ربما تكون مشاكل الطلبة المغتربين بالمدينة الجامعية أقل من نظيرتها للطالبات؛ نظرًا لتميُّز مدينتهم بعدة أشياء، أبرزها اقتراب السكن من الحرم الجامعي، فضلًا عن مد فترة غلق البوابة للثانية عشرة منتصف الليل، إلا أن المؤكد أنه لا يوجد مكان يخلو من المشاكل أو الشكاوى؛ خاصةً إذا كانت مدينة تضم هذا العدد الكبير من الطلبة تحكمها قواعد تشبه العسكرية في طياتها، فيما لا تختلف كثيرًا عن ثنائية "السائق وإشارة المرور" في تنفيذها. أزمة التسكين تعلو أيضًا قمة مشاكل المدينة؛ حيث يؤكد عبدالله صلاح الفقي، أمين لجنة الإسكان بالمجلس الطلابي للمدينة، أن اللجنة اتفقت مع الإدارة على أن يدخل مبنيان فقط الصيانة وذلك في فترة الإجازة؛ حتى لا يتعطل الطلاب عن السكن، لكنهم فوجئوا أن الإدارة أدخلت 5 مبانٍ دفعة واحدة في الصيانة، فضلًا عن المبنى رقم 13 الموجود بالصيانة منذ عامين ولم يتم الانتهاء منه بعد؛ ما أدى إلى حرمان 2500 طالب من السكن، أي 40% من إجمالي عدد الطلبة. وأوضح الفقي أن معظم المستجدين لم يتم إسكانهم بالإضافة إلى طلبة المقبول، وعندما تحدث في ذلك مع مدير عام المدن؛ كان الرد أن هذه المشكلة تتعلق بإدارة الجامعة وحلها ليس بيده، مضيفًا أن هناك مباني تمت صيانتها والانتهاء منها منذ عام، وبعد مرور شهر على الصيانة بدأت في التآكل مرة أخرى بسبب سوء صيانة المرافق ودورات المياه بالمباني. ويقول الفقي إن تعطيل الانتهاء من صيانة المبنى رقم 13 الذي يضم عدد 500 طالب حتى الآن؛ تم لتوفير الدعم المقدم من إدارة الجامعة للطلبة، والذي يقدَّر ب700 جنيه سنويًا، أي أن إدارة المدينة توفر من تعطيل إسكان الطلبة 350 ألف جنيه في السنة، وهو ما تكافئهم عليه إدارة الجامعة في الجرد المالي كل سنة. ويتهم الفقي إدارتي الجامعة والمدينة بالتربح على حساب الطالب الجامعي، مؤكدًا أن المبنى الواحد تصل تكلفة صيانته إلى مليون و200 ألف جنيه. وتأتي الرعاية الصحية في المرتبة الثانية ضمن مشاكل الطلبة بالمدينة، وعنها يتحدث عمار العدوي، الأمين المساعد بالاتحاد الطلابي للمدينة، موضحًا أن سيارة إسعاف المدينة موجودة بالصيانة منذ شهر ونصف، وأنهم طالبوا نائب رئيس الجامعة كثيرًا بتوفير سيارة أخرى لكن لم يتم تلبية ذلك. وأشار إلى الحادث الذي وقع مؤخرًا بالمدينة، عندما سقط طالب كلية الهندسة من شرفة حجرته، مؤكدًا أن السبب الأساسي في وفاة الطالب هو عدم وجود سيارة بالمدينة تنقله للمستشفى، وأن الطالب ظل ملقى على الأرض بعد سقوطه لمدة 45 دقيقة دون إسعاف، إلى أن تم استدعاء سيارة من قصر العيني. ويستكمل العدوي حديثه عن أزمة الرعاية الصحية بالإشارة إلى عيادة المدينة وطبيبها، موضحًا أن العيادة غير مجهزة بأي إسعافات أولية لإسعاف الطلاب، وطبيبها لا يروه بالعيادة إلا قليلًا، وإذا تواجد تكون مهمته تحويل الطالب لمستشفى الطلبة. ويذكر أن أحد طلاب المدينة أصابته تشنجات ليلًا، وعندما طلبوا الطبيب وجدوه بالخارج، وجاء بعد مرور أربع ساعات ولم يسعف الطالب حتى بحقنة مهدئة، قائلًا إنه لا يتحمل مسؤولية إعطاء طالب أي أدوية. أما المطعم فيحتل المرتبة الثالثة في أزمة المدينة. وعلى الرغم من تأكيد العدوي أن حال الوجبات والمطعم هذا العام أفضل من الأعوام السابقة، إلا أن انتشار الحشرات به أثار استياء الطلاب، حيث يقول محمد داوود إن المطعم تسكنه الكثير من الحشرات، علاوة على عدم التنظيف الجيد له باستمرار. ومن جانبه، أكد محمد حسن، مدير إدارة التغذية بالمدن الجامعية، أن الإدارة تقدم أعلى مستوى في الخدمة رغم عدد الطلاب الذي يتعدى العشرة آلاف طالب. فالإدارة أضافت منتجات جديدة على الوجبات وتأتي بها من أجود الشركات بالأسواق، موضحًا أن تلك الشكاوى تعود إلى "دلع" بعض الطلبة بعد ثورة يناير، فيما يدرك الطالب الجاد الذي يقدر قيمة المدينة مستوى الخدمة بها، أما الطالب "المستهتر" فيصدر شكاوى دون وجه حق، على حد تعبيره. كما أشار إلى أن التقصير، إن وجد، يرجع إلى ضعف ميزانية المدينة هذا العام مقارنة بالأعوام السابقة؛ نظرًا لأحوال البلد الاقتصادية، علاوة على نقص العمالة بالمدينة لعدم وجود تعيينات حاليًا، ما يؤدي إلى قصور في بعض الخدمة خارج عن إرادة المدينة. كذلك أكد أن العاملين بالمطعم يتم الكشف عليهم دوريًا وإصدار شهادات صحية لهم تجنبًا لأي عدوى، ويخضع الطعام لإشراف من الصحة والبيئة لضمان سلامته، كما يتم رش مبيدات بالمطعم لمكافحة حشرات فصل الصيف. وعن أزمة التسكين، أكد عز سعودي، مدير عام إدارة مدينة الطلبة، أن المتفق عليه بين إدارة الجامعة والمدينة هو دخول مبنى كل عام للصيانة، ولكن هذا العام وصلت شكاوى متعددة من أحوال الصيانة، موضحًا أن هذا الأمر استثنائي هذا العام فقط؛ لأن في السابق كان يوجد صيانة ذاتية للمباني، مشيرًا إلى أن عجز الموازنة هو السبب الرئيسي في عدم الانتهاء من أعمال الصيانة حتى الآن؛ حيث إن مقاولي البناء يطالبون بمستحقاتهم المالية أولًا لضمان حقهم قبل الانتهاء. وأوضح أن دخول أكثر من مبنى في الصيانة دفعة واحدة يعود إلى الإدارة الهندسية للمدينة وإدارة الجامعة، وأضاف أن الشؤون الهندسية للمدينة يصدر منها بعض التقصير، مطالبًا بإخضاع الجميع لمبدأ الثواب والعقاب، مشيرًا إلى أنه عند مطالبة بعض الطلاب العام الماضي بإقالة مدير الشؤون الهندسية للمدينة، كان الرد أنه موظف حكومي لا يمكن إقالته، إنما يكون عقابه من خلال تدرجه الوظيفي. واستكمل سعودي أنه لا سلطان له على طبيب الرعاية الصحية للطلبة بالمدينة، موضحًا أن إمكانات عيادة المدينة ضعيفة جدًا، ودور طبيبها هو تحويل الطالب للمستشفى فقط، وأشار إلى أن سيارة إسعاف المدينة مجهزة لنقل الطالب فقط وليس إسعافه، وحاليًا متواجدة بالصيانة، مؤكدًا أنه طالب إدارة الجامعة بتوفير سيارة جديدة ولكن نظرًا للتصديقات والإجراءات الإدارية المتبعة لشراء السيارة والمعدات لم يتم تحقيق ذلك حتى الآن. وأشار إلى أن نقص العمالة هي السبب الرئيسي في مشاكل المطعم والنظافة، مؤكدًا أنها أزمة دولة وليست مدينة جامعية، وأن القوانين التي خرجت من الدولة مقيدة لتعيين أي عامل أو تثبيته لظروف الدولة، مضيفًا أن فكرة العمالة المؤقتة أصبحت مرفوضة من العمال؛ حيث يريد العامل التثبيت بمرتب بعد مرور شهر على عمله. وتحدث سعودي عن أمن الجامعة، مشيرًا إلى تأثر المدينة بقرار إلغاء الحرس الجامعي، مطالبًا بعودته مرة أخرى شرط ألا يتدخل الحرس في شؤون المدينة الداخلية، إنما تكون مهمتهم حماية بوابات المدينة دون الاحتكاك بطلابها، مؤكدا أن المدينة عانت بشكل كبير من الانفلات الأمني أثناء الثورة ولم تجد مَن يحمي بواباتها والدفاع عنها سوى طلابها وعمالها، وأنه اقترح على إدارة الجامعة الاتفاق مع شركات أمن واستبدالها بالأمن الحالي للمدينة.