«رأفت الهجان»، «دموع فى عيون وقحة»، «السقوط فى بئر سبع»، «عابد كرمان»، «حرب الجواسيس» و«الصفعة»، مسلسلات تنتمى إلى نوعية دراما الجاسوسية التى حاولت رصد أبعاد الصراع العربى - الإسرائيلى بشكل تشويقى، وسعت إلى تشكيل الوعى تجاه الدور الوطنى لجهاز المخابرات الحربية، هذا هو الهدف من دراما الجاسوسية، ولكن فى مسلسل «العملية ميسى» الأمر يختلف، فالمسلسل يمثل نقلة نوعية فى شكل دراما الجاسوسية التى اعتاد عليها الجمهور، حيث تدور أحداثه حول قرد يُدعى «ميسى» تسعى وكالة الاستخبارات المركزية الأمريكية إلى خطفه. «لكل مقام مقال وكل زمان وله مسلسلاته التى تناسبه» كلمات يوسف شعبان، أحد أبطال «رأفت الهجان»، الذى اعتبر أن مسلسلات الجاسوسية الآن لن تحظى بأى اهتمام من الجمهور سواء المصرى أو العربى بسبب الأوضاع السياسية الجديدة التى تمر بها الدول العربية حالياً. وقال «شعبان» إن الظروف السياسية الحالية تتناقض تماماً مع الأسباب التى أدت إلى ظهور «رأفت الهجان»: «كنا فى أواخر الثمانينات نعانى مع إحباط بسبب الهجمات التى كانت تشنها إسرائيل على الأراضى الفلسطينية، فأراد مخرج المسلسل يحيى العلمى تقديم عمل درامى يرفع معنويات المواطن العربى مستعيناً بقصة حقيقية من المخابرات الحربية؛ ليبين أنه حتى لو انتصرت إسرائيل بقوة المدفع فالعرب يمكنهم الانتصار عليها بالذكاء والعقل. مضيفاً أن ظهور مسلسل مثل «العملية ميسى» ليس غريباً كما يظن البعض بل هو مناسب للمرحلة السياسية التى نعيشها. الكاتب والسيناريست بشير الديك، مؤلف «حرب الجواسيس» قال: «واضح جداً أن المسلسل ليس له علاقة بالمخابرات المصرية أو المصريين، ويبدو أن قصته متأثرة بالفيلم الأمريكى (كوكب القرود) إلى حد كبير، فالمسلسل يميل فى حبكته وتفاصيله إلى الغرب». الدكتور نبيل فاروق صاحب سلسلة «رجل المستحيل» ومؤلف «العميل 1001» قال إنه لا مانع من ظهور دراما كوميدية أو فانتازيا ساخرة عن «الجاسوسية» على شاشة التليفزيون بشرط عدم الإساءة لجهاز المخابرات الحربية، وهو ما لم يحدث حتى الآن. وأكد «فاروق» أنه «فى الفترة بين نكسة 1967 ونصر أكتوبر 1973 ظهرت أفلام تتناول الجاسوسية بشكل كوميدى مثل سلسلة أفلام الفنان فؤاد المهندس (عودة أخطر رجل فى العالم)، ولم ير الساسة أو النقاد فى ذلك الوقت أنها تمثل خطراً أو إساءة». وفى العالم الغربى وخصوصاً الولاياتالمتحدةالأمريكية، حسب «فاروق»، ظهر عدد من الأفلام التى تتناول فكرة الجاسوسية بشكل كوميدى فانتازى مثل «القط الوردى»، بل إن هناك عدداً من الأفلام التى تناولت بالنقد والسخرية شكل الحياة فى الجيش الأمريكى عقب الهزيمة الفادحة التى منيت بها أمريكا فى فيتنام وهو فيلم «msass»: «يجب أن نحترم حرية الإبداع و(العملية ميسى) جزء من هذا الإبداع، والصدمة التى سببها المسلسل جاءت بعد محاولته كسر تابوه من تابوهات الدراما المصرية، وهى أن دراما الجاسوسية لا تظهر إلا بشكل جاد فيها إثارة وتشويق». «من حقنا كمبدعين أن نقدم ما نريده ومن حق الجمهور وحده أن يحكم على ما نقدم بالقبول أو الرفض» كلمات أحمد المناويشى مخرج «العملية ميسى»، الذى أكد أن المسلسل لا يهدف إلى تأريخ مرحلة معينة فى تاريخ مصر، أو إذكاء الحس الوطنى مثل مسلسلات الجاسوسية المعروفة، بل هو مسلسل كوميدى يعتمد على الخيال. ورفض «المناويشى» أى حديث عن أن المسلسل يعد هبوطاً بمستوى دراما «الجاسوسية»: «نحاول تقديم عمل ترفيهى للجماهير يعتمد فى تيمته على فكرة الأسطورة، فلا يوجد فى الحقيقة قرد يتكلم أو يتحرك، كما أننا أظهرنا فى المسلسل كامل الاحترام لمؤسسة المخابرات الحربية، فلم يكن القرد هو المحرك للأحداث بل هم من يقومون بتحريكه والتحكم به». مضيفاً أن فكرة المسلسل ظهرت خلال عام 2012 حينما قال الرئيس المعزول محمد مرسى إنه يحب فيلم «كوكب القرود» ومتأثر به، وهو ما يمثل قمة الكوميديا السوداء حسب «المناويشى».