القوات المسلحة تُهنئ رئيس الجمهورية بذكرى ثورة 23 يوليو    رئيس مجلس الشيوخ يهنئ الرئيس السيسي بمناسبة ذكرى ثورة 23 يوليو    لأول مرة.. 3 دبلومات بآداب قناة السويس للعام الجامعي 2025–2026    جامعة القاهرة تحتل المركز 487 بين 32 ألف مؤسسة تعليمية فى تصنيف ويبومتريكس الإسباني    السيسي يتابع مشروعات «العربية للتصنيع».. ويشيد بجهود توطين التكنولوجيا وزيادة الإنتاج    ارتفاع أسعار اللحوم بمطروح.. والضأن البقري يسجل أعلى سعر    رئيس الوزراء يتابع موقف تقنين الأراضي المضافة لعدد من المدن الجديدة    وزير العمل يكشف عن توجيه رئاسي بشأن عمال الدليفري    تعزيز خدمات الإرشاد السياحي واستقطاب اللغات النادرة    وزير الخارجية: مصر تولي أولوية متقدمة لإنجاز مشروع الطريق البري بين مصر وتشاد    أمجد الشوا: «العالم بات يتعامل بلامبالاة خطيرة مع ما يحدث في غزة»    ريبيرو يمنح مصطفى شوبير الفرصة أمام الملعب التونسي    مصدر في الزمالك يكشف موعد إعلان عقوبة أحمد فتوح    «أمن المنافذ»: ضبط 3 قضايا تهريب وتنفيذ 218 حكمًا قضائيًا خلال 24 ساعة    تسجل 43 درجة.. بيان مهم من الأرصاد يكشف حالة الطقس غدًا الثلاثاء    سوداني يوجه رسالة شكر للمصريين على متن «قطار العودة»: «لن ننسى وقفتكم معنا» (فيديو)    أكتوبر يشهد أولى جلسات محاكمة عنصر إخواني بتهم تمس أمن الدولة    حادث تصادم دراجة نارية يصيب سيدة ورضيعها بطريق سنهور الزراعي في الفيوم    تابلوه فني ل خالد جلال يستهل افتتاح «المهرجان القومي» يجسد ملامح الحركة المسرحية    فات الميعاد.. أحمد مجدي: شخصية مسعد تعبتني.. وبحاول أتخلص منه لحد دلوقتي    مكتبة الإسكندرية توثق التراث المصري بسلسلة أفلام قصيرة موجهة للشباب    أحلام تتألق على مسرح مهرجان جرش في ليلة طربية خليجية 25 يوليو    الجامعة الألمانية تفتتح نموذجاً مصغراً للمتحف المصري الكبير في برلين    وزير الصحة يفتتح معمل المحاكاة الطبي بالإسماعيلية.. ويتفقد مستشفيات ووحدات هيئة الرعاية الصحية    تقديم التوعية بمخاطر الإدمان ل457 ألفاً من طلبة المدارس ضمن المبادرة الرئاسية «صحتك سعادة»    استمتع بمذاق الصيف.. طريقة عمل آيس كريم المانجو في المنزل بمكونات بسيطة    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الاثنين 21-7-2025 في محافظة قنا    بزي "سبايدرمان".. وصول "ياسين" ووالدته محكمة جنايات دمنهور لحضور جلسة الاستئناف    وزارة الشباب تستعد لإطلاق برنامج مواجهة الإضطرابات النفسية والاجتماعية للأطفال وأولياء الأمور بالتعاون مع الجمعية المصرية للدراسات النفسية    السكة الحديد تعلن تأخيرات القطارات المتوقعة اليوم الاثنين    ألونسو.. الأمل في استعادة فينيسيوس لتألقه مع ريال مدريد    كاتس: الحوثيون سيدفعون ثمنا باهظا لإطلاقهم صواريخ على إسرائيل    أوكرانيا: مقتل شخص وإصابة اثنين آخرين في أحدث الهجمات الروسية    تحذير من هطول أمطار غزيرة في جنوب شرق تايوان    دراسة إنشاء مصنع دواء مشترك بين مصر وزامبيا لتعزيز صناعة الدواء بالقارة السمراء    أسامة الأتربي مساعدا لأمين عام "حماة الوطن" بالقاهرة    آخر تطورات أزمة سد النهضة، السيسي: قضية نهر النيل أمن قومي لمصر    الحماية المدنية بالقليوبية تسيطر علي حريق مصنع زجاج بشبرا الخيمة| صور    تحرير 566 مخالفة مرورية لعدم ارتداء الخوذة    السبكي: نسعى لترسيخ نموذج متكامل للرعاية الصحية يقوم على الجودة والاعتماد والحوكمة الرقمية    استقرار سعر الريال السعودي في بداية تعاملات اليوم 21 يوليو 2025    أحمد غنيم: المتحف المصري الكبير هدية مصر للعالم    شهداء وجرحى فى قصف للاحتلال على مناطق متفرقة من قطاع غزة    "صعبة".. وكيل مصطفى شلبي يكشف تفاصيل انتقاله للبنك الأهلي    كييف: أكثر من 100 اشتباك مع القوات الروسية في شرقي أوكرانيا    كيف تتخلص من مرض التعلق العاطفي ؟    لكل ربة منزل.. إليك أفضل الطرق لتحضير مكرونة الميزولاند    المسلمون يصلون الفجر قبل وقته بساعة ونصف    مصروفات المدارس الحكومية 2025– 2026.. التفاصيل الكاملة وقواعد الإعفاء والسداد لجميع المراحل التعليمية    دعاء في جوف الليل: اللهم أجرني برحمتك واجبر بلطفك كسر قلبي    نادية رشاد: أتمتع بحالة صحية جيدة.. وقلة أعمالي الفنية لضعف مضمونها    يوسف معاطي: لست ضد الورش التي تكتب السيناريوهات ولكنها لا تنتج مبدع كبير    ثلاثة نجوم على أعتاب الرحيل عن الأهلي    رومانو: حقيقة مفاوضات مانشستر يونايتد مع جيوكيريس    واشنطن بوست: قراصنة يشنون هجوما عالميا على وكالات حكومية وجامعات أمريكية    أنغام فؤاد ومنيب تتألق في صيف الأوبرا 2025 بحضور جماهيري كبير    آدم كايد: حققتُ حلمي بالانضمام إلى الزمالك    أمين الفتوى: التقديم على شقق محدودي الدخل بغير وجه حق «حرام شرعاً»    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



«الاستنواب» يقسم النوبة لأشلاء
نشر في الوطن يوم 12 - 07 - 2014

فى جريدة الوطن بتاريخ 18/1/2014، نشرت مقال (دستور 2014 وانتهاء فكر «الاستنواب»). المقال به تفاؤل بنتائج الاستفتاء التى أيّدت مشروع الدستور، تفاؤل مصرى عام، وتفاؤل خاص مع الأغلبية النوبية ببداية نهاية ما أطلقت عليه «الاستنواب» على منوال كتاب «الاستشراق» للمفكر د. إدوارد سعيد، للتشابه بين فكر الغرب تجاه الشرق بما فيه العربى، وبين فكر الشمال المصرى تجاه النوبى الجنوبى. فإن كان الاستشراق يفترض التناقض الجذرى بين الغرب المتحضر والشرق المتخلف، وعليه فمصلحة الشرق أن يكون تابعاً للغرب، ولا ضرر من تقليم شخصية الشرق لتناسب مصلحة الغرب، فالاستشراق لا يقر بأن للشرق ما يستحق الخشية عليه، إلا بعض الفلكلور والتراث الذى يمكن المحافظة عليه، ولا مانع من متاحف لمجرد الذكرى! أليس هذا ما تظنه وما تفعله جوانب من سلطة الشمال المصرى وقطاع من نخبته تجاه محافظات الحدود عامة والنوبى خاصة؟ إنه الاستنواب الذى يصر على محو الخصوصية النوبية وشتات النوبيين، وحجته الإضافية الحالية أن مؤامرات الغرب تُحاك لانفصال النوبة. وعليه فمن حق الشمال، حفاظاً على الوطن، أن يستلب تاريخ وجغرافية النوبة ويذيب النوبيين رغماً عن أنفهم، ويقوم بتوطين غير النوبيين فى مكانهم، وبهذا لا توجد «نوبة» ويفشل حلم النوبيين بالعودة، فلا يكونون متحققين مستقبلاً من بعد أن كانوا راسخين ماضياً، وتفشل من وجهة نظر الاستنواب مؤامرة الغرب الانفصالية.
الاستنواب لا يهتم لا بآلام النوبيين ولا بحقوقهم مثلهم مثل بقية مواطنى مصر، ويتساءل مع نفسه ويجيب: هل للنوبة قوى تقف ضد قوة السلطات المصرية المركزية الشمالية؟ لا طبعاً. وهل الدول الخارجية سوف تهتم بالنوبة أكثر من اهتمامها بمصالحها مع مصر؟ لا طبعاً. أما منظمات حقوق الإنسان التى ربما تدافع عن النوبيين، فقواها الذاتية هزيلة ولن تكون مؤثرة ما دامت الدول القوية لن تهتم. فى هذه الحال مقاومة النوبيين ستنحصر فى بكائيات سخيفة وأصوات عالية مثل الطبل الأجوف. إذن، فلنستكمل تشتيت النوبيين وتذويبهم، بدلاً من التفاهم معهم ووضع أسس تضمن استمرار الوحدة المصرية وتعطى للنوبيين حقوقهم كمواطنين مصريين. هكذا يظن الاستنواب، وظنه غافل عن ضعفه وعن قوة الشعوب.
لماذا أقول الشمال؟ لأن الجنوب الصعيدى وغيره أيضاً فى ظلم، وهذا ما اعترف به الدستور، فالشمال المركزى متعالٍ على الأطراف، ولا يهتم بها إلا كموارد سياحية مثلاً، وإن فكر فى تنميتها فتفكيره مركزى استعلائى ولا يعطى اعتباراً لوجهة نظر أهالى تلك المناطق، ولهذا تفشل خططه المركزية المستبدة. الفرق بين القضية النوبية وقضية بقية مناطق الحدود، أن مناطق الحدود باقية رغم الإهمال والتخلف المفروض عليها، لكن النوبة غريقة ومُهجّرة لأكثر من قرن ومُهددة بالضياع، أى أن الفرق نوعى لا كيفى. فالنوبة لا تشكو الإهمال فقط، النوبة مفزوعة من الضياع التام.
لماذا غضبى من بعد تفاؤلى العام والخاص؟ السبب ما قررته الحكومة بتقسيم النوبة على ثلاث محافظات، فمقالى السابق المشار إليه مستبشر ببداية انتهاء فكر «الاستنواب»، بداية نهاية وليس نهاية، فالاستنواب ما زال يتسلل من مكمنه الذى حوصر فيه، ويحاول عرقلة دخول مصر لعصر جديد بفكر يستشرف المستقبل، فكر يفهم أن التعددية داخل الوطن نعمة وقوة، وهذه بديهية أدركتها الدول المتقدمة باستخدامها عقلها ووعيها ودراستها لتجارب التاريخ، وتأكدت من فشل محاولات سحق الخصوصيات، وعلمت أن من نجح فى سحقها دفع ثمناً أغلى مما كسبه. الدول التى تأكدت أن العصر الحالى لا تخفى فيه خافية، ولن تستطيع سلطة، مهما تغابت وغابت عن العصر، أن تمحو خصوصية بشر بمعزل عن العالم الذى صار من جهة قرية واحدة، ومن جهة أخرى يعترف ويدافع عن التنويعات الإنسانية.
الاستنواب لا يتعلم ولا يفهم، فهو أسير عنصريته كما اتضح من خريطة تقسيم النوبة وسيناء لأشلاء. تقسيم يبين أن الاستنواب ما زال يقاوم ويتلصص، ولا يريد أن يفهم أن مصر لن تعود للوراء، وأن عصر السلطة المستعلية قد انتهى، وأن الخصوصيات الثقافية والأقليات لم تعد لعبة تلهو بها السلطات. هذا التقسيم من ناحية هو محاولة لوأد ما حصلت عليه النوبة وسيناء من دستور 2014، خاصة المادة رقم 236 المشار إليها التى تنص على: «تكفل الدولة وضع وتنفيذ خطة للتنمية الاقتصادية والعمرانية الشاملة للمناطق الحدودية والمحرومة، ومنها الصعيد وسيناء ومطروح ومناطق النوبة، وذلك بمشاركة أهلها فى مشروعات التنمية وفى أولوية الاستفادة منها، مع مراعاة الأنماط الثقافية والبيئية للمجتمع المحلى». تقسيم المحافظات الجديد حجته التنمية، والمادة عاليه تقول إن التنمية «بمشاركة أهلها»، فهل شاركت الحكومة النوبيين والسيناويين فيما فعلته؟ وأيضاً نفس المادة 236 ثبتت حق عودة النوبيين خلال عشر سنوات، فلماذا تقسيم النوبة التى يعمل النوبيون للعودة إليها؟ المقصود نسف حق عودتهم ببعثرة دمائهم بين المحافظات المختلفة. ببساطة.. إنها مؤامرة. مؤامرة فاشلة، فلن يصمت النوبيون. سيتجهون إلى المحاكم المصرية والعالمية، سيهرعون إلى مواثيق حقوق الإنسان وحقوق الشعوب الأصلية التى هم منها، علماً بأن المادة 93 الدستورية، تلزم مصر بتنفيذ الاتفاقيات والعهود والمواثيق الدولية لحقوق الإنسان. سيلجأ النوبيون للرأى العام المصرى الذى وقف معهم ممثلاً فى لجنة الخمسين التى كتبت مشروع دستور 2104، الدستور الذى أنصفهم وأقر بعودتهم. النوبيون، خاصة الشباب، لن يتركوا باباً إلا وسيطرقونه، وبعض الأبواب لن يطرقوها، بل سيحطمونها.
النوبة لن ترضى بالهوان.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.