يتذكر دائماً «الجمهورية العربية المتحدة»، يعتبر مصر وسوريا «إيد واحدة»، فمصر هى الأم الكبرى التى تحنو على أطفالها الرضع، لكن الواقع كان أكثر صدمة بالنسبة ل«أمين كزكز - 27 سنة» أحد النازحين من سوريا بسبب الحرب الشعواء التى يشنها نظام الأسد على مواطنيه، هو المنسق الإعلامى لخيمة سوريا التى ظلت لفترة طويلة تتخذ ميدان التحرير مقراً لها للتعريف بالثورة السورية، ولاستقبال النازحين. «معندكش لاجئة سورية عايزة تتجوز؟» سؤال قابله «كزكز» عدة مرات خلال فترة إقامته القصيرة بالقاهرة التى لا تتعدى عاماً واحداً، للوهلة الأولى أصيب الرجل بالصدمة: «توقعت أن تدعم الحكومات العربية الثورة السورية بكل الوسائل، لكن لم يخطر بخلدى أن تكون إحدى تلك الطرق استغلال ظروف السوريات فى الزواج بهن بأرخص الأسعار، واعتبارهن سبايا فهذا أمر خطير». البداية بالنسبة ل«كزكز» عندما اكتشف وجود «سماسرة زواج» مصريين يعملون على تزويج السوريات من العرب وعلى رأسهم السعوديون: «محافظة 6 أكتوبر على سبيل المثال تؤوى الكثير من النازحين السوريين الذين يعانون من أسوأ الأوضاع، الثورة فى سوريا لم تترك للشعب شيئاً، حتى رجال الأعمال الذين كانوا يملكون الملايين خسروا كل ما يملكون خلال الثورة، لذلك فأغلب من جاءوا إلى مصر يعيشون فى ظروف صعبة، ووجدت أحد الإخوة المصريين، رغم التزامه الدينى ولحيته التى قاربت بطنه يأتى بعريس سعودى لأسرة سورية تعيش فى أكتوبر، ورغم رفض الأب التام للزيجة بهذه الطريقة، فإنه ظل متردداً لفترة بسبب سوء أحوالهم المادية، وحتى العريس الذى جاء به كان أكبر من الفتاة بما يقارب الضعف، وكأن كل سورية على استعداد للزواج من أى شخص يتقدم لها». الموقف الذى تعرض له «أمين» لم يكن الأخير، بل تبع ذلك عدة محاولات للزواج من السوريات أغلبها تأتى من شيوخ -بحسب روايته- ويحكى: «هناك العديد من الجمعيات الخيرية التى تهدف إلى مساعدة السوريين النازحين، وفى أحد الأيام كلمنى الشيخ المسئول عن تلك الجمعية، وقال لى إن هناك عريساً مصرياً مليونيراً ويبلغ من العمر 34 سنة ويريد الزواج من سورية بأى طريقة لما هو معروف عنهن بأنهن جميلات وربات منزل من الدرجة الأولى، وأيضاً يدللن أزواجهن، ولما رفضت الزواج بهذه الطريقة تعجب الرجل على الرغم من أنه رجل دين ويعرف الحقوق والواجبات». «أمين» نزح إلى مصر منذ بداية شهر ديسمبر 2011، ومن وقتها وهو جزء من الثورة المصرية والسورية معاً، وعضو فاعل فى خيمة سوريا بالتحرير، ومن هذا المكان جاء له أكثر من عشر مواطنين مصريين - بحسب قوله - يريدون الزواج من سوريات: «يمرون على الخيمة فيجدون لافتة مكتوباً عليها الثورة السورية، فيأتون ليطلبوا بنات سوريات للزواج، وأحدهم قال لى أنا معايا 50 ألف جنيه وعايز أتجوز سورية». ويكمل «أمين» بحزن شديد: «لا أعرف من أعطى للشباب المصريين هذه الفكرة السلبية عن بنات سوريا، لماذا يعاملوهن كسبايا بدلاً من دعم الثورة السورية بالروح والمال، وهذه الأموال التى تعرض علينا يومياً للزواج من السوريات لماذا لا يضعونها فى الأماكن التى تدعم الثورة السورية ويكفلون رجوعاً آمنا لكل أسرة سورية فى القاهرة بدلاً من استغلال حاجتهم إلى المال». حالة «أم خالد» السورية الجنسية التى تعيش فى القاهرة منذ 8 أشهر تتشابه فى بعض تفاصيلها مع ما يحكيه «أمين»، «أم خالد» متزوجة وتعيش فى «فيصل»، ومنذ نزوحها إلى مصر يأتيها يومياً مواطنون يطلبون منها الزواج من سورية: «أكثر من 60 مواطناً مصرياً من الجيران والمعارف أتوا إلى منزلى بحثاً عن السورية»، ما يضايق «أم خالد» ويثير غيظها هو وضع الرجالة المتقدمين للزواج، فكلهم - كما تحكى - متزوجون ولديهم أبناء، لكنهم يسألون عن السورية باعتبارها زواجاً رخيصاً لن يكلفهم شيئاً، وأغلب المتقدمين تعدت أعمارهم الأربعين والخمسين عاماً ويريدون شابة فى العشرينات من عمرها.. بلكنة شامية ختمت «أم خالد» كلامها: «هادا حكى مهين».