يتعامل مجلس الأمن بجدية شديدة مع الإرهاب الذى تمثله الآن تنظيمات القاعدة وجبهة النصرة وداعش التى تحتل مساحات واسعة من الأراضى بسوريا والعراق، ويمكن القول إن الإجراءات والتدابير التى يتخذها المجلس تعد سابقة هى الأولى من نوعها ضد منظمات لا تعد وفقاً للقانون الدولى دولة (non state actors)، فالقرار رقم 2170 لسنة 2014 الصادر عن مجلس الأمن أكد أن الإرهاب بكافة أشكاله وصوره يشكل أحد أخطر التهديدات التى تحدق بالسلام والأمن الدوليين، وأدان التنظيمات الإرهابية وسماها وهى تلك الفاعلة فى سوريا والعراق، المهم أن القرار شدد على واجب الدول الأعضاء أن تكون كل الإجراءات والتدابير التى تتخذ لمكافحة الإرهاب تلتزم بالقانون الدولى لحقوق الإنسان والقانون الدولى الإنسانى، وهذا مهم، إننا فى حربنا على الإرهاب يجب ألا نهدر القيم الإنسانية التى نؤمن بها وعلى رأسها حقوق الإنسان. أهم التدابير التى أشار إليها القرار هو تجميد الأصول المالية وحظر السفر وحظر الأسلحة لتنظيم القاعدة وداعش وجبهة النصرة وسائر ما يرتبط بتنظيم القاعدة من الأفراد والجماعات والمؤسسات والكيانات، وهنا تأتى أهمية أن تكون مصر فاعلة فى هذا العمل المهم لمواجهة ومكافحة التنظيمات الإرهابية، فما يحدث فى سيناء وعلى حدودنا الغربية والجنوبية والعمليات التى تتم داخل القاهرة من تفجير وعبوات ناسفة وقنابل هى أنشطة إرهابية لفصائل تنتمى بشكل أو بآخر لتلك التنظيمات الواردة فى القرار الأممى، ليس هذا فقط ولكن أدان القرار أيضاً الأعمال التحريضية على ارتكاب أعمال إرهابية أو تبرير الأعمال الإرهابية التى قد تؤدى إلى المزيد من العمليات الإرهابية، الأمر الذى يوجب أن تتحرك الدول الأعضاء وفقاً لمسئوليتها الرئيسية فى حماية السكان. هذا يعنى أن التعاون الدولى مهم جداً فى استراتيجية مكافحة الإرهاب، لاسيما أن هناك آليات دولية محددة لمواجهة الإرهاب، منها التتبع لحركة الأموال الخاصة بالتمويل للتنظيمات الإرهابية والمنظمات والكيانات والأفراد المتورطين فى أعمال إرهابية وفقاً لقرار سابق 1373 لسنة 2001. كذلك لجنة مكافحة الإرهاب التى تتلقى تقارير سرية من الدول الأعضاء بإدراج أسماء تنظيمات وأفراد مقاتلين أو ممولين للجنة المعنية بمكافحة الإرهاب، وهناك قائمة بأسماء تقدمت بها الولاياتالمتحدة وفرنسا وتركيا وأعتقد أنه من المهم أن يكون لدينا فى مصر لجنة مهمتها التفاعل مع اللجنة الأممية بشأن بيانات ومعلومات الأفراد والكيانات وكذلك الدول التى تساعد وتمول وتؤوى وتسهل للتنظيمات الإرهابية عملها. تعزيز القدرة على مواجهة الحركات الإرهابية فى مصر مرهون بتجفيف منابع التمويل والتجنيد للعناصر الإرهابية وإرسال الإمدادات للتنظيمات عبر الحدود، فقرار الأممالمتحدة الذى «يهدف منع وكبح التجنيد أو تنظيم نقل أو تجهيز أشخاص فى بلد آخر، كى ينفذوا أو يجهزوا أو يشاركوا أو يخططوا لهجمات» هذا القرار مهم جداً، لأنه يندرج تحت الفصل السابع من ميثاق الأممالمتحدة، وهو ملزم للدول الأعضاء البالغ عددهم 193 دولة، ويهدد بفرض عقوبات اقتصادية أو باستخدام القوة. العمليات الإرهابية فى مصر تستهدف المدنيين وأفراد الأمن والجيش، وكل يوم يسقط الضحايا فى محاولات مستمرة لتقويض الأمن وإسقاط الدولة، لا سيما بعد التقدم الملحوظ لداعش فى سوريا والعراق أصبحت تجربة ممكنة الحدوث، والمواجهة يجب أن تكون متعددة وتعتمد على قدرتنا، لكن التعاون الدولى مهم، فيجب أن يكون لدينا قوائم مدرجة بأسماء الأفراد والتنظيمات التى تمول أو تساند أو تجند أو تخطط أو تنفذ عمليات للإرهاب، لا سيما أن نتائج هذه الأعمال تعد انتهاكاً جسيماً لحزمة من الحقوق والحريات، يأتى على رأسها الحق فى الحياة والحرية والأمان الشخصى.