يروى سعد ركيبة الذى كان يعمل مديراً لإحدى المدارس الحكومية، ذكريات طفولته وريعان شبابه ومراحل النكسة والحرب ونشوة الانتصار، مع «ناصر» الزعيم والأب الذى ظل خالداً فى قلوب الملايين، حبى ل«عبدالناصر» الرئيس بدأ منذ سن السادسة، تحديداً أثناء العدوان الثلاثى على مصر، كنت أشعر وقتها أننى فى سن الشباب، عندما كنت أرى «ناصر» يتحدث كان الفخر والشجاعة يدبان فى قلبى، فكان صاحب كاريزما لم يأتِ أحد من بعده بمثلها، وكان عاشقاً لشعبه وتراب وطنه، فتطور هذا الحب بعد انتصاره على العدوان الثلاثى وتأميم قناة السويس وما أعقب تلك المرحلة من بناء السد العالى والوحدة بين مصر وسوريا، وكان وقتها قمة الوعى لدى بأن هذا الزعيم خرج من تراب هذه الأرض المصرية العظيمة التى أتت لنا بقائد للأمة العربية بأكملها. يكمل الرجل الستينى مراحل عمره منذ الصغر مع «ناصر»، فبدأت فترة الستينات التى عشت فيها أفضل مراحل عمرى مع انتصارات «ناصر» فى الداخل والخارج، وقتها مصر كانت دولة لها مكانة فى المنطقة وزعيمة الدول العربية، كنت أتابع وأرى قرارات «ناصر» والتحول الذى طرأ على كل شىء فى مصر، من تطور فى الزراعة والصناعة والصناعات الثقيلة والمصانع الحربية التى توفر احتياجات قواتنا المسلحة، والمشروعات الصناعية فى منطقة حلوان من مصانع سيارات وأسمنت وكيماويات، ولا يمكن أن ننسى الثورة الثقافية والإبداعية التى كان يحرص عليها «ناصر»، والتى أشرف على إرسائها الدكتور ثروت عكاشة، الذى أقام قصوراً للثقافة فى معظم محافظات مصر، وشهدت هذه الفترة فى نهاية الستينات نشاطاً ثقافياً وفنياً كبيراً، وكانت هذه المرحلة من أفضل مراحل المد الثقافى الذى شهدته مصر. يحكى الرجل عن النكسة ووفاة عبدالناصر، استقبلت نكسة 5 يونيو بالذهول كباقى أفراد الشعب المصرى، وكنت وقتها أبلغ من العمر 18 عاما، وكنت على يقين أن عبدالناصر لم يخُن وطنه وأن التاريخ سينصفه، كانت اللطمة الكبرى على وجوه المصريين عندما خرج «ناصر» ليعلن للشعب المصرى تنحيه عن الرئاسة، فخرجت مع جموع الشعب وسرنا إلى بيت «ناصر» نطالبه بأن يتراجع عن قراره ويستمر فى قيادة مصر، وبدأت مرحلة جديدة من الإصلاح وإعادة بناء القوات المسلحة على أسس علمية وتقنية عالية، وهو ما حصدنا ثماره سريعاً بتنفيذ حرب الاستنزاف. وفاة عبدالناصر كانت مثل الصاعقة، كنت فى حالة توهان وحزن يملأ القلب، كنت أتمنى أن أبكى ولكن لم أستطع البكاء من هول الصدمة. فالحزن كان عميقاً لأننى لم أفقد فقط رئيساً لبلدى بل إننى فقدت أباً، فمن الصعب أن تحب ناصر وفجأة يحتم عليك القدر أنه لن يكون موجوداً بعد اليوم، ورأيت جنازة لم أرَها حتى الآن، وذلك يدل على أن «ناصر» كان حقاً زعيم الأمة، وحضرت الجنازة ووقتها كنت التحقت بالجيش كجندى من جنوده الذين حاربوا لعودة الأرض ومحو النكسة التى لحقت بنا. أخبار متعلقة: «الوطن» تحيى الذكرى ال42 لرحيل الزعيم: ناصر.. ما زال هنا «الإخوان» فى زمن «ناصر».. و«ناصر» فى زمن «الإخوان» «تعلب»: أنا الفلاح اليتيم بعد «جمال» «فرحات»: السمك فاض فى الستينات.. والتلوث يقتله الآن حلم النهضة الصناعية.. قتيل برصاصة «الخصخصة» لحظة رحيل الزعيم.. دمعة فى عيون أدباء مصر جاهين يرثي الزعيم عواض:«كان صعيدى جدع وشهم ودماغه ناشفة»