كان الزمان سنة 332 قبل ميلاد المسيح.. وكان المكان معبد آمون بواحة سيوة.. أما البطل فهو «حابى».. ولم يكن حابى سوى شاب مصرى بسيط ذهب إلى معبد إله المصريين القدماء ناقماً.. كيف للآلهة أن تستقبل الغازى المقدونى الملقب بالإسكندر محمولاً على الأعناق، بل ويجعلوه فرعوناً على المصريين فى «منف»؟.. وتساءل فى جنون: أيها الناس، لقد خرج الفارسى ودخل المقدونى، يا أيتها الآلهة، لقد قمتِ ببيعنا.. يا أيتها الآلهة، لقد قمتِ بخيانة هذا الشعب.. فردّ عليه أحد الحكماء: لا تخف يا ولدى، إن لآبائنا لعنة، وقد فتحنا للإسكندر الباب حتى نطرد اللعنة القديمة.. إن الآلهة تسلط الأرواح الشريرة على بعضها البعض. ولكن كان لكهنة آمون قول آخر بُنى على صفقة حقيرة.. ذهبوا إلى الإسكندر وأبلغوه بأنه ليس لأبيه فيليب ولكن أبلغهم إلهُهم آمون بأن الإسكندر ابنه هو، وقد مهد له طريق مصر حتى يمكّنه من الأرض ومن عليها، وأنه منذ هذا اليوم قد أصبح نصف إله.. وقالوا له: مباركة هى خطوتك فى الأرض.. معصوم أنت من كل الخطايا.. إن الآلهة لا تخطئ. أدرك الإسكندر الصفقة سريعاً، واستحسنها غروره، فقد أصبح نصف إله، أو هكذا يريد أن يكون، ونادى على المؤرخ كاليستين الذى يرافقه فى كل غزواته وقال له: سجل أننى سأذهب إلى معبد آمون. لقد أصبحت ابنه منذ هذه اللحظة.. فرد كاليستين: ولكنك مقدونى وأبوك هو فيليب وما أنا بمزيف للتاريخ.. فقال له: إن التاريخ هو ما أفعله أنا وليس ما تكتبه أنت.. ولكن كاليستين رفض فكان مصيره القتل. وقبل أن ينطق قائد الجيش بكلمة جاءت كلمة كهنة آمون: «إن الآلهة لا تخطئ». انتشر الخبر فى سيوة.. يا أهلنا، إن الإسكندر قد أصبح فرعونياً.. يا أهلنا، إن الإسكندر أصبح مصرياً.. يا أهلنا، أبشروا فقد أصبحنا فى ظل حكم ابن الإله آمون.. رفض عقل حابى أن يستوعب ما يُدار، وذهب إلى معبد آمون ليلتقى الإسكندر هناك فمنعه الحرّاس، فقال إنى أحمل للإله قرابين، ومنذ متى تقيمون حاجزاً بينى وبين آمون.. فردّ كهنة آمون بأن الإله يريد الاختلاء بابنه، فقال: هذا الابن مقدونى وليس منا، فقالوا: أكفرت يا حابى؟! وهنا خرج عليه الإسكندر وقال له: إنى أحصل على القرابين نيابة عن الإله.. فردّ: أتحصل عليها لترسلها إلى خارج وطنى وتزوّد بها قواد جيشك.. فقال: إن الآلهة ولّتنى، وإنى أحمل الخير لمصر وأهلها.. فقال له: إنى لا أعمل.. فرد الإسكندر: إن النهضة قادمة.. فقال: إنى لا أجد خبزاً.. فرد الإسكندر إن النهضة قادمة.. فحاجَّه حابى، ولم يملك الإسكندر الحجة فأخرج سيفه وقتله.. وسالت دماء حابى أمام بنى وطنه.. وهمّ رفاقه لأخذ جثمانه، فجاءت كلمة «كهنة آمون»: إياكم أن تلمسوه أو تدفنوه، لقد كفر واحتجّ على ابن الإله، وقد قتله الإسكندر وهو معصوم من الخطأ.. «إن الآلهة لا تخطئ».