نعيش هذه الأيام حلماً كبيراً طالما حلمنا به، أن نختار بإرادتنا رئيساً لمصر فى لحظة تاريخية فارقة. أرى مثل ملايين المصريين الذين شاركوا فى ثورة 25 يناير أن انتخابات الرئاسة هى أهم محطات هذه الثورة العظيمة، ولا أعتقد أنه يليق بمصر الثورة أن تختار رئيساً ينتمى إلى النظام السابق المستبد، فكلهم مشاركون فى دماء شهداء هذا الشعب العظيم، ولا يليق بمصر المتطلعة للحرية، وبموروثها الثقافى العظيم، أن تختار رئيساً يمثل التيار الإسلامى الداعى للدولة الدينية مهما حاولوا جميعهم تجميل وجه هذا المشروع. نحتاج إلى رئيس يمثل حلم الشعب المصرى الثائر العظيم، وكمصرى يحلم بهذا الحلم المشروع، فإنى أختار حمدين صباحى رئيساً لمصر الثورة، بمشروعه الذى يلبى مطالب الثورة. وكأحد أبناء النوبة بما تمثله من خصوصية ثقافية ووضعاً مهماً فى الوطن الأكبر مصر، فإنى أختار أيضاً حمدين صباحى.. فمتطلبات العام كمصرى والخاص كنوبى تؤدى بى إلى هذا الاختيار. فنحن ندعو أهالينا فى النوبة إلى انتخاب من يحمل همّ الحقوق النوبية، التى لن نقبل أى فصال أو تفاوض عليها، فقط نقبل التفاوض على آليات تحقيقها وجدول زمنى محدد لإنجازها. هذه الحقوق تتمثل فى حق العودة إلى بلاد النوبة القديمة على ضفاف بحيرة ناصر، وإعادة توطين النوبيين فى 44 قرية على ضفتى البحيرة، بأسمائها النوبية القديمة، بما يضمن إعادة العلاقة الطبيعية بين الإنسان النوبى والنيل كما كانت على مدى التاريخ، لما يمثله ذلك من بعد ثقافى وإنسانى لا يحيا النوبى دونه. إن التعامل مع أهالى النوبة على أنهم أصحاب مطالب فئوية هو عين الجهل بالمشكلة، وهو ما ألمسه فى برامج العديد من المرشحين للرئاسة، فنحن أصحاب حقوق تاريخية فى هذه المنطقة الغالية علينا، فهى الموطن والميلاد والممات، وهذه عقيدتنا كنوبيين، وما زال رفات أجدادنا تحت بحيرة ناصر تنادينا للعودة إلى موطننا الطبيعى. لقد فشلت كل محاولاتنا مع نظام الرئيس المخلوع فى الحصول على هذه الحقوق التاريخية، وكان للقيادات النوبية جهود لا يمكن إنكارها للعمل على استعادة تلك الحقوق، إلى أن قامت الثورة فاجتمعت القيادات النوبية وأصدرت بياناً إلى حكومة د. عصام شرف، أعلنت فيه إرجاء كافة المطالب إلى أن تستقر البلاد، إلا أن طيور الظلام من التنفيذيين فى محافظة أسوان أبت أن تهدأ وبدأت العبث بهذا الملف واستكمال مخطط النظام السابق فى الاستثمار فى أراضى البحيرة؛ وهو ما أدى إلى إعلان الشباب والقيادات النوبية الاعتصام أمام محافظة أسوان فى 4 سبتمبر 2011 احتجاجاً على هذه التصرفات التى لا تليق بمصر الثورة، ونتج عن ذلك اجتماع حكومة «شرف» مع عشرة من قيادات النوبة -كان لى شرف أن أكون أحدهم- لبحث القضية النوبية، وقبل الاجتماع بيوم واحد اتصلت بالقوى الوطنية المصرية لتحضر معنا ويكونوا شهوداً على الحكومة فى جلسة المفاوضات معنا، فلبى طلبى هذا مجموعة من أعظم وأخلص من فى هذا الوطن، وهم النائب مصطفى الجندى، والنائب السابق علاء عبدالمنعم، والأستاذ جورج إسحاق، والمهندس ممدوح حمزة، والوحيد من مرشحى الرئاسة السيد حمدين صباحى. وأقر بأن «صباحى» كان فعالاً جداً فى هذا الاجتماع ومدافعاً شرساً عن الحقوق النوبية ومقراً بها ومعترفاً بالأخطاء فى حق النوبيين عندما لمح أحدهم عن مسئولية نظام الرئيس عبدالناصر عن هذه الأخطاء، فواجه وبقوة واعترف بالخطأ فى حق النوبيين وتهميشهم فى مصر. وكان له دور بارز مع ممثلى القوى الوطنية فى الوصول إلى اتفاق مع الدكتور «شرف»، تضمن فيه الحكومة المصرية إعادة توطين النوبيين على ضفتى بحيرة ناصر وإنشاء 44 قرية نوبية، وإنشاء هيئة عليا لتنمية بلاد النوبة القديمة. وتعهد «صباحى» بمسئوليته عن هذه الحقوق التى ستكون أحد أهم محاور برنامجه الانتخابى، وهو ما تحقق بالفعل. ومع احترامى لكل مرشحى الرئاسة الذين التقيت بهم لنسلم لهم الملف النوبى حتى نكون على خريطة برامجهم السياسية، وقفوا جميعاً أمام هذه الحقوق باستحياء، مكتفين بأن النوبيين قد تم تهميشهم وهو ما لن يسمحوا به بعد الآن، باستثناء «صباحى» الذى أعلن بوضوح وبالتفصيل عن تحمله مسئولية تحقيق ذلك الحلم النوبى، فالتف أغلب النوبيين حوله فى مؤتمره الانتخابى بأسوان معلنين: «صوتنا لحمدين صباحى».