ورث الرئيس عبدالفتاح السيسى ملفاً مثقلاً بالتحديات فى أفريقيا، تمثلت فى مكافحة خطر الإرهاب الذى تفشى فى البلدان الأفريقية وتمدد حتى وصل إلى الجوار المصرى، إضافة إلى الأزمة الأكبر والأهم حالياً وهى أزمة سد «النهضة» الإثيوبى الذى بدأت أولى خطوات بنائه فى عهد المعزول مرسى. كان من الواضح أن «السيسى» بدأ حكمه وحركته مكبلة نوعاً ما أمام الملف الأفريقى، بعد أن «بث» المعزول اجتماعه المسموم مع القوى «السياسية» بشأن أزمة السد وما قيل خلال اللقاء من حلول يضع بعضها مصر موضع اتهام وإدانة دولية، إضافة إلى دعم السودان مشروع السد، إضافة إلى إعادة وضع مصر لدى القارة واستعادة دورها ومكانتها. لكن، اتضح أن القارة السمراء من أولويات الرئيس السيسى من خلال عدة مؤشرات، أهمها عندما ظهر فى خطاب حفل التنصيب وجاء فيه: «أما مصر الأفريقية رائدة تحرر واستقلال القارة السمراء، فإننى أقول لمن يحاول فصلها عن واقعها الأفريقى، لن تستطيع فصل الروح عن الجسد، فمصر أفريقية الوجود والحياة.. لن أسمح لموضوع سد النهضة أن يكون سبباً لخلق أزمة أو مشكلة أو أن يكون عائقاً أمام تطوير العلاقات المصرية سواء مع أفريقيا أو مع إثيوبيا الشقيقة». وفى جانب آخر قال: «النيل الذى ظل رمزاً لحياة المصريين منذ آلاف السنين وإلى جانب استمراره كشريان حياة المصريين علينا أن نعمل ليصبح واحة للتنمية والتعاون فيما بين دول حوضه». من جهته قال الباحث فى الشئون الأفريقية أحمد عسكر «إن هناك عبئاً كبيراً على مصر بعد ثورة 30 يونيو فى إصلاح ما أفسده النظامان السابقان مبارك ومرسى فى علاقة مصر بالقارة الأم، وفى هذا الشأن تشير المؤشرات الأولية للنظام الجديد بقيادة السيسى إلى محاولة طى صفحة الماضى مع قارة أفريقيا وبدء صفحة جديدة قائمة على الاستفادة المشتركة والمتبادلة بين دول القارة واستعادة مصر لدورها المعهود والمتميز الذى طالما لعبته فى القارة الأفريقية منذ عهد الرئيس الراحل جمال عبدالناصر». وأضاف «عسكر»: «اهتمام الرئيس فى خطاباته ولقاءاته بأهمية البعد الأفريقى فى السياسة الخارجية المصرية وأهمية الاتجاه نحو الجنوب، ثم حضوره للقمة الأفريقية فى غينيا بيساو، الذى سبقه عودة مصر لاستئناف عضويتها فى الاتحاد الأفريقى بإجماع كامل من الدول الأعضاء، وإعلان الرئيس عن إنشاء المبادرة المصرية للتنمية فى أفريقيا بهدف التعاون بين مصر ودول القارة، كلها تعد مؤشرات إيجابية فى سياسة مصر تجاه قارة أفريقيا التى هجرتها لسنوات». وتابع «عسكر»: «التعامل المصرى مع قضية سد النهضة بعد تولى السيسى رئاسة مصر، أوضح نوعاً من التفهم المصرى لحق دول حوض النيل فى التنمية والاستفادة من المياه فى توليد الطاقة الكهربائية لكن بما لا يضر بالمصالح المصرية فى مياه النيل». وقال «عسكر» إن «زيارة السيسى للجزائر فى أول رحلة خارجية له للتنسيق والتعاون بشأن قضايا الإرهاب فى الشمال الأفريقى، هى بداية لعودة مصر واستعادة دورها وتحملها مسئوليتها التاريخية تجاه قضايا القارة الأفريقية وإن كان ذلك على استحياء ويحتاج لمزيد من تعزيز الدور المصرى فى أفريقيا». قال الدكتور أيمن شبانة، أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة والخبير فى الشئون الأفريقية، إن «العلاقات بين مصر والسودان تحكمها ثلاثة ملفات هى ملف سد النهضة الإثيوبى الذى أعلنت الخرطوم دعمها له، وملف حلايب وشلاتين، والحديث عن إيواء السودان لعناصر إخوانية هاربة من مصر، واستطاع الرئيس السيسى بشكل عام أن يحسن العلاقات المتوترة بين البلدين».