ابتسامة ترتسم تلقائيا على شفتيك بمجرد مشاهدته على الشاشة الصغيرة، لا يسعك سوى أن تشاهد "الأستاذ" وتترك الدنيا من خلفك، رقص وغناء وكوميديا وتمثيل.. حالة خاصة تدفعك للجلوس بانتباه أمامه وأنت تعرف أن الاستمتاع سيكون حليفك، مواهب عدة في مجالات المسرح، والسينما، والتليفزيون، جعلت "عمو فؤاد" محببا لقلوب الصغار قبل الكبار، يتربع على عرش المسرح وقلوب محبيه بكوميدياه الراقية. مفارقات كثيرة كانت تحولات في حياة "عمو فؤاد" أو فؤاد المهندس، بداية من دراسته ومستقبله ودخوله عالم الفن من بوابة معلمه نجيب الريحاني، مرورا بحياته الشخصية وتطورها، وزواجه من حب حياته شويكار، وتكوينهما أفضل ثنائي شهدته الساحة في الستينيات على الصعيد الشخصي والعملي، نستعرضها في ذكرى مولده في السادس من سبتمبر. أثرت نشأة فؤاد المهندس على يد والده عميد كلية دار العلوم ووكيل المجمع اللغوي، زكي المهندس، على شخصية "الأستاذ" ثقافيا وفنيا. كان والده يرغب أن ينتهج ابنه نفس الدرب، الأمر الذي جعله لا يجرؤ على مفاتحته بشأن رغبته في التمثيل، وعندما فاتحه في الأمر، حاول والده إقناعه بنسيان الفن والتفرغ لدراسته بكلية التجارة، وبعد التخرج عمل المهندس موظفا بإدارة رعاية الشباب بجامعة القاهرة، ولم يتحمل العمل الإداري فاستقال وتفرغ للتمثيل. نجيب الريحاني.. نقطة تحول في حياة فؤاد المهندس، لا يفوت له فيلما أو عرضا مسرحيا جديدا، يشاهده عدة مرات ويقوم بتقليده في المنزل، بل كان ينتظر ساعات طويلة أمام المسرح، فقط ليراه أثناء دخوله وخروجه. حضر الريحاني حفل زواج شقيقته الإذاعية صفية المهندس من الرائد محمد محمود شعبان الشهير ب"بابا شارو"، حيث كان صديق العريس، وظل "فؤاد" ملازما له طوال الحفل، لا يفارقه، لدرجة جعلت الريحاني يغضب ويصرخ في وجهه "يا ابني حرام عليك أنا مش عارف أتنفس منك"، إلا أن "بابا شارو" عرف المهندس على الريحاني، وحدد له موعدا بالمسرح ليشاهد موهبته. كان الريحاني نقطة انطلاق فؤاد المهندس، أشاد به وأخبره "أنا أثق تماما في قدراتك وموهبتك ومقتنع بأنك ستكون خليفتي، ولكن يجب أن يكون لك شخصيتك المستقلة وأداءك المختلف.. كن رجلاً ولا تتبعني"، وبعد وفاته انضم لفرقة "ساعة لقلبك" مطلع الخمسينيات. تزوج فؤاد المهندس زواجا تقليديا من السيدة عفت سرور، التي انفصل عنها سريعا بسبب عدم تفهمها طبيعة عمله، وظلا على علاقة طيبة وترك لها ابنهما "أحمد" لتربيته، ثقة منه في جدارتها بذلك. التقى فؤاد المهندس بشويكار لأول مرة في مسرحية "السكرتير الفني"، واعتقد أنها معجبة به، حيث كانت حريصة على حضور عروضه المسرحية الأولى، وكان الفنان عبد المنعم مدبولي هو من رشحها للعمل أمامه، واندهش حينها فلم يكن يتخيلها ممثلة كوميدية على الإطلاق. عرض المهندس الزواج على شويكار أثناء تقديم أحد العروض، فخرج عن النص وقال لها "تتجوزيني يا بسكويتة؟" إلا أنهما انفصلا وظلا أصدقاء حتى وفاته، بل كانت من أوائل المقربين في المحن ورحلة مرضه. في حوار صحفي مع "الأستاذ" قال إن العروض المسرحية التي قدمها بمفرده وقدمتها هي بمفردها، رغم نجاحها، لم تكن بنفس درجة نجاح العروض التي قدماها سويا. اعتبر فؤاد المهندس، الفنان عبد المنعم مدبولي، أستاذه، فاستفاد منه كثيرا أثناء عمله بفرقة "ساعة لقلبك"، إلا أن المشاكل تسللت إلى علاقة المهندس ومدبولي، بسبب نقل البعض "كلام مغلوط" على لسانهما. كان شويكار وفؤاد المهندس هما الثنائي الشهر والأنجح على الإطلاق في الستينيات، وقدما معا العديد من الأعمال كان لها نجاح مدوي، مثل أفلام "أخطر رجل في العالم" و"شنبو في المصيدة" و"أرض النفاق" و"اعترافات زوج" و"أنا وهو وهي" وغيرهم. وكان عادل إمام من التلاميذ المقربين ل"الأستاذ"، الذي كان أول من تنبأ بأنه سيكون "زعيم الكوميديا"، كما توقع لشريهان منذ أول مشوارها في عرض "سك على بناتك"، أنها ستكون نجمة استعراضية كبيرة. رغم قيام المهندس ببطولات سينمائية عديدة، إلا أنه لم يعتبر السينما يوما بيته الأول، فكان المسرح هو الأساس، وفي التليفزيون لم يقدم سوى أعمال قليلة منها "عيون" في الثمانينات، ومسلسل "أزواج ولكن غرباء"، وظلت فوازير "عمو فؤاد" هي العلامة الأبرز في تاريخ فؤاد المهندس. "طلعت قماش".. "ما كنتي سبتيه يمسكها يا فوزية".. "بلاها نادية خد سوسو".. " يا اخواتي صايم وراجل شقيان ومراتي عايزة تجوّعني حتى ف رمضان".. "إفيهات" ما زال يرددها الجميع، على الرغم من رحيل "الأستاذ" في عام 2006، بعد أزمة قلبية حادة.