هناك نظرية عامة تحكم أداء «الصنايعية»، يمكن وصفها بضمير مستريح ب«نظرية الصنايعى»، فلكى تأخذ من أى «صنايعى» مستوى خدمة يقترب مما تطمح إليه، فمطلوب منك أن «تقف على يديه»، ولا تتركه لحاله. ولك أن تتوقع -إذا تركته- أن تنال أقل بكثير مما تريد، وقد لا تنال شيئاً فى أحيان، وعليك فى كل الأحوال ألا تستسلم بسهولة لما يقوله «الصنايعى» لك. لو أنك استعنت بنقاش» -على سبيل المثال- لكى يعيد لك طلاء شقتك، فتوقع فى البداية أن يسرح بيده على الحائط (المدهون أصلاً)، ليقول لك: «الحيطان معوجة» وتحتاج «سكينتين معجون» فى أقل تقدير، ربما قلت: وما المانع.. «نديها سكينتين معجون». عند هذه اللحظة يبدأ «الصنايعى» العمل، وإن لم تكن «قاعد على إيديه»، فتوقع أن يضرب فى الحوائط سكينة معجون واحدة بدلاً من سكينتين، وإذا حدث وضرب السكينتين فلا تتفاءل بأن تحصل على «حيطان مستوية»، إلا إذا جلست أمامه وأخذت تطارد فيه وتتابع أداءه من أول لآخر لحظة. حكومتنا الرشيدة تحتكم إلى هذه النظرية فى العمل، فتؤدى كما يؤدى «الصنايعية»، فإذا تركتها لحالها فلا تتوقع منها شيئاً، لا تنتظر منها إلا «الطلسأة» أو «الكروتة». لعلك تلاحظ هذه الأيام الانتشار الواضح لرجال المرور فى الشوارع، والكمائن التى تنصب هنا وهناك لتكشف عن درجة «فوقان» السائقين، وتقبض على «المساطيل» منهم، كل هذا يحدث، لأن الإعلام بعد فاجعة أوتوبيس «البحيرة» التى راح ضحيتها أطفال فى عمر الزهور آخذ فى تسليط الضوء على ما توليه الحكومة من اهتمام بضبط المرور على الطرقات، لمنع تكرار هذه الحوادث، والأمر نفسه ينطبق على الانتباه للمدارس الخربة والآيلة للسقوط والتى يدرس فيها أطفالنا وتهدد حياتهم فى كل لحظة، فثمة التفات هذه الأيام من جانب هيئة الأبنية التعليمية للتعامل مع المشكلة، والسر فى ذلك أن أجهزة الإعلام «واقفة على إيدين» وزارة التعليم، وتشير إلى خلل هنا وشروخ هناك!. الحكومة فى أمس الحاجة إلى من يقول لها إن هناك خطأ فى هذا الجانب، وإن هذه المشكلة تحتاج مراجعة، وإن طريقة الأداء فى هذا الملف ليست مرضية، تماماً مثل النقاش الذى لا بد أن تراجع وراءه وتقول له: إن الحوائط غير مستوية فى هذا الجزء، وإنك تركت «حرامية هنا» وأخرى هناك!، وإنك لم «تصنفر» هذا الحائط، كما ينبغى، وهكذا حتى تحصل على الحد الأدنى للخدمة، ودور الإعلام فى هذا السياق شديد الأهمية، خصوصاً إذا ابتعد عن «التطبيل» والتهليل، إلا فى الحالات التى يرى فيها أن الحكومة تحتاج إلى تشجيع، وفى هذه الحالة يكفى جداً أن يقول لها كما يقول لأى «صنايعى»: «الله ينور». المواطن هو الآخر مطالب بأن يطارد الحكومة فى كل المواقع وأن ينبهها باستمرار إلى أعمالها، ولا يتكل كثيراً على تصريحات مسئوليها، ومثل المواطن الذى لا يتابع حكومته كمثل صاحب سيارة ذهب بها إلى ميكانيكى، لكى يجرى لها عملية صيانة، ثم تركها ورحل، وعاد ليفاجأ بالميكانيكى يرد له، فى سياق إجابته على سؤال: «ماذا غيرت فيها؟»، بقوله: «غيرت العربية كلها».