سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
"الوطن" تنشر نص كلمة السيسي في القمة الإفريقية: المصريون تألموا باتخاذكم موقف مغاير لإرادتهم ثار الشعب المصري في 25 يناير و30 يونيو لتحقيق تطلعاته نحو العدالة والكرامة الإنسانية
ألقى الرئيس عبدالفتاح السيسي كلمة مصر خلال القمة الإفريقية المنعقدة بغينيا الإستوائية، ووجه فيها الشكر لشعب وحكومة غينيا على حفاوة الاستقبال وحسن الضيافة، وأعرب عن تقديره للرئيس محمد ولد عبدالعزيز، رئيس جمهورية موريتانيا الإسلامية على نجاحه في قيادة الاتحاد الإفريقي بحكمة ثاقبة. وقال السيسي: "أتوجه بالشكر لزوما، رئيسة مفوضية الاتحاد الإفريقي على التنظيم المتميز لاجتماعاتنا، وإنه من دواعي الفخر أن أكون بينكم ممثلًا لشعب مصر والذي طالما أعتز بانتمائه للقارة الإفريقية وعهدتموه رفيقًا في النضال والعمل الإفريقي المشترك"، مشددًا على أن انتماء مصر لإفريقيا ليس فقط لاعتبارات التاريخ والجغرافيا بل ارتباط جذور وهوية وملحمة مشرفة من النضال المشترك عاشها الآباء المؤسسون وهم عبدالناصر ونكروما حتى مانديلا في سبيل تحرر شعوب القارة ورفعة شأنها بين الأمم، استنادًا إلى رؤية طامحة لإفريقيا وللعالم تقوم على قيم العدالة وحقوق الإنسان واحترام كرامته. وأضاف أن "مصر تعود إليكم ولديها ما تحكي عنه بكل فخر واعتزاز وكلها ثقة في أن ما مرت به من صعاب وما حققه شعبها من إنجازات هو رصيد مشترك لشعوبنا جميعًا، كما أننا على وعي تام بأنه مثلما كان التحرر ملحمة مشتركة طويلة خاضتها إفريقيا منذ عقود فإن ثورة الشعب المصري في 25 يناير و30 يونيو كانت من أجل أهداف تمثل تطلعات مشتركة لشعوبنا نحو التنمية والديمقراطية والعدالة والكرامة الإنسانية، وهي القيم الذي عبر عنها دستور مصر الذي تم إقراره في بداية العام الجاري". وأكد السيسي أن الديمقراطية طريق نسير عليه جميعًا لا يخلو عوائق تحديات حقق بعضنا تقدمًا أكثر من بعضنا الآخر في مواجهتها ولكن أحدا لايستطيع الادعاء أنه بلغ حد الكمال. وذكر إن مصر وإن غابت لبعض الوقت عن المشاركة في أنشطة الاتحاد الإفريقي إلا أنها لم تتوقف يومًا عن الانشغال بهموم و قضايا قارتنا السمراء، فمصر لا يمكن أن تنفصل عن وجودها وواقعها الإفريقي. وأشار إلى أن مصر ساهمت في تأسيس منظمة الوحدة الإفريقية عام 1963، ولم تبخل بعقول أبنائها ولا قوة سواعدهم لبناء الكوادر و القدرات الإفريقية. وتابع: "لا يخفى عليكم إن شعب بلادي تألم حينما رأى الاتحاد الإفريقي يتخذ موقفًا مغايرًا لإرادته حينما رأى إخوته الأفارقة لا يبادلونه التضامن والمساندة والتأييد"، ومضى: " الآن، وبعد أن تابعتم بلورة استحقاقات خارطة مستقبل الشعب المصري وإقرار الدستور والانتخابات الرئاسية، فإنني على ثقة أن الأفارقة باتوا يدركون أن 30 يونيو ثورة شعبية مكتملة الأركان، انحازت فيه القوات المسلحة لإرادة للشعب وليس العكس". وقال: "إننا لسعداء أن نشهد بدء الاتحاد عملية مراجعة وتطوير لنصوصه ذات الصلة بما يضمن مساندتنا لإرادة شعوبنا"، وأضاف أن "ثورة 30 يونيو تضافرت فيها جهود جميع المصريين بحق لتجنيب البلاد حربًا أهلية والحيلولة دون انجرافها لمصير مجهول انساقت إليه للأسف بعض دول منطقة الشرق الأوسط وتدفع شعوبها اليوم الثمن فادحًا على مرأى ومسمع من الجميع وفي مقدمتهم دول القارة الإفريقية التي يجاور بعضها هذه الدول ويشارك شعوبها مأساتهم". "لقد نجح الشعب المصري في تجنب مثل هذ المصير بتوحده والتفافه حول هدف متمثل في خارطة مستقبله تحقيقا لآماله وتطلعاته الكثير من الدول بتوحده والتفافه هو خارطة المستقبل تحقيقا لآماله وتطلعاته نحو مستقبل أفضل"، يضيف السيسي. واستطرد قائلًا: "نعرب عن تقديرنا للاتحاد الإفريقي من خلال بعثة المراقبة الإفريقية، وتقديري للرئيس ألفاعمر كوناري وفيستوس موخاي على ما قاموا به من جهد دؤوب كحكماء، وأيضًا أتقدم بالتهنئة لمحمد دليتا، رئيس وزراء جيبوتي الأسبق، كمبعوث للاتحاد الإفريقي، وأتمنى له التوفيق فيما يحقق تطلعات الشعب الليبي نحو الحرية والديمقراطية". وقال "إنه أنه بعد مرور 50 عامًا على إنشاء منظمتنا فإن دولنا لاتزال تجابه تحديات لا تقل جسامة عن تلك التي جابهتها فجر حصولها على الاستقلال وفي مقدمتها التنمية باعتبارها الاحتياج الأكثر إلحاحا لشعوبنا وأحد المتطلبات الرئيسية لتحقيق أمنها واستقرارها، ولقد حبا الله القارة السمراء بثروات طبيعية وأرض خصبة ووفرة في المياه العذبة وثروات معدنية هائلة وحياة طبيعية ثرية وعقول مفكرة وخبرات عملية وعملية وقوى عاملة وموانئ بحرية وبرية وكلها مقومات لو اجتمعت في أي إطار تعاوني لكانت كفيلة لإنجاحه وتحويله لنموذج يحتذى"، ولكن على الرغم من مرور أكثر من نصف قرن على تاريخ التعاون الإفريقي لم ننجح في تحقيق ما تصبو إليه آمال شعوبنا، فما زال شبح الجهل والجوع والمرض والأمية يخيم على حياة الشعوب الإفريقية وبدلًا من الانخراط في العمل الجاد والبناء تنخرط بعض دول القارة في نزاعات دامية قبلية تمزق أوصال دولنا ونفقد فيها خيرة أبنائنا بكل ما يمثلونه من آمال واعدة وطاقات منتجة. وتابع: "آن الأوان لنتغلب على جميع المعوقات ونتخلص منها نهائيًا ونضع نصب أعيننا سبل الاستفادة من ثرواتنا، فنجاح دولنا في تحقيق معدلات نمو تجاوز إجمالي متوسط النمو العالمي خلال السنوات الأخيرة وبالرغم من الأزمات الاقتصادية والمالية. وقال: "في الوقت الذي تشهد المبادلات الاقتصادية العالمية مع إفريقيا اختلالات لابد أن نعمل على إصلاحها فصادرات القارة من المكونات الأولية بلغت 8% من إجمالي صادرتها في عام 2012 وهو أمر يتطلب تعزيز الجهود الوطنية والقارية لدعم وتطوير الصناعة ونقل وتوطين التكنولوجيا والاهتمام اللازم ببرامج التدريب والتعليم المهني، وتمثل التنمية الزراعية والأمن الغذائي تحديات هامة لطالما واجهت بلداننا، ومن هنا فإن اختيار هذا الموضوع ليكون محورًا لقمتنا، إنما يعبر عن وعينا بأهمية تعزيز الاستثمارات في هذا القطاع الحيوي الذي يمثل مصدر نصف الدخل القومي لإفريقيا ويستوعب أكثر من 70% من قوة العمل على مستوى القارة. وأشار إلى أن ن مصر ستعمل بكل عزم من خلال رئاستها لمؤتمر وزراء البيئة الأفارقة اعتبارًا من سبتمبر المقبل أن تتحدث إفريقيا بصوت واحد مسموع في المحافل التفاوضية. وأضاف إن مصر ستواصل دورها وعطاءها الإفريقي بما يدعم التعاون بين أبناء القارة الواحدة فكما كانت سباقة لإنشاء الصندوق المصري والتعاون الفني مع أفريقيا في ثمانينات القرن الماضي، انطلاقا من إيمانها بالحلول الإفريقية وضرورة تعزيز الاعتماد على مواردنا الوطنية لتحقيق التطلعات المستحقة لشعوبنا، فقد عملت مصر على مدار العام الأخير على إنشاء الوكالة المصرية للشراكة من أجل التنمية التي ستبدأ أنشطتها خلال أيام قليلة في الأول من يوليو، ونثق في أنها ستمثل نقلة نوعية في الدور الذي تقوم به مصر في تأهيل الكوادر الإفريقية في مختلف المجالات ودعم مبادرات تعاون جديدة لتنفيذ مشروعات تنموية رائدة، وذلك اقتناعا لمصر أن تمثل الحقبة المقبلة نهضة حقيقة على مستوى العمل الإفريقي المشترك. وقال إنه عندما نتأمل خريطة النزاعات في قارتنا اليوم ندرك حجم التحديات الجسيمة التي نواجهها في مجال السلم والأمن الأمر، ما يتطل تكثيف جهودنا وحشد امكانياتنا لتفعيل مبدأ الحلول الإفريقية للمشاكل التي نواجهها. وتعهد الرئيس بأن تواصل مصر بذل جهودها بالتعاون مع الأشقاء في الدول الإفريقية للعمل على تسوية النزاعات التي طالت العديد من دول القارة، وتسببت في عرقلة برامج التنمية وتنج عنها مئات الآلاف من اللاجئين والنازحين والضحايا وستواصل جهودها ومنع وإدارة وتسوية النزاعات وإعادة الأعمار والتنمية بما يحول دون انزلاق الدول الخارجة من النزاعات إليها مجددًا فضلا عن تعزيز مساهمة ومشاركة مصر في بعثات حفظ وبناء السلام في إفريقيا. وذكر إن القارة الإفريقية تواجه خطرًا متزايدًا يتمثل في التهديدات الأمنية عابرة الحدود وفي مقدمتها الإرهاب، وأدان السيسي كل أشكال الإرهاب مشددًا على أنه لا مجال لتبريره أو التسامح معه. وقال إن مصر تؤمن أن التفاهم والحوار المستمر هو السبيل الأمثل لتسوية أي خلافات بين أعضاء أسرتنا الأفريقية، وإن وجدت الإرادة وصدقت النوايا فبإمكاننا إيجاد حلول تحقق المنفعة للجميع دون إلحاق الضرر بأي طرف، وأوضح أن يد مصر الممدودة للتعاون مع إفريقيا ستقابلها أيادي شركاء بنفس القدر على تحقيق الوحدة والنهضة المشتركة. وأعرب عن اعتزازه بدعم إفريقيا لنضال الشعب الفلسطيني للحصول على حقه المشروع في تأسيس دولته المستقلة وعاصمتها القدس، وقال إن شعوبنا الإفريقية تدرك أنه لا سبيل لكسر الإرادة الإنسانية وأن التفوق العسكري والمادي لأي قوة احتلال لن يمكنها من مواصلة الهيمنة على مقدرات شعب بأكمله والاستمرار في تجاهل قرارات الشرعية الدولية. واختتم السيسي كلمته قائلًا: "عشتم وعاشت إفريقيا وعاش نضال شعوبنا المشتركة".