يجلس مجاورًا لصديقه الرئيس، معتدل الظهر دومًا، ناظرًا لمستقبل لم يكن ظاهرًا ملامح له، شارك في ثورة يوليو 1952 باعتباره أحد أهم رجالها وأركانها، يعلو رأسه "كاب" عسكري، وعلى كتفيه يحتضن غصن الزيتون سيفين متقاطعين يعلوهما نسر الجمهورية العربية المتحدة، والتي احتوت في جعبتها وحدة بين دولتيّ مصر وسوريا. لم يكن تقربه للرئيس جمال عبدالناصر هو السبب الوحيد في توليه منصب وزير الدفاع، حيث كانت كفاءته وقوته التي اتسم بهما أهلًا لتوليه قيادة الجيش، وبلوغه منصب نائب الرئيس. ولد المشير محمد عبدالحكيم عامر، في قرية أسطال بمركز سمالوط بمحافظة المنيا، لأب عمدة وأسرة ثرية، تخرَّج في الكلية الحربية عام 1939، وشارك في حرب 1949، والتي ساعدت الصدفة وحدها في الجمع بينه وبين صديق عمره في نفس الوحدة، حصل على نوط الشجاعة في حرب 1948 وتمت ترقيته استثنائيًا، وذلك وقتما كان يتربَّع خاله محمد حيدر باشا وزيرًا للدفاع. شارك عامر بكل ما أوتي من قوة في نجاح ثورة 1958، والتي ساعدته في تخطي ثلاث رتب عسكرية، من رائد إلى رتبة لواء عام 1953 وهو في ال34 من عمره، وأصبح القائد العام للقوات المسلحة. مشاركته في الثورة جعلت منه أهلًا لأن يتربَّع على عرش وزير الدفاع عام 1954، وتمت ترقيته إلى رتبة فريق بعدها بأربع سنوات، أعقبها بعد أشهر حصوله على رتبة المشير، وكان العدوان الثلاثي على مصر عام 1956 هو الاختبار الأول ل"المشير"، وانتهى العدوان بانسحاب الدول المعتدية. تزوَّج عامر مرتين؛ الأولى من ابنة عمه زينب عبدالوهاب، وأنجب منها ثلاثة أبناء وأربع بنات، والزواج الثاني من الفنانة برلنتي عبدالحميد، التي أنجب منها ابنه عمرو، واعتزلت "برلنتي" الفن بعد زواجها من "المشير"، وكان عمرها 29 عامًا. اتهم السوريون أنور السادات وعبدالحكيم عامر بأنهما وراء إفشال مشروع وحدة الجمهورية العربية المتحدة؛ بسبب "سلوكهما الاستعلائي وتصرفاتهما الارتجالية"، والتي ضرت سوريا واقتصادها، كما اتهمهما اليمنيون بأنهما وراء فشل إلحاق اليمن بمشروع الوحدة المنتظرة بعد الثورة اليمنية، وحرب نصرة اليمن. وبعد وفاته، قيل إن المشير عامر انتحر يوم 14 سبتمبر 1967، حيث ذهبت شخصيات مسؤولة إلى هذا الرأي وربطت هذا بتأثره بهزيمة حرب 1967، فيما أظهرت عدد من الجهات المعنية موته مسمومًا، وذلك عقب إظهار تلك الحقيقة في برنامج "سري للغاية"، للإعلامي يسري فودة، عبر قناة الجزيرة، تحت عنوان "موت الرجل الثاني"، والتي تحدث فيها عن الظروف والملابسات التي أدت إلى وفاة المشير عبدالحكيم عامر، والتي أكدها عدد من المتخصصين في الطب الشرعي والخبراء والمحللين السياسيين الذين أشاروا إلى استحالة انتحار عامر بتلك الطريقة، ولكن "دس السم" له كان عملية محكمة تم تحضيرها بعناية.