القاصد يهنئ محافظ المنوفية بانضمام شبين الكوم لشبكة اليونسكو لمدن التعلم 2025    وزارة الداخلية تحتفل باليوم العالمي لذوى الإعاقة وتوزع كراسى متحركة (فيديو وصور)    برلمانى: التسهيلات الضريبية الجديدة تعزز ثقة المستثمرين وتدعم القطاعات الإنتاجية    مطار القاهرة يستقبل المطربة هديل ماجد من ذوي الهمم    استقرار سعر صرف الإسترليني أمام الجنيه فى البنوك المصرية    بالأسعار، الإسكان تطرح أراضي استثمارية بالمدن الجديدة والصعيد    مساعد الرئيس الروسي يصف نبرة الاجتماع الروسي الأمريكي الأخير بأنها بناءة وودية    فلسطين ترحب بتبني الأمم المتحدة قرارات داعمة لقضيتها    الصين: نساعد فى تحسين الوضع الإنسانى فى غزة وتخفيف معاناة الفلسطينيين    صحيفة المنتخب المغربية: مواجهة البرازيل بذكريات 98    عدنان أبو حسنة: تصويت الجمعية العامة للأمم المتحدة بتجديد تفويض الأونروا تاريخي    كأس العالم - حسام حسن: وقعنا في مجموعة متنوعة.. ولدينا طموح للوصول لأبعد مدى    "معتز بالله عاصم" لاعب أندية وادي دجلة ومنتخب مصر للتايكوندو يتوج بالميدالية الذهبية في بطولة العالم تحت 21 عامًا    بالأسماء، إصابة 4 أشخاص صدمتهم سيارة ملاكي في المنصورة    مكاتب البريد تتيح إصدار شهادة بسعر المشغولات الذهبية    دولة التلاوة.. طه عبد الوهاب لمتسابق: دعك من اللجنة والناس وركز مع رب الناس    ورشة حكي تحتفي بعالم نجيب محفوظ في مكتبة مدينة الشروق    بعد ترند «يوتيوب».. رامي جمال يشكر صناع ألبوم «مطر ودموع»    دعاء الرزق وأثره في تفريج الهم وتوسيع الأبواب المغلقة وزيادة البركة في الحياة    عضو الجمعية المصرية للحساسية والمناعة يوضح أسباب تفشّي العدوى في الشتاء    10 وحدات جديدة للكشف عن بُعد بالوادي الجديد    ننشر قسيمة زواج بوسي تريند البشَعة بالإسماعيلية ( خاص )    مراد مكرم : قعدت يومين مش عارف أنام بعد «ورد وشوكولاتة»    غارة أمريكية تقتل عميلا سريا في سوريا.. ما علاقة تنظيم «داعش»؟    رئيس اليمن الأسبق يكشف عن إهدار الفرص السياسية.. وإجبار سالم ربيع على الاستقالة    بالأسماء.. تعرف على ال 6 متنافسين فى حلقة اليوم من برنامج دولة التلاوة    كيف أتجاوز شعور الخنق والكوابيس؟.. أمين الفتوى يجيب بقناة الناس    من بينهم ترامب.. 3 رؤساء حاضرون في قرعة كأس العالم    حافظوا على تاريخ أجدادكم الفراعنة    وزارة العمل: وظائف جديدة فى الضبعة بمرتبات تصل ل40 ألف جنيه مع إقامة كاملة بالوجبات    تفاصيل تخلص عروس من حياتها بتناول قرص حفظ الغلال بالمنيا بعد أشهر قليلة من زوجها    مصر تخطط لوصول الأسطول التجاري البحرى إلى 40 سفينة عام 2030    تأجيل محاكمة طفل المنشار وحبس المتهم بالاعتداء على طالب الشيخ زايد.. الأحكام × أسبوع    إصابة سائقين وسيدة بتصادم توك توك وتروسيكل على طريق شارع البحر بمدينة إسنا.. صور    مخالفات جسيمة.. إحالة مسؤولين بمراكز القصاصين وأبو صوير للنيابة    الزمالك يترقب قرار اتحاد الكرة بشأن قضية زيزو.. واللاعب يجهز للتصعيد    جامعة حلوان تنظّم ندوة تعريفية حول برنامجي Euraxess وHorizon Europe    شركة "GSK" تطرح "چمبرلي" علاج مناعي حديث لأورام بطانة الرحم في مصر    «الطفولة والأمومة» يضيء مبناه باللون البرتقالي ضمن حملة «16يوما» لمناهضة العنف ضد المرأة والفتاة    لتعزيز التعاون الكنسي.. البابا تواضروس يجتمع بأساقفة الإيبارشيات ورؤساء الأديرة    اختيار مشروع جامعة عين شمس ضمن مبادرة "تحالف وتنمية" لتعزيز الأمن الغذائي وتوطين الصناعة    طريقة استخراج شهادة المخالفات المرورية إلكترونيًا    خشوع وسكينه....أبرز اذكار الصباح والمساء يوم الجمعه    جامعة الإسكندرية تحصد لقب "الجامعة الأكثر استدامة في أفريقيا" لعام 2025    بعد انقطاع خدمات Cloudflare.. تعطل فى موقع Downdetector لتتبع الأعطال التقنية    حريق مصعد عقار بطنطا وإصابة 6 أشخاص    وسام أبو علي: نسعى للفوز على سوريا وسأبقى مع فلسطين حتى النهاية    سلوت: محمد صلاح لاعب استثنائي وأفكر فيه سواء كان أساسيًا أو بديلًا    لقاءات ثنائية مكثفة لكبار قادة القوات المسلحة على هامش معرض إيديكس    الأهلي يلتقي «جمعية الأصدقاء الإيفواري» في افتتاح بطولة إفريقيا لكرة السلة سيدات    ضبط 1200 زجاجة زيت ناقصة الوزن بمركز منفلوط فى أسيوط    طريقة عمل السردين بأكثر من طريقة بمذاق لا يقاوم    مصر ترحب باتفاقات السلام بين الكونجو الديمقراطية ورواندا الموقعة بواشنطن    مواعيد مباريات اليوم الجمعة 5 ديسمبر 2025    استشاري حساسية: المضادات الحيوية لا تعالج الفيروسات وتضر المناعة    كيف تُحسب الزكاة على الشهادات المُودَعة بالبنك؟    ننشر آداب وسنن يفضل الالتزام بها يوم الجمعة    الحصر العددي لانتخابات النواب في إطسا.. مصطفى البنا يتصدر يليه حسام خليل    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



عن التكفير وسنينه
نشر في الوطن يوم 31 - 10 - 2014

اعلم يا بُنىّ أن آفة أمتنا كانت فى عدم القراءة، لذلك كانت أول كلمة نزلت من القرآن (اقرأ) رسالة كاملة من رب العالمين لنا، ولذلك أيضاً أقسم الله سبحانه ب«القلم وما يسطرون».. والأمم التى تريد أن تأخذ مكانتها فى الحضارة الإنسانية تقرأ، ولكى نقرأ يجب أن نكتب، وفى بلادنا أصبحنا نقرأ والحمد لله، ولكننا نقرأ العناوين فقط! ثم ننطلق بعدها فى جحافل منظمة للهجوم على ما لم نقرأه والذى اكتفينا بقراءة عناوينه! لذلك أصبحنا الآن أمام آفة أخرى هى آفة ثقافة العناوين، وهى ثقافة «تويترية» و«فيس بوكيّة» أفسدت العقل العربى وجعلته فى منتهى السطحية.
من أجل هذا يا بُنى أدعوك للقراءة الكاملة، ثم التفكير والتدبر، ولك بعد أن تقرأ أن تقبل أو ترفض أو تقبل بعضاً وترفض بعضاً، لك كل الحرية وفقاً لإمكاناتك العقلية وخبراتك الإنسانية، وملكاتك الذهنية، وفى كل الأحوال يجب أن تعلم أن ما نقوله ونكتبه هو بضاعتنا نحن، منسوبة لنا، أنتجتها عقولنا النسبية، سواء كان الذى كتب أو قال هو الحبر العلامة، أو الصحابى أو التابعى، أو الذى قال وكتب هو الأستاذ «عادى» الذى يعيش بيننا، كل ما هو مطلوب منك يا بُنى هو أن تطرح أسماء السادة الكتاب جانباً، وتنظر برويّة وعمق وتؤدة إلى ما كتبوه.
كنت قد دعوت فى مقالة سابقة إلى ضرورة ضبط مصطلح «الكفر» وتوحيد المعنى اللغوى لكلمة الكفر مع المعنى الاصطلاحى، والحقيقة أننى كنت أطالب بضبط مصطلح الكفر على القرآن الكريم، فكل آيات القرآن الكريم تتحدث عن معنى واحد للكفر هو «الستر والتغطية» أى أن الكافر هو من علم الحق ثم أنكره ولم يتبعه، وهذا معنى يختلف عن معنى «عدم الإيمان» لأن غير المؤمن هو واحد من بنى البشر خلق الله له عقلاً، أى أنه لم يخلق عقل نفسه، وعقله هذا الذى خلقه الله له لم يقتنع بالإيمان، سواء بالله أو بالإسلام، رأى هذا المسكين دعاة يدعون للإيمان بالله وهم يقطعون رقاب عباد الله ثم يُكبِّرون «الله أكبر الله أكبر» ثم رآهم يشرحون الإسلام للناس فيقولون عنه قولاً بشعاً لا يقبله عقل أو قلب سليم، هذا المسكين الذى لم يخلق عقل نفسه، ولم يسمع عن الإسلام من أهله إلا الشر لم يؤمن، فإذا بالله يقضى عليه بدخول النار أبد الآبدين بلا انتهاء لأن الشيخ فلان والحبر علان والتابعى زيد قالوا عنه إنه كافر! أين العدل يا بُنىّ فى هذا القول والله هو العدل، ألستَ معى فى هذا؟! ولله المثل الأعلى، ولكننى سأضرب لك مثلاً، أتقبل يا بُنى أن يخلقك الله ضعيف الفهم، ثم يدخلك النار لأنك لم تفهم؟!
الله يا بُنى قال عن الكفر «فلما جاءتهم آياتنا مبصرة قالوا هذا سحر مبين وجحدوا بها واستيقنتها أنفسهم ظلماً وعلواً» هؤلاء جاءتهم الآيات والعلامات فأدركوا الرسالة والنبوة، واستيقنت أنفسهم أنها صحيحة، ولكنهم مع ذلك جحدوا بها وأنكروا صحتها لمجرد الظلم والعدوان، ولذلك يقول الله للرسول (صلى الله عليه وسلم) عن كفار قريش «فإنهم لا يكذبونك ولكن الظالمين بآيات الله يجحدون»، أى أن المسألة هنا ليست متعلقة بعدم تصديقهم لك، إذ إنهم يعلمون أنك نبىٌ أرسلك الله بالهداية، ولكنهم حجبوا هذا العلم جحوداً، وعندما دخلوا معك يا محمد (صلى الله عليك وسلم) فى جدل استخدموا طريقة التعجيز لا طريقة الاستبيان والاستيضاح فقالوا «لن نؤمن لك حتى تفجر لنا من الأرض ينبوعاً»، هيا يا محمد اضرب بعصاك الأرض لتفجر لنا ينبوعاً كبيراً من الماء، ثم خافوا أن يفعلها الرسول فزادوا فى الطلب وقالوا «أو تكون لك جنة من نخيل وعنب فتفجر الأنهار خلالها تفجيراً» أى إننا نريد أن تضرب لنا الأرض فيكون لك حدائق غناء فيها الأشجار والنخيل وتجرى فيها الأنهار! ثم وجدوا أن الأمر قد يكون فى استطاعته فأرادوا تحدياً من نوع آخر هو «أو تسقط السماء كما زعمت علينا كسفاً»، ثم استصغروا هذا التحدى فقالوا «أو تأتى بالله والملائكة قبيلاً»، أى عليك يا محمد أن تأتى لنا بالله والملائكة هنا فى أرضنا فنقابلهم ونشاهدهم! ثم رأوا أن يصلوا إلى نهاية المطاف فقالوا له «أو يكون لك بيت من زخرف»، أى من الذهب والفضة والأحجار الكريمة، ثم قالوا «أو ترقى فى السماء»، أى تصعد أمامنا الآن فى السماء فنراك وأنت تصعد، ومع ذلك «ولن نؤمن لرقيّك حتى تنزل علينا كتاباً نقرؤه»، أى هات لنا رسالة من الله موقعة منه ومختومة بخاتمه تقول إنك الرسول!
لذلك، ولأن جدالهم كان فارغاً ولمجرد الكفر، وليس هدفه الإيمان؛ قال الله للرسول (صلى الله عليه وسلم): «قل سبحان ربى هل كنت إلا بشراً رسولاً».
فإذا قرأنا القرآن على مهل وبرويّة، قراءة خاصة لنا، سنجد أن كل الآيات التى تتحدث عن الكفر والكفار تسير على نفس المنوال، وهو أمر مختلف تماماً عن عدم الإيمان، عدم الإيمان هذا ينطبق عليه ما يخص أهل الفترة، أى الذين لم تصل لهم الرسالة، وإذا قرأنا القرآن أيضاً بتؤدة وإمعان فكر سنجد أن الإسلام أكثر رحابة من الفهم الذى استقر فى أذهاننا، فالله سبحانه قال «إن الدين عند الله الإسلام» وقال أيضاً «ومن يبتغِ غير الإسلام ديناً فلن يقبل منه»، فالإسلام هنا هو التسليم لله، لذلك قال سبحانه عن إبراهيم إنه «كان حنيفاً مسلماً»، وقال الله أيضاً «ووصى بها إبراهيم بنيه ويعقوب يا بنى إن الله اصطفى لكم الدين فلا تموتن إلا وأنتم مسلمون».. وهكذا تجد كل آيات الله، فالإسلام إذن هو التسليم والخضوع لله، لذلك فإن الإنسان محاسَب على خضوعه لله وحده، وفى الحديث الشريف قال رسول الله (صلى الله عليه وسلم): «كل من قال لا إله إلا الله دخل الجنة»، وليس فى الحديث كل من قال لا إله إلا الله محمد رسول الله دخل الجنة، فالشهادة التى تدخل الجنة هى الشهادة بوحدانية الله، وعندما أراد الصحابى أبو عمرو سفيان بن عبدالله الثقفى أن يعرف ما هو الإسلام قال لرسول الله (صلى الله عليه وسلم): يا رسول الله، قل لى فى الإسلام قولاً لا أسأل عنه أحداً غيرك، قال: «قل آمنت بالله، ثم استقم»، فالإسلام إذن هو الإيمان بالله ثم الاستقامة.
هل هناك أبسط من ذلك؟! هذا هو دين الله الذى فهمناه من آيات القرآن الكريم، والقرآن بيننا ولكننا اتخذناه مهجوراً، وسبحانك يا الله يرتجف قلبى فيهتز بدنى وأنا أقرأ الشكوى التى سيقدمها الرسول (صلى الله عليه وسلم) لله رب العالمين يوم القيامة، إذ يقول «يارب إن قومى اتخذوا هذا القرآن مهجوراً» وحين قرأت التفاسير وجدتهم يتحدثون عن كفار مكة على أنهم قوم الرسول، فى حين أن المعنى الواضح من هذه الآية هو أن قوم الرسول (صلى الله عليه وسلم) هجروا القرآن، والهجر لا يأتى لغة قبل الاندماج، أى إن هؤلاء اتخذوا القرآن، ثم هجروه وقطعوا الصلة بينهم وبينه، والقوم هم من يقومون على أمر الرجل، وما دام الرسول (صلى الله عليه وسلم) نسب القوم لنفسه بكلمة «قومى» فيكون المقصود هنا المسلمين، فاللهم ارزقنا فهم القرآن وتلاوته والعمل به.
وللمقال تكملة -إن شاء الله- عن أهل الكتاب، فانتظرونى.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.