قدمت قطر، التي غالبا ما توصف بأنها "الابن المشاغب" في الخليج، بضغط من من الرياضوواشنطن، "تنازلات" إلى شركائها العرب والخليجيين، من خلال البدء ب"خفض" نشاطات الإخوان المسلمين المثيرة للجدل. وتتالت الخطوات القطرية في الأسابيع الأخيرة، تأكيدا على رغبة الدوحة في إرضاء جيرانها الخليجيين ومصر وواشنطن: الإدانة القوية للمجموعات المتطرفة، الوساطة الناجحة للإفراج عن رهينة أمريكي وعن 45 جنديا دوليا فيجيا في سوريا، البدء بالتقارب مع السعودية بعد ستة أشهر من التباعد، وأخيرا الإعلان خلال الأيام الأخيرة عن مغادرة مسؤولين في الإخوان المسلمين للأراضي القطرية. قال عمرو دراج، أحد قياديي حزب الحرية والعدالة، في بيان نشر على صفحته بموقع "فيسبوك" في ساعة متأخرة من مساء أمس الأول، "إن عددا من رموز الجماعة سيغادرون حتى نرفع الحرج عن دولة قطر"، وأكد مسؤولان من جماعة الإخوان في قطر، ما جاء في بيان دراج. ومن بين كل الانتقادات التي تعرضت لها الدوحة، مسألة دعمها للإخوان الأعلى ثمنا بالنسبة لها في العالم العربي، بحسب محللين، ووجدت قطر نفسها في أزمة مفتوحة ليس مع مصر وحسب، بل مع جيرانها الخليجيين الذين يعتبرون الإخوان المسلمين منظمة "إرهابية" أو "متآمرة" على نظام الحكم. وسحبت السعودية والإمارات والبحرين سفراءها من الدوحة في مارس الماضي، في خطوة غير مسبوقة. وقطروتركيا هما البلدان الوحيدان في المنطقة اللذان دعما علنا الاخوان المسلمين، بعد عزل الرئيس الإسلامي، محمد مرسي، في يوليو من العام الماضي. وقال الخبير في الشؤون العسكرية والأمنية والإرهاب في مركز الخليج للبحوث، مصطفى العاني، إن "الظرف الإقليمي والتحضيرات لشن حرب على تنظيم الدولة الإسلامية في العراقوسوريا، غيرت المعطيات بالنسبة للدوحة وأجبرتها على إعادة بناء الجسور مع شركائها. وبحسب "العاني" فإنه "ليس لقطر خيار آخر غير خفض، وليس قطع علاقاتها مع الإخوان"، بعد أن راهنت عليهم من أجل توسيع نفوذها في المنطق منذ بداية الانتفاضات العربية نهاية 2010. وقال "العاني" إن "قطر لم تستطع أن تقاوم أمام الضغوطات التي تأتيها من كل الجهات، وقد اتخذت قرارا صعبا بالطلب من هؤلاء الأشخاص المغادرة، ما يشكل تنازلا كبيرا". ومن جهته، قال المحلل الإماراتي عبد الخالق عبد الله، أستاذ العلوم السياسية في جامعة الإمارات: "أخيرا نرى أن قطر اعتمدت التسوية والواقعية". وبحسب عبدالله، فإن "قطر التي كان ينظر إليها على أنها الغنمة السوداء في الخليج، لم يعد باستطاعها أن تبقى معزولة عن شركائها، وأن تكون تحت الضغط المتزايد من عواصم مثل واشنطن". وأعرب عبد الله عن قناعته بأن العنصر الحاسم الذي دفع الدوحة إلى تغيير موقفها، هو السعودية التي تعاملت دبلوماسيتها بشكل مباشر مع قطر. وذكر المحلل بأن وزيري خارجية السعودية وقطر التقيا أربع مرات منذ 24 أغسطس الماضي، آخرها كانت الأسبوع الماضي بحضور نظيرهما الأمريكي جون كيري. وقال عبد الله إن "هناك خطرا داهما مع (داعش)، في إشارة إلى تنظيم الدولة الإسلامية. وردا على سؤال حول وجهة قياديي الإخوان المسلمين المحتملة بعد مغادرة الدوحة، أشار المحلل الإماراتي إلى أن "الخرطوم هي الوجهة"، وتمت الإشارة أيضا إلى تركيا وماليزيا وجهات محتملة. وبحسب" العاني" فإن الخط التحريري لقناة الجزيرة يبقى مصدر إشكال بين قطر من جهة، والرياض وأبوظبي والمنامة من جهة أخرى، إلا أن هناك مزيدا من الأمل الآن لعودة السفراء إلى الدوحة.