بخفة وإقبال على الحياة يتحرك الطفل «محمد» بين «حي الأشجار» و«منطقة المجزر»، بمدينة المنصورة في الدقهلية، يحاول دائما إثبات نضوجه، لم تتوقف فرحته عند الاحتفال بعيد ميلاده الحادي عشر، خلال الأسبوع الماضي في شقتهم التي استأجرها والده حديثا، حيث أصبح من سكان الأبراج التي تضم مصعدا سيوفر جهده في صعود السلالم بمسكنه القديم، إلا أن المصعد الذي فرح به كان سببا في إنهاء حياته. وفاة الطفل «محمد» في بئر الأسانسير «محمد أحمد حسين صالح»، 11عاما، دفع ضريبة إهمال المحليات التي تركت الأبراج والمصاعد دون ترخيص، فضلا عن طمع صاحب العقار، الذي يُحّصل مبالغ شهرية لصيانة الأسانسير، إلا أن السكان لا يجدون أي مردود حقيقي، ليسرق الإهمال والطمع حياة «محمد» إلى الأبد، بعد سقوطه من مصعد الطابق السادس ليُخرجه أخيه وخاله من بئر الأسانسير جثة هامدة، بعد أن تحطمت عظامه. والدة الطفل كان تطمئن عليه من الشرفة وسمعت صراخه عاد «محمد» إلى البرج من محل شقيقه «عمر» وفي يده «ساندوتش»، وقفت أمه تنتظره في الشرفة، فهم سكان جدد في المنطقة وتخشى أن يتعرض ابنها الصغير لأي مكروه، ظلت تتابع ابنها حتى دخل باب العقار، فاطمئن قلبها، وما هي إلا ثوان معدودة حتى سمعت صراخ الطفل محمد: «إلحقيني يا ماما، إلحقيني ياماما»، أصيبت الأم بالجنون بسبب صراخ واستغاثات «محمد».. هرولت على سلم العقار تنادي على ابنها دون رد، فتجمع السكان، وطلبوا ألا يحرك أحد الأسانسير، وخلال دقيقتين حضر شقيقه «عمر» واستعان ب«جمعه البواب» في فتح باب الأسانسير فإذ ب«محمد» غارقا في دمائه في البئر، مهشم العظام والرأس، لتنقله سيارة الإسعاف للمستشفى إلا أن المسعفين أكدوا وفاته وطلبوا شرطة النجدة حتى يتم إثبات الحالة. دماء محمد لا تزال على سلم العقار وكأنه يقول لكل من يدخله انتبه لقد سقطت هنا جثة ضحية الإهمال والطمع، وترفض أسرة الطفل إزالة الدماء إلا بعد أن تأمر النيابة بمسحها. شقيق الطفل يروي التفاصيل وقال «عمر»، شقيق الطفل محمد، إنه كان برفقته قبل الحادث بدقائق، وأخذ «ساندوتش»، وتوجه به إلى مسكنهم الجديد في حي الأشجار: «انتقلنا للمسكن الجديد في أول سبتمبر 2021، واحتفلنا بعيد ميلاد محمد يوم 10 سبتمبر، وفوجئت باتصال: إلحق محمد وقع في الأسانسير، فأخذت تاكسي سريعا وخلال دقيقتين كنت في البيت، فوجدت محمد غارقا في دمائه وأخبرني المسعفين بوفاته». وأضاف شقيق الطفل محمد ل«الوطن»، أن محمد عندما صعد بالأسانسير إلي شقتنا سقط من الكابينة وحشر جسده ما بين الجدار والكابينة وسقط من الأسانسير على الأرض فمات، وطالب بحق شقيقه مؤكدا أنه لن يتنازل عن حقه أبدا من كل من تسبب في وفاته، لأنه فقد «عصفور الجنة» وبسبب الحادث تعيش أسرته حزن لا يوصف فحالة والدته ووالده لا يمكن وصفها. الجيران: السكان تركوا الإقامة في البرج بسبب الأسانسير وأكد الجيران أن هذا الحادث ليس الأول في البرج وإنما تسبب الأسانسير في شق قدم ساكن من قبل وترك الإقامة بالبرج، مؤكدين أنه لا يمر أسبوع إلا وتظهر مشكلة في البرج بسبب الأسانسير.