قبل أيام قليلة من عرضه على الاستفتاء الشعبى يشهد الدستور أزمة كبيرة لا يعلم مداها إلا الله، حيث وقع كفريسة بين دعاوى التأجيل والتمرير والتدويل. ففى الوقت الذى رفضت مؤخراً بعض الرموز والنخب السياسية قرارات التأسيسية وطالبت بإعادة تشكيلها، ومن ثم تأجيل ظهور الدستور الجديد، تتعالى دعوات أخرى لتمرير الدستور، والوقوف فى وجه من يحاولون تشويه عمل التأسيسية، على حد زعمهم، وبين هذا الرأى وذاك ظهرت دعوات ثالثة أحدثت أزمة جديدة، فيما يسمى ب«تدويل الدستور»، ووسط الدعوات الثلاث لا يعلم أحد مصير الدستور الجديد. «التأجيل أو التمرير»، أمران لا يسهمان فى عملية التحول الديمقراطى، فى رأى الدكتور حسن أبوطالب، مستشار مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية، فلا يجوز أن تترك صلاحيات الرئيس ومسألة العلاقة بين السلطات دون ضوابط تحكمها، وهو ما يمكن أن يحدث بعد رفض الدكتور البرادعى وغيره من النخب السياسية، لما سيخرج عن «التأسيسية» من مواد، ومطالبتهم العودة لنقطة الصفر. كما أن دعوى التواصل مع الدوائر الدولية والرأى العام العالمى لإجلاء موقفها من الدستور، التى دعا لها الدكتور عمرو حمزاوى، لا يمكن قبولها؛ لأن فكرة التدويل أو اللجوء إلى أى مدخلات خارجية لا تجوز فى أى عمل وطنى. الاحتمالات المنطقية الثلاثة، التى من الممكن أن تسير عليها أزمة الدستور، فى رأى أبوطالب، إما أن تستمر الجمعية التأسيسية فى عملها، مع الاستجابة لبعض الضغوطات ومطالبات المجتمع المدنى وهو أمر إيجابى، أو أن تتعامل بطريقتها التى شهدناها الفترة الماضية، وهو ما سيحدث شرخاً كبيراً ويعمق الأزمة الحالية، حيث لا يزال بعض أعضاء «التأسيسية»، يفسرون أزمة الدستور الحالية باعتبارها حملة ممنهجة من الإعلام، من أجل تشويه عمل الجمعية أمام المواطن، خاصة مع اقترابها من استكمال مواد الدستور بنسبة 90%. بينما الاحتمال الثالث يتمثل فى قيام «مرسى» بإعادة النظر فى تشكيل الجمعية، وإدخال بعض التعديلات عليها، على ألا تبدأ عملها من الصفر، بل تضع بصمتها على ما تم إنجازه وتعيد النظر فيما هو مشوه، حتى تفرز لنا دستوراً توافقياً مقبولاً.