تناول كثير من المواقع الإلكترونية ما طرحه الدكتور صبرى عبدالدايم، مقرر لجنة الأجهزة الرقابية والهيئات المستقلة فى اللجنة التأسيسية لصياغة الدستور، من إنشاء الهيئة الوطنية للإعلام لتنظيم المؤسسات الصحفية والإعلامية المملوكة للدولة التى ستخرج من سلطة مجلس الشورى، ويضم هذا الكيان الهائل 55 صحيفة، 30 قناة تليفزيونية. أكثر من 50 ألف عامل ومديونية تصل إلى 30 مليار جنيه. وطبقاً للطرح، سوف ينبثق مجلسان، هما المجلس القومى للإعلام المرئى والمسموع والمجلس الوطنى للصحافة لضمان حرية الإعلام ومراقبة التزام المؤسسات الصحفية والإعلامية المملوكة للدولة بالمعايير المهنية لضمان مصالح الجمهور ومراقبة احترام القيم ومبادئ المجتمع. إن إنهاء ملكية الحكومة وسيطرتها على وسائل الإعلام يعتبر من الخطوات الأولى الأساسية لفصل الملكية عن الإدارة وفصل الإدارة عن التحرير وإنشاء إعلام مستقل ومسئول، ولكن لا بد أن يتبعه بعض الخطوات والضمانات التى تضمن استقلاليته من أى ضغوط سياسية أو اقتصادية، فعملية التحول من إعلام حكومى إلى إعلام «وطنى»، كما أشار إليها الدكتور عبدالدايم، تتطلب إعلاماً يقوم بدوره التعليمى والتثقيفى والترفيهى دون فرض الحكومة أجندة بعينها على نوعية البرامج ومضمونها، من خلال ما تقدمه من دعم مادى أو من خلال الخلل الإدارى الذى يتجاهل كثيراً من الكفاءات البشرية. لذلك، يجب على سبيل المثال، أن يتبع إنشاء الهيئة الوطنية تغيير فى عدد القنوات المملوكة للدولة؛ لأنه مع استمرار وجود هذا العدد الهائل من القنوات سوف يزيد من نسبة عجز الميزانية، فمن الممكن الاكتفاء بقناة أو قناتين لتقديم إعلام الخدمة العامة، وهو الذى يطلق عليه، الدكتور عبدالدايم، الإعلام الوطنى، وتتحول باقى القنوات أو الإذاعات إلى ملكيات مختلفة مثل الملكية الخاصة والمجتمعية. كما يجب أيضاً إعادة النظر فى الهيكل التنظيمى من هيكل بيروقراطى نمطى إلى هيكل حيوى متابع للبيئة التنافسية والتكنولوجية.. فالنظام البيروقراطى يتمتع بدرجة عالية من المركزية والبطء فى اتخاذ القرارات مما يجعل الإعلام الحكومى غير قادر على التنافس مع الإعلام الخاص، وعلى خلاف ما أشار إليه الدكتور عبدالدايم من أن رئيس الهيئة سيتم اختياره من قبل رئيس الدولة، فلا بد من مشاركة جهات مختلفة مثل ممثلى من الإعلام العام وممثلى من الإعلام الخاص ومنظمات المجتمع المدنى والمنظمات غير الحكومية فى ترشيح بعض الأسماء، مع وجود آليات تضمن تكافؤ الفرص فى عملية التوظيف وعدم التمييز. فكثير من دول شرق أوروبا التى تحولت من إعلام سلطوى إلى إعلام مستقل ومسئول، لم تستطع تقديم ما تهدف إليه الهيئة من تطوير الإعلام وتعدديته (أى تمثيل جميع الأفكار والأيديولوجيات السياسية وتمثيل لجميع طوائف المجتمع) نظراً لعدم وجود ضمانات كافية لاستقلال الهيئة إدارياً واستمرار تدخل الحكومة فى تعيين بعض المناصب حتى تظل الحكومة تسيطر على ما يقدم. كما يجب على المجلس تنظيم الإعلام الخاص وإنشاء قوانين تضمن المنافسة وتجنب سيطرة كيانات كبيرة على وسائل الإعلام وبالتالى توجيه الرأى العام. وأخيراً وليس آخراً، يجب العمل على زيادة الوعى بأهمية دور المجتمع المدنى وخلق الموارد اللازمة واستغلال الكفاءات البشرية من أجل إعلام مستقل لا تتحكم فيه الحكومة أو رؤوس الأموال الخاصة وخلق حالة من النقاش السياسى المتوازن الذى يثرى المتلقى، فلا يمكن أن يزدهر الإعلام دون وجود هذه العناصر من أجل النهوض بالإعلام المصرى.