"إلى أبي وأمي".. "جنة الشياطين".. "النمس".. "أنطوريو وكيلو بطة".. "الميلاد".. أعمال فنية قد لا تسمع عنها من قبل، إلا أنها كانت خطوات أولى في حياة الفنان الكبير خالد صالح، الذي ظل يحاول سنوات طويلة في سماء الفن المزدحمة بنجومها، حتى استطاع تدريجيا وبخطى بطيئة أن يفرض لنفسه مكانا، وأطل نجمه أخيرا بداية من "ميدو مشاكل" و"تيتو" و"أحلى الأوقات"، وبات أخيرا بطلا سينمائيا وتليفزيونيا، رصع من شخصياته العبقرية نجوما تملأ سماءه، ستظل مضيئة للجميع تشهد له بعد رحيله. "حاتم" و"إبراهيم" و"القنصل".. كانت الشخصيات الأبرز في تاريخ خالد صالح الفني، بين شخصيات أفلام ومسلسلات جسدها ببراعة متناهية، استطاع أن يقنع بها المشاهد كم هو بغيض أو مكروه أو حتى شيطانا، فصنعت من اسمه نجما جعلت جمهوره ينتظر مسلسلاته مع قدوم رمضان، أو أدواره التي ينتقيها بعناية خاصة كبطل أول أو ثانٍ في أفلامه، ترصدها "الوطن" لتجسد رحيل الفنان ال"صالح" المستمر بشخصياته "خالد". حاتم.. "هي فوضى" بين الرشاوى واستغلال المنصب لتحقيق مطامع ومصالح شخصية، وحب جنوني لامتلاك الأشياء وإذلال الأشخاص، كان يبرر أمين الشرطة "حاتم" أفعاله بحجة "اللي مالوش خير في حاتم.. مالوش خير في مصر"، ليحفر "صالح" بشخصية "حاتم" أهم خطوة في مشواره الفني. بحرفية متناهية من خلال نبرات صوته وملامح وجهه التي كانت تتبدل بين القسوة والتعذيب داخل قسم الشرطة، وبين دفء صوته ورهف مشاعره التي تظهر فقط أمام معشوقته "نور" التي تنفر منه، جسد صالح الشخصية الأوقع للفساد القامع داخل أقسام الشرطة، واستغلال السلطة، واقع مصري بين قهر وغليان وظلم يدفع لثورة بالنهاية، قدمه فيلم "هي فوضى" في 2007 كمثال مفصل لمصر قبل 4 سنوات من اندلاع ثورتها. إبراهيم.. "أحلى الأوقات" - عايزة ورد يا إبراهيم. - نعم؟ - عايزة ورد .. إيه مسمعتش؟ نفسي ف ورد يا إبراهيم ومتقوليش بوكيه الورد بعشرين جنيه والنص كيلو كباب أحسن منه، وإنك شايف الكباب رومانسي أكتر م الورد. المشهد الذي تعبر من خلاله معظم فتيات الجيل عن رغبتها في الورد، حتى أصبحن يطلبن ذلك بطريقة غير مباشرة فقط ب"عايزة ورد يا إبراهيم"، فتحول إبراهيم لشباب الجيل جميعهم تطالبه فتاته بشيء من الرومانسية، ليرحل الآن إبراهيم الأصلي تاركا وراءه آلاف من "يسرية" تطالبه بالورد. جسد صالح الزوج الروتيني من الطراز الأول، بين العمل والمنزل سارت حياته على وتيرة واحدة رفضتها يسرية زوجته التي كثيرا ما تقول "الست لما بتتحضن حضن بجد، بتحس إنها فعلا ست" ليغالبها إبراهيم في حديثه "الحب من غير أمل أسمى معاني الحاجات يا يسرية"، وبخفة ممزوجة بواقع البيوت المصرية يتبادلا حديثا خالدا: "- أنا جعان دلوقتي يايسرية. - أطلع أرميلك نفسي من فوق السطوح يا إبراهيم؟ - وتفتكري كده هشبع يا يسرية؟". "مصباح".. تاجر السعادة أبدع في أن يخلق من العتمة نورا رغم فقدانه بصره، فكان مصباحا للناس، يحل مشكلاتهم ويضيء لهم أملا في طريق حياتهم المظلم، رغم ما يعانيه من فقر وقلة حيلة ومشكلات لا أول لها من آخر، إلا أنه كان اسما على مسمى، فاستطاع "مصباح" أن يحل مشكلات الناس ويساعدهم أن يكونوا سعداء رغم تعاسته. حاجته للمال دفعته يذهب للأفراح يغني ويسعد الآخرين، مع مباريات الكرة يهتف ويشجع، سار كل الدروب لإسعاد من حوله، محاولا إيجاد سعادته فيهم، حتى تحول إلى "دجال شهير" يحل مشكلات الآخرين ويبيع لهم راحتهم فأصبح "تاجر سعادة"، يبتسم بسببه الآن ملايين من جمهوره داعين له بالرحمة. عمر.. "الريس عمر حرب" "هتروح على فين، العالم ده كله بتاعي".. كإله نصب نفسه يتحكم في مصائر كل العاملين لديه بكازينو القمار الذي يمتلكه، بعيون لامعة مخيفة وصوت يصدر أوامر غير قابلة للنقاش، جسد خالد صالح أشر أدواره على الإطلاق في فيلم الريس عمر حرب عام 2008. يلتحق للعمل لديه "هاني سلامة" احتياجا للمال، فيتورط في أمور كثيرة دبرها له عمر حرب حتى لا يخرج عن طوعه، بعد أن أحبه كابن له، تحكم في كل الخيوط التي تدير الأحداث، لا يعصون له أمرا، فساده نصبه شيطان يوهم الآخرين أنهم يفعلون ما يريدون، إلا أنهم في حقيقة الأمر ينفذون إرادته هو، حتى يفرض سيطرته أخيرا على "خالد" الذي رغب في ترك كل هذا الفساد بعدما اكتشف ألاعيبه وخداعه. حسن.. "فبراير الأسود" ناقش خالد صالح من خلال فبراير الأسود قصة واقعية من المجتمع المصري، تحققت تماما بعدها في حادث سانت كاترين الذي راح ضحيته المخرج الشاب محمد رمضان، فعائلة أكاديمية من دكتور جامعي وعالم كيميائي لم يهتم بهم عند وقوع حادث أثناء رحلة سفاري، بخلاف الاهتمام بعائلة قاض وسفير. بعد أن تفكر العائلة في الهجرة وتفشل، يبدأ حسن في مناقشة عائلته وتحديد خريطة للأوضاع الاجتماعية في مصر، يحدد من خلالها كيف يتأقلمون في العيش بها وعمل حساب لهم، 3 منظومات رصدها "حسن" تستطيع العيش بأمان بخلاف باقي المواطنين، وهم منظومة الجهات السيادية والعدالة والثروة مسميها "الفئات الآمنة ليوم الدين"، على خلاف الباقي وفي مقدمتهم العلماء والباحثين مرشحين في أي لحظة "أن يخدوا بالجزمة" فهم ليس لهم قيمة. عادل.. "ابن القنصل" "المزور".. قالب جديد جسده خالد صالح في هذا الفيلم، قدرة فائقة في التزوير جعلته يشتهر باسم "القنصل"، يخرج من السجن يجد من ينتظره محاولا أن يقنعه أنه ابنه، ليستغل قدرته حتى يعلمه مستعينا بفتاة ليل في خداعه. أدى صالح دور المزور المسن المراهق ببراعة، بشعره الأشيب وملامح وجهه المتجعدة جسد، متجاهلا تقدم عمر الشخصية وتأثيرها الذي قد ينعكس على عمر نجوميته وشبابه، إلا أنه بخفة دمه استطاع أن يتفوق على بطل الفيلم أحمد السقا، الذي وجده بعض النقاد "متصنعا" في إفيهاته الكوميدية. رجب.. "فرعون" من المعاناة بسبب الفقر والقهر الذي عاشت فيه شخصية "رجب"، خرج الفرعون بعد أن استطاع سلك كل الطرق الغير مشروعة ليحصل على مال وسلطة يعوض به الحرمان والنقص الذي عانى منه طوال حياته، بصلعته اللامعة وشاربه الكثيف أثبت خالد صالح قدرته على التحول تدريجيا حتى وصل به الأمر إلى أعمق فساد في المجتمع. مواقف مربكة ومفارقات تعرض لها "رجب" منذ بدايته وحتى طغيانه كفرعون، استطاع خلالها خالد صالح أن يجسد شخصية تحولت بسبب الفقر بتفاصيل رائعة، بداية من تحوله للأعمال غير المشروعة وترك حبيبته له مقابل المال وتزوجها من آخر، وقتلها بعدها ثم زيارته لقبرها وحديثه مع شقيقته، أجاد فيها "صالح" إبراز قدراته التمثيلية. فتحي.. "الحرامي والعبيط" خيانة زوجته أفقدته عقله وتحول لمجذوب في الشارع، وجه جديد قدمه خالد صالح في فيلم الحرامي والعبيط، بشعر طويل غير نظيف برع صالح في تجسيد شخصية "العبيط" الذي حاول "الحرامي" الذي جسده صديقه المقرب خالد الصاوي، في التقرب منه لغرض ما. عين "العبيط" كانت مطمع "الحرامي"، فبعد أن فقد الصاوي إحدى عينيه في مشاجرة، بحث عن عين أخرى يستبدلها بعينيه، فلم يجد سوى المجذوب يهتم به ويخدعه ليحصل على ما يريد في النهاية، بمساعدة خطيبته الممرضة التي تجسدها روبي، وينجح في النهاية ويضع "العبيط" العصابة على عينه بعدما كان يضعها "الحرامي". ذكري.. "كف القمر" الشخصية الصعيدية الثانية التي يقدمها خالد صالح بعد مسلسل "موعد مع الوحوش"، استطاع أن يجسد فيها التلاعب من حيث أعماله غير المشروعة، والمسؤولية التي حاول طوال أحداث الفيلم أن يجمع أشقاءه جميعا حتى تراهم والدتهم المريضة قبل وفاتها، والأنانية نتيجة تفضيله لذاته بعض الأحيان على أشقائه. حمّلت "كف القمر" أو وفاء عامر ابنها "البكري" مسؤولية لم شمل أبنائها ثانية، ولا يعود لها سوى بهم جميعا، يطوف ذكري محافظات ونجوع ومدن حتى استطاع جمعهم، إلا أنهم لا يلحقون والدتهم سوى في تشييع جنازتها، وبلهجته الصعيدية التي أجادها قدم الشخصية الرئيسية في الفيلم بنجاح. أحمد الريان.. "الريان" على الرغم من نجاح مسلسل "الريان" وقدرته على تناول سيرة رجل الأعمال المصري الشهير أحمد الريان، ورحلة صعوده وهبوطه في قضايا توظيف الأموال في فترة الثمانينات، وكونه مسلسلا فارقا في تاريخ خالد صالح التليفزيوني، فإن العديد من النقاد لم يشيدوا بدوره معللين ذلك أن صالح ألبس شخصية الريان صفاته، فظهر خالد صالح في صورة الريان وليس العكس. في حين اقتنع الجمهور تماما بشخصية الريان التي قدمها خالد صالح، وكان المسلسل حديث مواقع التواصل الاجتماعي وأداء "صالح" المتقن في توصيل معالم الشخصية التي يجهل البعض عنها الكثير، وبين آراء النقاد والجمهور كان المسلسل نقلة جديدة لخالد صالح، أثبت فيها حضوره سنويا في الخريطة الرمضانية على الشاشة الصغيرة. رفعت السكري.. "تيتو" "إحنا بناخد فلوس الحرامية نستثمرها نعمل بيها مشاريع تنفع البلد، وبنقبض عليهم".. بثبات انفعالي وحبكة أدى خالد صالح دور ضابط الشرطة الفاسد الذي يستخدم "تيتو" وأحد أقاربه في نهب الآثار والسلاح والمخدرات، قبل القبض على المتورطين فيها، ثم اقتسام الغنائم فيما بينهم. كان دور رفعت السكري من بدايات أعمال خالد صالح، التي وضع فيها قدمه على بداية الطريق، حيث ارتبط حينها في أذهان الجمهور، واستطاع أن يثبت وجوده على الساحة، ليكون بوابة العبور الواسعة في عالم السينما والتليفزيون، وارتبط بجملة "أنا بابا يالا". كمال الفولي.. "عمارة يعقوبيان" برع خالد صالح في أدوار الشر والفساد، دور آخر قدمه في فيلم عمارة يعقوبيان، الوزير كمال الفولي، الذي رمز في الفيلم السلطة الفاسدة، واشتهر حينها بجملته "الشعب المصري كله ماسك في ديل الحكومة، كأنها أمه اللي خلفته، حتى لو الحكومة دي ماشية على حل شعرها". في فيلم مليء بأسماء كبار النجوم، استطاع صالح إبراز نفسه بشكل مميز، من خلال شخصية الفولي الانتهازية التي أصبحت المتحكمة الأولى في الانتخابات في مصر، يرشح ويستبعد ويشرف بنفسه حسبما يريد، وقدمها صالح حينها بحرفية عالية جعلت من دوره في الفيلم أحد الأدوار البارزة وسط عدد كبير من النجوم. يوسف.. "بعد الفراق" صحفي طموح يترك بلدته ليغوص في بلاط صاحبة الجلالة، التي تجعله نتيجة طموحه يتبرأ من زوجته سرا "سكرة" لعملها كخادمة، تطلب الطلاق بعدها ويفترقان، وبعدما تسنح الفرصة لثرائها وتركها عملها كخادمة واستكمال دراستها، يفترقان ثانية لتفضيلها المال على المبادئ، لتتزوج من غيره بعدها. يعد "بعد الفراق" المسلسل الثاني بعد "سلطان الغرام" الذي يثبت فيه خالد صالح، قدرته على البطولة مع نجوم آخرين، حتى نال البطولة المطلقة بعدها في مسلسلات تحمل اسمه وتحجز مكانها على الشاشة.