حزن شديد أصاب المواطنين المصريين عقب تلقى أنباء العملية الإرهابية التى استهدفت كمين الشيخ زويد الأخير وأدت إلى استشهاد أكثر من ثلاثين جندياً وضابطاً وإصابة أكثر من عشرين آخرين. وهى، كما وصفها الخبراء الأمنيون، تُعد من العمليات النوعية التى تمت بتدريب وتخطيط عسكرى احترافى وتكلفة مالية عالية بهدف إسقاط أكبر عدد ممكن من القتلى والجرحى من الجنود والضباط. وهو ما نجحوا فيه، حيث تم تفجير الكمين بعبوة ناسفة أو سيارة مفخخة، ثم تلغيم المحيط حول الكمين فى حالة قدوم قوات إضافية، وهو ما حدث بالفعل، ثم اشتباك بالأسلحة مع من تبقى من الجنود وملاحقتهم، الأمر الذى كشفه اكتشاف جثة لجندى على بعد كيلومتر على الأقل من موقع الحادث وأيضاً العثور على جندى ناج من المذبحة مختف فى زراعات قريبة من الموقع. إذاً هذه عملية تم التحضير لها بعناية شديدة، ثم الإنفاق عليها بمبالغ كبيرة، سواء للتسليح أو شراء كل ما استُخدم فى العملية من أسلحة وسيارات ومتفجرات. ما نريد أن نصل إليه أننا لسنا أمام عملية انتقامية من الجيش أو الشرطة، ولكننا أمام خطة لإفراغ سيناء من الجيش أو الشرطة لتكون قاعدة لتنظيمات متطرفة على غرار «داعش» فى سوريا والعراق، ثم تكمل مسيراتهم للسيطرة على مناطق والتوسع الجغرافى. إن التركيز على العمليات فى سيناء اشتد من بعد ثورة 25 يناير وتمكُّن فصائل مختلفة من هذه المجموعات من اقتحام السجون وإخراج كثير من قياداتهم العسكرية من داخل هذه السجون وإعادتهم إلى سيناء ثم العمل على نقل تجهيزات عسكرية وأسلحة من ليبيا بكميات كبيرة جداً. الكثير كان يظن أن هذه الأسلحة للتهريب إلى داخل غزة، إنما وضح أنها تم تخزينها فى سيناء لاستخدامها فى تنفيذ المخطط لفصل سيناء وإعلان إمارة عليها. ولعل الاستعراض العسكرى مع رفع رايات القاعدة وتنفيذ عمليات ضد الكمائن الثابتة والاشتراك بالأسلحة ضد أقسام الشرطة كما رأينا اشتباكات عنيفة لساعات مع قسم ثالث العريش والاعتداء عليه بال«آر بى جى» واستهداف الضباط والجنود فى عملية رفح الأولى والثانية وقتل 25 جندياً، ثم خطف الجنود فى عهد الرئيس السابق، لعل هذا التركيز كان إشارة واضحة إلى الإصرار على إفراغ سيناء من أى وجود أمنى وملء هذا الفراغ بأعضاء هذه التنظيمات. الأمر فى الحقيقة تهديد للدولة المصرية ذاتها ومحاولة لتكرار سيناريو سوريا فى مصر بشكل واضح، بالتخطيط للاستيلاء على سيناء كقاعدة للانطلاق نحو الداخل والسيطرة على مزيد من المناطق، أما مذابح الجنود والضباط فهى ما أسميه سيناريو التتار، أى خلق حالة من الرعب فى قلوب الجنود والضباط لإثارة خوفهم من مواجهة مقاتليهم. هذا الأمر يتطلب أن نأخذ الأمر بالجدية اللازمة، وأن تتحرك كل القوى السياسية والاجتماعية لكى تشكل جبهة وطنية للتصدى للإرهاب ومقاومة هذه الأفكار وتعزيز ومساندة قوات الشرطة والجيش، يجب أن تشعر القوات بأنها تخوض معركة وطنية نيابة عن الشعب المصرى الذى يقف خلفها داعماً ومسانداً للدولة وعناصرها حتى استئصال كل أشكال التهديد للوطن والدولة. إن مكافحة الإرهاب واستئصال شأفته حماية للحقوق والحريات الأساسية التى وردت فى الدستور، فهذه الجماعات تقوم بالأساس على إهدار حقوق المواطن وحريته لكى يتم فرض تصوراتهم المعتقدية على المواطنين، وعلى الفئات الوطنية المختلفة والأقليات على اختلافها، لذلك هناك ضرورة لتطوير استراتيجية لمكافحة الإرهاب دون أن نضحى بحريتنا وحقوقنا المحمية بالدستور، فهم يدعون للفوضى، ونحن نعمل على إقامة دولة سيادة القانون وحتى لا يتكرر سيناريو سوريا.