على رأس وفد قادم بيروت، جاء إلى مصر الزعيم الدرزي وليد جنبلاط، لبحث أوضاع المنطقة مع الرئيس عبدالفتاح السيسي وعدد من المسؤولين، وهو ما يدل على المكانة التي يتمتع "جنبلاط" في بلاده، خاصة في ظل عدم وجود رئيس جمهورية لدولة لبنان حتى الآن. عمل جنبلاط عضوًا للبرلمان في عام 1991 وذلك بعد توقيعه على اتفاق الطائف لملء مقعد أبيه بعد وفاته، كما شغل وزيرًا للأشغال العامة والنقل، ووزيرًا للسياحة، ووزير شؤون المهاجرين، ولقب بالعديد من الألقاب؛ منها "الزعيم الدرزي اللبناني"، وعُيِّن قائدًا للكتلة النيابية اللبنانية. وليد جنبلاط، والذي ولد في 7 أغسطس عام 1949، يعد زعيمًا للحزب التقدمي الاشتراكي، وأحد أبرز الزعامات الدرزية في لبنان، وجرت محاولة لاغتياله سنة 1983 في منطقة الصنايع باستخدام سيارة مفخخة. لقب في زمن الثورات ب"جيفارا العصر"، وفي وقت السلم؛ كان بمثابة مدوِّن الاتفاقات وكاتب التحالفات الرباعية، والذي لم يسلم قصره بمنطقة "المختارة" بلبنان من ملكات الجمال والحسناوات في لحظات حدوث ضبابية في الأوضاع الأقليمية، والتي كان آخرها في 18 أغسطس 2014 لبحث ما آلت إليه الأوضاع بالمنطقة العربية بعد ظهور تنظيم داعش وبقوة. تطوَّر دور جنبلاط الداخلي من خلال تحالفه مع الراحل رفيق الحريري، بعد تسلم الأخير رئاسة الحكومة عام 1992 ومن ثم ترشحه للانتخابات النيابية عاميّ 1996 و2000، واستطاع جنبلاط من خلال هذا التحالف الحصول على كتلة نيابية كبيرة بلغ عددها 17 نائبًا، والذي لم يكن متوفرًا هذا له طيلة حياته السياسية اللبنانية. وبخصوص الشأن السوري، تغيَّر موقف جنبلاط مرتين؛ كانت الأولي في بدء ظهور الثورة السورية، حينها خرج جنبلاط قائلاً إن "إسقاط الأسد واجب وطني، ودعم الثوار واجب أخلاقي"، والثانية بعد نمو تنظيم "داعش"، والذي أعقبه عودته لتعظيم شأن النظام السوري، والاعتراف به وبحلفائه، والذي سماه عدد من السياسيين ب"المسكنات السياسية المقبولة مع حزب البعث للتغاضي عن جرائمه ومجازره، لتطهير المجتمع من الإرهاب"، معتبرين موقفه هذا تواطئًا وسكوتًا عن قاتل أساسي، والتحالف معه للقضاء على قاتل آخر، مبررًا موقف "حزب الله" من المشاركة في القتال في سوريا كونه "دفاعًا عن الأرض والعرض". لم يكن ل"جنبلاط" موقف ظاهر أثناء خروج الثورة المصرية الثانية التي أطاحت بالرئيس المعزول محمد مرسي، ولكنه استهل لقاءه بالتعبير عن خالص تمنياته لمصر، حكومة وشعبًا، أثناء لقائه الرئيس عبدالفتاح السيسي، متمنيًا كل الخير والتوفيق، وتحقيق المزيد من التقدم والاستقرار على كل الأصعدة، وبالأخص السياسي والاقتصادي منها. قضية بلاده لم تكن غائبه في لقائه ب"السيسي"، ولكنه استعرض تداعيات الأزمة السورية على لبنان، ولا سيما في ضوء فراغ منصب الرئيس منذ 25 مايو الماضي، آملًا في تمكن لبنان -قريبًا- من التوافق على رئيس جديد يسهم في تعزيز أمن واستقرار الدولة اللبنانية.