عندما فاز الدكتور زويل بجائزة نوبل فى الكيمياء عام 1999، كانت فرحة المصريين لا تعادلها فرحة.. شعور بالفخر والزهو لا يعادله شعور آخر.. شعور بأن مصرياً يحمل جينات الفراعنة الذين اخترعوا آلة الزمن، واخترعوا التقويم الزمنى، يعيد اكتشاف الزمن من جديد، ويضيف بعداً جديداً له ليفتح آفاق المستقبل.. تمنى كل أب أن يرى ابنه فى شخص زويل.. أصبحت شخصية زويل الواقع والحلم، الأمل والرجاء.. الحاضر والمستقبل فى الوقت ذاته.. فما الذى تغير فى شخصية زويل؟ أو ما الذى تغير فى اتجاه المصريين تجاهه؟ نعم برؤية المتابع تغيرت الصورة وأصابها بعض الخدوش إن لم تكن بعض التشوهات على الأقل إعلامياً بحكم أن د. زويل أصبح شخصية عامة. وهنا يصبح السؤال لماذا حدث هذا؟ ترى هل لأنه وعلى مدار خمسة عشر عاماً انتظر المصريون من زويل أن يرد الجميل إليها.. انتظر المصريون أن يروا مشروعات علمية سريعة، تؤتى ثمارها فى «فيمتو» ثانية اتساقاً مع صاحبها.. انتظر المصريون أن يروا جيلاً كاملاً من الباحثين يتم انتشاله من غياهب «جب» الإهمال واليأس إلى قصور «العزيز» العلمية والتكنولوجية.. كانت أحلام المصريين وطموحاتهم متسعة باتساع الأفق العلمى لصاحب جائزة نوبل، ومتسقة مع طبيعة الصورة الذهنية عن إمكانياته.. وهنا اتسعت الفجوة بين المأمول والواقع. ترى هل السبب أن الدكتور زويل المتخصص فى الكيمياء والحاصل على أعلى الجوائز وأرفعها فى هذا المجال دخل إلى مناطق وأحاديث لا يملك أدواتها وأصولها.. مثل حديثه عن قوانين الإعلام وشئونه فى منتدى دبى للإعلام، هل عندما حدثت الثورات المصرية تحدث د. زويل فى شأن سياسى إلى حد طرح مبادرات ومن المتعارف عليه أن العالم عندما يختلط بالسياسة تصيبه شظاياها؟ هل أفرط د. زويل فى الظهور الإعلامى مما قد يفقده بريقه؟ ترى هل أخطأ د. زويل فى إدارته لقضية جامعة النيل، خاصة أنها كانت تمس شباباً متحمساً نجحوا فى كسب التعاطف الجماهيرى؟ ترى هل خيب د. زويل آمال الشعب المصرى حينما انتظروا منه الحديث لصاحب البيت الأبيض وإلى الإدارة الأمريكية وهو واحد من مستشاريها ولكن للأسف لم يصدر عن د. زويل بيان أو نشاط ملحوظ أمام الإدارة الأمريكية أو أمام وسائل الإعلام الأمريكية وكان أقدر على ذلك. ترى هل أخطأ د. زويل عندما غابت عنه لهجة الود الصافية مع جميع وسائل الإعلام وأصبحت هناك لمسة وأقول لمسة استعلاء؟ إن د. زويل حدوتة مصرية بها ما بها من تقلبات الأيام وعبر السنين. إنها درس فى كيفية إدارة وتسويق الصورة الذهنية للشخصيات العامة. إننى أعتقد وبعد أن مَن الله بالشفاء على عالمنا الجليل وبعد أن تم ضمه إلى المجلس الاستشارى للعلماء والخبراء بقرار من الرئيس السيسى جاءته فرصة ذهبية لإعادة الحسابات وتقييم الذات، خاصة أن سرعة تغيير الصورة الذهنية أو إعادة تقديمها لا يتم بالفيمتو ثانية هذا إذا وافقنى د. زويل على تصوراتى هذه. اليوم القرار فى يد عالمنا المصرى الذى أحمل أنا له شخصياً قدراً كبيراً من التقدير، فهو كان وسيظل نموذجاً للتحدى والتفوق. إنها تساؤلات تبحث عن إجابات كنت أتوقع أن أسمعها حينما تشرفت برؤيته فى منتدى «أخبار اليوم» الذى طرحت فيه نفس القضية أو بعد مشاهدتى لحواره مع الأستاذة لميس الحديدى. وللحق أقول لم تكن الإجابات شافية. دعونا ننتظر عملاً كبيراً وثمرة حقيقية تسرع بترسيخ الصورة الإيجابية لإنسان مصرى حقق إنجازاً يستحق التقدير من الكبير والصغير.