفال بالحزن على فراق عزيز، ولحظة تمني ألا تكون قاسية على ابنتيه، لذا كتب لهما في هذه الرواية عدودة من الفلكلور الصعيدي تقول: «يا بنت أبوكي وردتين على الخد.. أوعاكي تقولي زي أبويا حد، يا بنت أبوكي وردتين ع الرأس.. أوعاكي تقولي زي أبويا ناس»، قبل أن يرحل عن عالمنا الجمعة 25 فبراير 2022.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.