حشودٌ بشرية ضخمة احتلت الأرصفة فى شوارع سفاجا منذ أربعة أيام، ينتظرون الأمل فى الرحيل عن وطن لا يحترم أبناءه، حسب وصفهم، غضبٌ يتصاعد مع سخونة حرارة الجو، مناشدات للمسئولين بإنهاء الأزمة، لكن دون جدوى، عيون دامعة تعتب على الدهر سوء أحوالها، منتظرة الفرج، إثر تعطل الباخرة التى كان من المفترض أن تقل 2000 راكب إلى السعودية صباح الخميس الماضى، فلجأ بعضهم إلى نصب خيام من الورق، حمايةً لهم من الشمس، فيما لجأ آخرون للاحتماء بالأسوار وجدران المبانى يتبعون الظل، بعد أن رفضت هيئة السلامة بموانئ البحر الأحمر إبحار إحدى العبارات السعودية بسبب عطل فنى، وفشلت فى إيجاد البديل، وتركت المسافرين ينامون فى الشوارع وسط القطط والكلاب الضالة، دون أن تقدم لهم الهيئة كوب ماء أو حتى مجرد اعتذار. «الوطن»، تجولت فى شوارع المدينة وسط الركاب للاستماع إلى معاناتهم وعاشت معهم المأساة لحظة بلحظة، فى البداية قال وصفى عبداللطيف، نجار: «كل حكومات العالم تحترم آدمية المواطن المصرى إلا حكومتنا الرشيدة تتعمد إهانة المواطن، ولا توجد حكومة على وجه الأرض ترضى لمواطنيها النوم على أرصفة الشوارع مع القطط والكلاب الضالة، وفى الخارج وجدت مسئولين يراعون الله فى خلقه وفى مناصبهم، ولو سفاجا بها مسئول واحد يراعى ربنا، فيما أوكل إليه، ما كان هذا وضعنا، ولا قبل أن ينام المصريون على أرصفة الشوارع». وأضاف «وصفى» أن دخول الحمام لمدة دقيقة واحدة بجنيه، وإنه دخل الحمام ومكث به فترة، وعند خروجه من الحمام اعترض طريقه البلطجية وأجبروه على دفع 5 جنيهات لأنه تأخر لعدة دقائق. وأوضح الرجل الذى كان يتصبّب عرقاً من شدة حرارة الجو أثناء وقوفه فى الجهة المقابلة لأبواب ميناء سفاجا، إن الحمامات قذرة ولا يوجد بها نوافذ ولا أبواب والمياه كانت مقطوعة، الأمر الذى دفع العشرات من الركاب إلى قضاء حاجتهم فى الخلاء، وأضاف أنه حضر عصر الأربعاء الماضى للسفر إلى السعودية عبر العبارة التى تُبحر من ميناء سفاجا، مثل عشرات من المصريين واشترى التذكرة وسدد قيمتها، وبعد ذلك تسلّم التذكرة وتوجه لدخول الميناء ومنعه الأمن، بحجة أن العبارة لم تصل الرصيف، وظل الرجل حتى مساء السبت، فى شوارع سفاجا، بلا مأوى لا يعرف متى سيغادر. فيما قال عصام شفيق: «تعودت على مثل هذه المعاناة، منذ عشرات السنوات والمشهد نفسه لا يتغير، تكدُّس وارتباك وبلطجية يحكمون مكاتب الحجز والشحن، حتى الحمامات يقف عليها مجموعة من البلطجية يتحكمون فى خلق الله». وأوضح أن السعودية تخصص استراحات آدمية وحمامات نظيفة وأجهزة تكييف فى الموانئ ومعاملة حسنة لكل الجنسيات دون أى تفرقة فى مثل تلك الحالات الطارئة، وللأسف مصر تهتم بالأماكن التى يستخدمها السياح والأثرياء فقط، لكن الغلابة والفقراء ليس لهم حقوق، لافتاً إلى عدم حضور مسئول لمساعدة المتكدسين ورفع المعاناة عنهم، لافتاً إلى انتظارهم الذى دام أربعة أيام على رصيف الميناء، مشيراً إلى تردد أخبار عن أن العبارة سافرت أكثر من مرة وعادت، وما يحدث هو أن السماسرة يتحكمون فى تذاكر السفر، ويقومون ببيعها فى السوق السوداء لمن يدفع لهم أكثر. «عصام البدرى»، من محافظة القليوبية، روى مأساته، قائلاً: «حصلت على تأشيرة للعمل فى السعودية ودموع أمى كانت تطاردنى طوال مشوارى من بلدتى إلى ميناء سفاجا، لدرجة جعلتنى أفكر فى العدول عن السفر، لكن أقسم بالله بعد هذه المعاناة، نار الغربة ولا جنة مصر، بعد ما رأيته من إهمال وتعنت وظلم من قبل المسئولين هنا فى سفاجا، وتابع: «كيف يهون على الحكومة هؤلاء الغلابة فالمشهد مخزٍ وعار على كل المصريين». «الوطن»، عرضت مأساة الركاب فى سفاجا على اللواء أحمد عبدالله، محافظ البحر الأحمر، الذى رد قائلاً: «توجهت على الفور لبحث الموقف، ووفرت عبارتين تستوعبان 2600 راكب بدلاً من الأخرى التى تم منعها من الإبحار، وتحدثت مع المواطنين، وذهبت بنفسى إلى دورة المياه العمومية ووجهت موظفى النظافة بالعمل على نظافتها، وهى للعلم مجانية، وعندما علمت من البعض أن هناك بعض الأشخاص يحصلون على جنيه مقابل دخول الحمام كلّفت مدير أمن البحر الأحمر بسرعة القبض عليهم، ولن أقبل لأى مواطن مصرى أن يُهان، وبيتى مفتوح للجميع، لكن ما حدث أمر طارئ ونحن نعمل على توفير البديل، خصوصاً أن هذه العبارات مملوكة لبعض الشركات السعودية، وهيئة الميناء تحفّظت على إبحار العبارة بعد اكتشاف عطل، حرصاً على حياة الركاب».