سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
لأنه «متسول».. مستشفى عام يرفض علاج مريض ب«الغرغرينة» ويرميه على الرصيف شهود عيان: «مستشفى المنشاوى فى طنطا لا يستقبل مجهولى الهوية سوى جثث فى المشرحة»
ربما كان عزيز قوم، أو أنه ضحية من ضحايا الفقر المدقع، تختفى ملامح وجهه خلف طبقة سوداء من تراب الشارع، يقضى يومه بين أكوام القمامة مجبراً، بمجرد الاقتراب منه تجبرك رائحته الكريهة على الابتعاد عنه، اعتبره أصحاب الأكشاك ضحية جديدة من ضحايا المجتمع، إثر إصابته بمرض غرغرينة السكر فى قدمه. المجهول لجأ إلى مستشفى المنشاوى العام فى طنطا للعلاج بمساعدة الأهالى، فرفضت إدارة المستشفى استقباله بحجة عدم الاستدلال على شخصيته، ليكون مصيره الرصيف بجوار أكوام القمامة المجاورة للمستشفى، بعد أن أمر مسئول الأمن بالمستشفى طاقمه المعاون بطرده من المنشأة. على بعد خطوات من بوابة المستشفى، افترش «المجهول» الأرض فى حضن أكوام القمامة، رجل مسن، أطلق عليه أصحاب الأكشاك والمترددون على المستشفى «رجل القمامة» كونه مجهول الهوية ولا يعرف أحد اسمه، يقول (أ. م - موظف بمستشفى المنشاوى) إن المريض جاء إلى المستشفى مستقلاً سيارة إسعاف، وعندما رفض قسم الاستقبال علاجه من مرض غرغرينة السكر فى قدمه اليمنى، كونه مجهول الهوية وتظهر عليه ملامح التسول بسبب ملابسه الرثة والطين يكسو جسده، أمر مسئول الأمن بإخراجه، فنقله أحد أفراد الأمن إلى جوار مسجد المستشفى الملاصق لغرفة المشرحة، رأفة بحالته وعدم قدرته على السير على قدميه بسبب مرضه، وعدم وجود مكان آخر يوجد فيه، وفى الصباح وأثناء مرور مسئول الأمن أمر بإخراجه من المستشفى قائلاً «أخرجوه من هنا مش عاوزين مشاكل» ما دفع رجال الأمن لوضعه على نقالة وإلقائه فى الشارع بجوار أكوام القمامة والتى لا تبعد عن بوابة المستشفى سوى عدة خطوات. أحد أصحاب الأكشاك المجاورة للمستشفى، رفض ذكر اسمه، أكد أن سيارة إسعاف بيضاء اللون مكتوب عليها جامعة طنطا (تحمل رقم 24 أو 34 لا يتذكر، وبها مسعفون)، قاموا بإنزال «الرجل المجهول» فى الشارع بالقرب من بوابة المستشفى وانصرفت السيارة، ودخل بمفرده بمساعدة أحد المارة إلى المستشفى ليفاجأ فى الصباح بأفراد الأمن يلقونه خارج المستشفى بجوار أكوام القمامة، لأنه مجهول الهوية، ولا يوجد معه ما يستدل به على شخصيته، وعندما يحاول أحد من المارة التحدث معه للتعرف عليه لا يرد سوى بكلمة «إدينى» قاصداً الطعام أو الفلوس. وأضاف مصدر بمستشفى المنشاوى العام، أن هذه الحالة ليست الأولى التى يرفضها المستشفى، فقد سبقتها حالات أخرى لمرضى مجهولى الهوية تم طردهم خارج المستشفى بدعوى أنهم مجهولو الهوية وأن وجودهم داخل المستشفى خطر على حياة المرضى، وآخرها حالة لشخص مجهول الهوية كان مريضاً بغيبوبة السكر وأمرت إدارة المستشفى بإلقائه بالخارج لعدم الاستدلال على هويته، وظل موجوداً أمام المستشفى لفترة ولم يدخله إلا بعد أن أصبح جثة، تم التحفظ عليها بمشرحة المستشفى، وتابع قائلاً: «حياة الإنسان المصرى مالهاش قيمة، فمن الممكن أن يفقد المريض مجهول الهوية حياته بسبب عدم وجود إثبات هوية»، واصفاً حالة مستشفى المنشاوى العام بقوله «الداخل مفقود والخارج مولود». وأوضح أن المستشفى رفض، منذ عدة أيام، استقبال سيدة فى العقد الخامس من عمرها تعانى من غرغرينة سكر وشبه تسمم فى القدم، حيث رفض المستشفى استقبالها، بدعوى أن الحجز فى الفترة الصباحية رغم حالتها الحرجة، ورغم توسل أهلها لإدارة المستشفى لعلاجها لعدم قدرتهم على دخولها مستشفى خاصاً، إلا أنه تم رفض دخولها، ما أسفر عن تدهور حالتها الصحية وبتر قدمها، بدون أى ذنب سوى أنها مريضة وغير قادرة على تحمل علاج المستشفيات الخاصة. وأشار الدكتور مجدى عوض، مدير هيئة مرفق الإسعاف بالغربية، أن سيارة الإسعاف التى تركت المريض بالقرب من مستشفى المنشاوى العام فى طنطا، ليست تابعة لهيئة الإسعاف المصرية، وإنما تابعة لمستشفيات جامعة طنطا، وأن المسئولين بمستشفى المنشاوى العام حرروا مذكرة بذلك وتم رفعها لمدير المستشفى. وبيّن أنه فى حالة رفض المستشفى دخول المريض إليه من قبل سيارة الإسعاف المصرية، يتم تحرير بلاغ بذلك، ورفعه لإدارة هيئة الإسعاف لمخاطبة الوزارة من خلالها بالواقعة، وإن كانت مثل هذه الوقائع نادر حدوثها، لافتاً إلى أن من حق المريض أن يجد كافة أوجه الرعاية الطبية والعلاجية داخل المستشفيات الحكومية بغض النظر عن كونه شخصاً معلوم الهوية أو مجهولاً، لأنه فى النهاية روح بشرية تعانى، وكل طبيب مسئول أمام الله ثم ضميره عن أفعاله، ومن يحدد الهوية الجهات الشرطية، فعلى المستشفى العمل على علاج المريض بدون النظر عن أنه معروف أو مجهول الهوية وترك هذا الشأن للمختصين. فيما نفى الدكتور أحمد حرحش، مدير مستشفى المنشاوى العام، أقوال شهود العيان وأشار إلى أن المريض المجهول دخل المستشفى بتذكرة دخول تحمل رقم 8925 مساء الأحد الماضى، وتذكرة استقبال تحمل رقم 87147 وتوضح من خلالها أن طبيب الاستقبال شخّص حالته المرضية، وسجل فى التذكرة بأن الإصابة فى قدم المريض نتيجة حادث قطار، وتم عمل الإسعافات الأولية له وتم تحويله لقسم الجراحة بالمستشفى، وأثناء دخوله غرفة الجراحة، تعدى على الممرضات بالسب والشتم وفر هارباً إلى خارج المستشفى. وأوضح أنه أرسل إليه عدداً من العاملين بقسم الطوارئ صباح أمس الخميس، لإقناعه بالعودة للمستشفى لعلاجه، كما طلب من قسم الطوارئ عمل تقرير طبى عن حالته وتقييمه، من حيث العقل لأنه يرجح أن يكون مريضاً نفسياً لا يحب أجواء المستشفيات، نافياً أن يكون تم طرده خارج المستشفى وإلقاؤه فى الشارع. من جانبه أكد الدكتور محمد شرشر، وكيل وزارة الصحة بالغربية، أن المريض دخل المستشفى مساء الأحد الماضى، بتذكرة دخول وأخرى للاستقبال وتم عمل الإسعافات اللازمة، وأثناء نزوله فى اليوم التالى لقسم الأشعة قام بالهرب، ثم تم العثور عليه بالأمس أمام بوابة المستشفى وعندما حاول العاملون إدخاله لتلقى العلاج رفض، واليوم تمكن العاملون من إدخاله المستشفى وجارٍ علاجه. وعن واقعة سيارة الإسعاف التى قامت بترك المريض بالقرب من مستشفى المنشاوى أكد «شرشر» أنها ليست سيارة تابعة لمرفق الإسعاف بالغربية، ولا تقع فى دائرة مسئوليته وسلطته، وإنما تتبع جامعة طنطا ووزارة التعليم العالى، واصفاً الواقعة بأنها تصرف سيئ من شخص لا يدرك قيمة وقدر مسئوليته.