محاربو داعش على أبواب بغداد، ومقاتلو الحوثى يدقون أبواب صنعاء، ومجاهدو النصرة يدكون أبواب حلب، والمجاهدون يتقدمون نحو بنغازى ومصراتة.. هذه هى عناوين الأخبار التى تتناقلها وكالات الأنباء العالمية هذه الأيام. وليس من بينها بطبيعة الحال خبر يفيد بأن أياً من تلك التنظيمات يقف على أبواب تل أبيب، بل العكس، فالقوات الإسرائيلية هى التى باتت تقف على عتبات غزة فى ذات الوقت، وهو ما يؤكد أن الهدف من تلك الحروب التى تجرى حول المدن والعواصم العربية ليس بعيداً، بل هو فى صميم ما ترمى إليه إسرائيل من الزج بالإسلاميين فى حروب فيما بينهم يستنزفون قواهم فيها، لتتفرغ هى لتحرير فلسطين من الفلسطينيين وإخلاء الأراضى منهم لزرعها بالمستوطنات والمستوطنين. هكذا وصل رصاص المجاهدين الإسلاميين إلى صدور المسلمين فى كل بقاع الدنيا، لتبقى صدور اليهود فى فلسطينالمحتلة فى مأمن منه، فقد وصل تنظيم القاعدة بعملياته إلى أمريكا نفسها -وهى أقوى بلد فى العالم- ولم يصل مرة واحدة بعملية ولو صغيرة إلى إسرائيل. أما بقية التنظيمات المسلحة التى ترفع رايات الجهاد الإسلامى والتى تملك القوة التى تمكّنها من التهديد باقتحام العواصم والمدن العربية فهى تبدو عاجزة عن إطلاق رصاصة واحدة نحو أى هدف إسرائيلى فى فلسطينالمحتلة أو خارجها. ويأتى المجاهدون الإسلاميون فى سيناء ليتفرغوا لقتل الجنود المصريين من الشرطة والجيش رغم أن جنود إسرائيل يقفون على بعد خطوات منهم. والغريب أن هؤلاء الذين جعلوا الجيش المصرى هدفهم طوال الوقت جاءوا اليوم ليطلبوا إقحامه فى القتال ضد إسرائيل، ليبدو هدفهم الحقيقى هو الزج بالجيش المصرى الذى ظل بمنأى عن الاقتتال الأهلى وفى مأمن من عمليات النزف الذاتى التى حدثت للجيوش العربية من حوله وتوريطه فى حرب مع إسرائيل ليلقى نفس المصير الذى لقيته بقية الجيوش العربية فى البلدان الأخرى، ليبقى الجيش الإسرائيلى هو الأقوى فى المنطقة دون رادع يوقف أطماعه فى التوسع والاحتلال، خاصة احتلال سيناء التى تريد إسرائيل -والجهاديون معها- إخلاءها من الجيش المصرى تمهيداً لجعلها وطناً بديلاً للفلسطينيين فى دولة إسلامية تتعايش فى سلام مع دولة يهودية، بعد أن أثبت هؤلاء المجاهدون حسن نواياهم تجاه إسرائيل بتنفيذ مخططها وتحقيق كل ما يخدم أهدافها من تقسيم الجغرافيا العربية وفقاً لتقسيماتها الطائفية والعرقية أو المذهبية مؤكدين أن السلاح الإسرائيلى فى اليد المتأسلمة. ورغم وضوح الصورة على هذا النحو الذى لا يقبل الشك، فإننا لا نزال نجد بيننا من يُحسن النوايا تجاه هؤلاء المقاتلين الذين يتسترون وراء الإسلام، فيفرح بانتصاراتهم أو يحزن بنكساتهم، باعتبارهم مسلمين حقيقيين بينما هم فى الواقع إسرائيليو الهدف والوسيلة!!