وصف السفير صلاح حليمة، نائب رئيس المجلس المصري للشؤون الإفريقية، ومساعد وزير الخارجية الأسبق، ورئيس مكتب الجامعة العربية السابق في السودان، العلاقات بين مصر والسودان، بمناسبة احتفال السودان بعيد الاستقلال ومرور 65 عاما على استقلاله، بأنها أشبه بعلاقات بين شعب واحد في دولتين. وقال حليمة، في تصريحات خاصة ل«الوطن»، إن العلاقات المصرية السودانية تمتد بجذورها في أعماق التاريخ، ولها روافد عديدة، ترتبط بالموقع الجغرافي والتاريخ المشترك، ووشائج اجتماعية، وعلاقات ثقافية فضلا عن مصالح مشتركة، ورابطة مياه النيل، واعتبارات الأمن المتبادل في كل ما يتعلق بهذه الأمور، وهناك الأمن القومي المصري وهو الوجه الآخر للأمن القومي السوداني، كلاهما وجهان لعملة واحدة. تغير جذري مع الثورة واعتبر نائب رئيس المجلس المصري للشؤون الإفريقية، أن العلاقات بين مصر والسودان حدث فيها تغير جذري، مع ثورة السودان الشقيق السلمية الشاملة، حيث اتخذت العلاقة منحى جديدا تماما سواء على مستوى العلاقات الثنائية بين البلدين، أو على مستوى البلدين في محيطهما الإقليمي أو الدولي، وقد ساندت مصر السودان في ثورته المجيدة، بدعم خيارات الشعب السوداني. وأشار إلى أن العلاقات بين البلدين اتخذت اتجاه التنامي والتعاظم، خاصة فيما يتعلق بالحركة التجارية وزيادة حجم الاستثمارات بين البلدين، وتحديث البنية التحتية بينهما في أكثر من شريان، سواء البحري أو النهري أو البري أو الربط الكهربائي، وهناك اتجاه نحو إنشاء خط سكة حديد بين البلدين، وهو أمر بلا شك سيزيد من حجم التجارة والاستثمارات في قطاعات إنتاجية. وفيما يتعلق بالأوضاع الاجتماعية، أشار حليمة، إلى أن مصر كان لها نشاطا قويا فيما يتعلق بالعلاقات في مجال الصحة والتعليم وأيضا فيما يتعلق بمكافحة جائحة كورونا، حيث كانت المساعدات التي تم تقديمها من مصر للسودان في هذا الصدد متنوعة جدا وشاملة، ولم تقتصر فقط على جائحة كورونا، ففي واقعة السيول والأمطار التي اجتاحت السودان، مصر نظمت جسرا جويا كبيرا لفترة طويلة، ووزيرة الصحة المصرية ذهبت إلى هناك. شراكة استراتيجية وفيما يتعلق بالعلاقات السياسية والأمنية، قال: نستطيع أن نقول إن هناك شراكة استراتيجية بينهما، سواء فيما يتعلق بالجوانب السياسية أو الأمنية، وأن الأمن القومي المصري والسوداني وجهان لعملة واحدة. وتابع موضحا: هناك مصالح مشتركة تمثلت أيضا في رفع السودان من قائمة الدولة الراعية للإرهاب، وهدف مشترك في مواجهة الارهاب والجريمة المنظمة والاتجار بالبشر والهجرة غير الشرعية، كما أن هناك أيضا اهتمام من جانب مصر بالأمن والاستقرار في السودان، والأمن والاستقرار في منطقة القرن الأفريقي ودول الجوار، وثمة سياسة يحدث فيها تشاور وتناسق فيما يتعلق بالقضايا الأفريقية بصفة عامة، والقضايا الأفريقية بدول الجوار، مثل ليبيا والصومال وجنوب السودان. وأكد وجود اهتمام مشترك أيضا بالقضايا الساخنة في المنطقة من جانب الطرفين والتي يتم التشاور فيها حاليا، مثل ليبيا والصومال وأثيوبيا، خاصة أن قضية أثيوبيا مرتبطة بملف المياه وسد أثيوبيا، في إطار دول حوض النيل، وخاصة التحديات الكثيرة الموجودة في السد الأثيوبي في حالة تواصل أثيوبيا في موقفها المتعنت الذي تتخذ فيه إجراءات إنفرادية وتفرض أمرا واقعا، في مخالفة صريحة وواضحة للقوانين الدولية والاتفاقيات الثنائية والثلاثية، مثل إعلان المبادئ، وأيضا تخالف التجارب الناجحة للدول المتشاطئة على نهر، وهناك طبعا موقف وتنسيق متشرك بين مصر والسودان في هذا الصدد. آليات رئاسية ووزارية وبخصوص الآليات التي تحكم العلاقات بين البلدين، قال مساعد وزير الخارجية الأسبق، إن هناك آلية رئاسية ثم آلية على مستوى رئاسة الوزراء، ثم الوزراء، ثم الخبراء في جميع المجالات، بما فيها العسكرية والأمنية والاقتصادية والسياسية، وهو ما يجعلنا نقول إن العلاقات ما بين البلدين أشبه بعلاقة شعب واحد في دولتين، مثلما كان يقال، وهاتان الدولتان تبحثان الآن عن مصلحة هذا الشعب الواحد، وهناك نوع من التطابق في السياسات والمصالح المشتركة بينهما، ولا ننسى في هذا السياق أنهما كانتا دولة واحدة في السابق.