«الحلوة داير شباكها شجرة فاكهة»، والحلوة «نعيمة» هى أيضاً فاكهة محرَّمة يصعب الاقتراب منها، أو اشتهاؤها، ذلك لأنها محجوزة منذ صغرها للزواج من ابن عمها «عطوة»، دون أن يكون لها فى ذلك رأى أو مشورة، يكفى أن يوافق أبوها، فيصبح عليها أن تطيع، حتى ولو كان «عطوة» يرغب فى الزواج منها طمعاً فى أملاك والدها الريفى الثرى، غير أن الصدفة وحدها تحمل لأذنيها صوت «حسن المغنواتى» حين يأتى لإحياء أحد الأفراح فى قريتها، يتعلق القلب بالصوت قبل أن تتعلق به العينان، تلتقى العيون فتتآلف القلوب، يتعاهد كل من «حسن» و«نعيمة» على الزواج، يطلبها من أبيها، فيرفض الأب باعتبارها محجوزة لابن عمها، ولأن «حسن» ك«مغنواتى» لا يصلح للنسب الشريف، تتمرد «نعيمة» على قرار أبيها الظالم فتهرب لبيت «حسن» لتقيم معه فى رعاية أمه، تثور ثائرة الأب، فيذهب لإعادة ابنته، وهناك فى بيت «حسن» يتجدد طلب الزواج فيوافق الأب أمام أعيان قريته، حتى إذا عاد بابنته إلى قريته نقض ما اتفق عليه، وقرر تزويج «نعيمة» ل«عطوة»، الذى يقدم على إطلاق النار على «حسن» انتقاماً منه، غير أن الرصاصة التى تصيب «حسن» بالفعل، لا تقتله، إذ يعاود زيارة قرية «نعيمة» مرة أخرى لتجديد طلب الزواج بالاستعانة بأعيان القرية الذين شهدوا على موافقة والد «نعيمة»، إلا أن «عطوة» ينتظره على الطريق ويصوب عليه بندقيته، تخطئه الرصاصة ويتم القبض على «عطوة» ويتزوج «حسن» من «نعيمة» وتنتهى القصة. نهاية سعيدة وضعها الكاتب والشاعر والممثل الشهير «عبدالرحمن الخميسى» للفيلم الذى كتبه ليخرجه الراحل بركات تحت عنوان «حسن ونعيمة» فى عام 1959، وأنتجه الموسيقار الراحل محمد عبدالوهاب، وهى نهاية تخالف النهاية الأخرى التى يرويها الناس، إذ يقال إن قصة «حسن ونعيمة» قصة حقيقية، وقعت أحداثها بالفعل فى الربع الأول من القرن العشرين، ليس فى قرية الدراكسة التابعة لمحافظة الدقهلية كما جاء بالفيلم، وإنما فى قرية «بنى واللمس»، التابعة لمركز بنى مزار بمحافظة المنيا، حين عشقت «نعيمة» المطرب «حسن»، ورفض والدها زواجها منه، فهربت لمنزله، وانتقاماً منه ومنها قام شقيقها وابن عمها باستدراجه لمنزلهم، حيث ذبحوه وفصلوا رأسه عن جسده، وتخلصوا من جسده بإلقائه فى النيل، فى حين حصلت «نعيمة» على الرأس لتخفيه فى قفص، قبل أن تنكشف الجريمة فيتم إلقاء القبض على الجناة، ويحكم عليهم بالسجن المؤبد، وتصاب «نعيمة» بالجنون، وتصبح قصتها مع «حسن» موَّالاً يردده المغنون. وبعيداً عن النهايات الحزينة والسعيدة على السواء، فإن لصناعة الفيلم قصة تستحق أن تروى، إذ يقال إن الموسيقار «عبدالوهاب» منتج الفيلم، كان يرغب فى إسناد دورى البطولة لكل من فاتن حمامة وعبدالحليم حافظ حتى يضمن نجاح الفيلم، غير أن «الخميسى» كاتب السيناريو والحوار، اقرح أن يلعب الدورين وجهان جديدان، فتم ترشيح الوجه الجديد «محرم فؤاد» لدور «حسن»، وجاء «الخميسى» بفتاة صغيرة تدعى «سعاد حسنى»، كانت ابنة زوجة أحد أصدقائه لتلعب دور «نعيمة»، ولأن «سعاد» وقتها لم يكن قد سبق لها التمثيل على الرغم من كونها شقيقة المطربة نجاة الصغيرة من الأب، فقد دفع بها «الخميسى» للممثل عبد الوارث عسر ليعلمها فن الإلقاء، وللممثلة إنعام سالوسة لتدربها على التمثيل، ولم تكن قد أكملت عامها العشرين حين وقفت للمرة الأولى أمام كاميرا السينما لتؤدى الدور، وخلافاً لكل التوقعات، نجح الوجهان الجديدان فى أول دور يسند إليهما، كما نجح الفيلم، وصار نقطة انطلاق لكل من بطليه محرم فؤاد، وسعاد حسنى.