بدأ هذا العام 2014 تشغيل أكبر وأحدث محطة طاقة شمسية على مستوى العالم، وهي مكونة من ثلاث وحدات مجموع قدراتها العظمى 392 ميجاوات كهرباء، وهي محطة إيفانباه الشمسية Ivanpah Solar Electric Generating System وتشمل هذه المحطة الشمسية ثلاثة أبراج ارتفاع كل برج من هذه الأبراج 459 قدم (أو نحو 140 مترا) وتم وضع غلاية البخار التي يبلغ وزنها 2200 طن فوق قمة كل من هذه الأبراج. تشغل هذه المحطة مساحة 3500 فدان (أي نحو 14.5 كيلو متر مربع) وهي تعتمد على طريقة تركيز القدرة الشمسية والمعروفة باسم (Concentrated Solar power CSP) وتكفي لتغذية 140ألف مسكن باحتياجاتها الكهربية وهي تستخدم 173500 مرايا شمسية مساحة الواحدة منها 70 قدما مربعا (أو 6.5 متر مربع) موجهة إلى ومركزة على الأبراج الثلاثة، ومولدة بذلك البخار الذي يدير التوربينات البخارية، والتي بدورها تدير مجموعة مولدات الكهرباء. ويبلغ معامل القدرة للمحطة 30% وعمرها الافتراضي 30 عاما. واستغرق بناؤها أكثر من 3 سنوات. ولا تشمل هذه المحطة وسائل لتخزين الطاقة لتوفير الطاقة الكهربية أثناء غياب أشعة الشمس. وبلغت تكلفة المحطة الشمسية 3300 مليون دولار أمريكي. ويشير الخبراء إلى أن احتمالات استمرار تشغيل هذه المحطة لفترة 30 عاما هو احتمال ضئيل جدا جدا وغالبا لن يستمر تشغيلها لأكثر من عشرين عاما. ومن واقع هذه البيانات عن أحدث محطة طاقة شمسية على مستوى العالم يجدر بنا أن نشير إلى الملاحظات التالية: أولا: هذه المحطة الشمسية الأحدث تكنولوجيا على مستوى العالم والتي تبلغ قدرتها العظمى 392 ميجاوات كهرباء (متوسط القدرة على مدار العام 123 ميجاوات كهرباء) وإجمالي الطاقة المتوقعة منها خلال العام الواحد تبلغ نحو 1080 ميجاوات كهرباء. ساعة في العام وتشغل مساحة 14.5 كيلو متر مربع. فإذا كانت مصر في حاجة إلى توفير 3000 ميجاوات كهرباء سنويا لاحتياجات التنمية الاقتصادية وزيادة السكان فإنها ستحتاج في حالة تبني محطات الطاقة الشمسية (استنادا إلى تصريح السيد المهندس رئيس مجلس الوزراء الذي صرح بإعطاء الأولوية لمحطات الطاقة الشمسية علي المحطات النووية) إلى مساحة نحو 1500 كيلو متر مربع أو نحو 37 ألف فدان أي ما يعادل المسافة من الساحل الشمالي حتى أسوان وبعرض نحو 1.5كيلومتر مربع. فهل يمكن توفير هذه المساحة سنويا إلى ما شاء الله أن يرث الأرض ومن عليها. وبمقارنة ذلك بمحطات الطاقة النووية فإنها تحتاج إلى مساحة لا تتعدى 0.5% من المساحة التي تحتاجها محطات الطاقة الشمسية لتوفير ذات القدرة الكهربية. ثانيا: عمر هذه المحطة الشمسية مخطط له 30 عاما واحتمالات التشغيل على مدى هذه الفترة ضئيل جدا جدا حسب تقدير الخبراء الأمريكيين وبعدها يلزم تكهين هذه المرايا الشمسية والتى يبلغ عددها 173500 مرايا شمسية (مساحة الواحدة منها نحو 7.5 متر مربع) والتي يدخل في تصنيعها العديد من المواد الخطيرة والسامة. وبمقارنة ذلك بمحطات الطاقة النووية والتي يبلغ عمرها الافتراضي 60 عاما وقد تزيد عن ذلك فإن تكاليف تكهينها ضئيلة جدا بل ويمكن الحفاظ عليها كمزارات سياحية بعد تفريغها من الوقود النووي. ثالثا: معامل قدرة المحطة الشمسية لا يتعدى 30% مقارنة بمحطات الطاقة النووية الذي يتعدى معامل قدرة بها 90%. رابعا: تكاليف إنشاء المحطة الشمسية في أكبر من تكاليف إنشاء محطة الطاقة النووية من ذات القدرة وذلك طبقا للإحصائيات العالمية. خامسا: تكاليف الصيانة لمحطات الطاقة الشمسية باهظة جدا مقارنة بتكاليف صيانة محطات الطاقة النووية، بخاصة في ظروف الأجواء المصرية الصحراوية والمثيرة للرمال. سادسا: حضرت محاضرة للدكتور هاني النقراشي (صاحب شركة ديزرتك الشمسية وهو مصري وحاصل على الجنسية الألمانية) بدعوة من مركز المعلومات التابع لمجلس الوزراء وصرح سيادته أن إقامة محطات طاقة شمسية بمساحة بحيرة ناصر قادرة على توفير طاقة كهربية في السنة تعادل تلك التى يمكن توليدها من بترول الشرق الأوسط بأكمله في العام الواحد. وسألته هل أخذ في الاعتباركفاءة محطات الطاقة الشمسية؟ وهل اطلع على البحث الأمريكي الذي يؤكد عدم صحة هذا الادعاء؟ وهل أخذ في الاعتبار أن المرايا الشمسية يجب أن تشغل فقط 70-50% من المساحة المخططة للمحطة الشمسية حتى يمكن عمل الصيانة اللازمة؟ وهل أخذ في الاعتبار العمر الافتراضي للمحطة الشمسية والذي يتراوح بين 15-25 عاما فقط، وغالبا العمر الافتراضي للمحطة الشمسية في مصر لن يتعدى 15 عاما نظرا لطبيعة الجو الصحراوي في مصر والعواصف الترابية؟ وهل أخذ في الاعتبار المواد المستخدمة في صناعة المرايا الشمسية والتي يدخل فيها نحو 50 مادة خطرة وسامة طبقا لما هو منشور عالميا؟ وهل يوجد دولة واحدة في العالم تعتمد على الطاقة الشمسية (أو الطاقة الجديدة والمتجددة بوجه عام) وحدها في توفير احتياجاتها من الطاقة الكهربية اللازمة للتنمية؟ وسأتناول في مقال لاحق الإجابة على هذه الأسئلة. خلاصة القول: لا يوجد دولة واحدة في العالم تعتمد على الطاقة الشمسية وحدها لتوفير متطلبات التنمية الاقتصادية والاجتماعية وإنما تعتمد على أحد أو بعض خمسة مصادر أساسية للطاقة وهي الغاز الطبيعي والفحم والبترول والمساقط المائية والطاقة النووية. ونظرا لمحدودية مصادر الطاقة في مصر فإن استخدام الطاقة النووية هي الإستراتيجية الأفضل، وندعمها باستخدام الطاقة الشمسية وطاقة الرياح والمخلفات والحرارة الجوفية. علما بأن مصر لديها مناجم يورانيوم لابأس بها، كما يمكن استخراج اليورانيوم كمنتج ثانوي من صناعة الفوسفات المتوفر في مصر وكذلك من الرمال السوداء التي تملك مصر منها أكبر احتياطي على مستوى العالم. ونختم القول أن العالم مازال يزيد اعتماده على الطاقة النووية نظرا لحفاظها على نظافة البيئة ورخص أسعار الكهرباء المولدة منها، ويكفي القول أنه يوجد حاليا محطة نووية 435 تعمل، إضافة إلى 73 محطة نووية تحت الإنشاء، وأن الطاقة النووية تغطي حاليا نحو 17% من احتياجات العالم الكهربية في حين أن الطاقة الشمسية تغطي فقط 0.5% من احتياجات العالم وطاقة الرياح تغطي نحو 1%. إن الإستراتيجية المثلى لتوفير الطاقة الكهربية لمصر واللازمة للتنمية الاجتماعية والاقتصادية هي في الاعتماد على الطاقة النووية، مدعومة بمصادر الطاقة المتجددة مثل الشمس والرياح والمخلفات والحرارة الجوفية والمساقط المائية المتاحة.