«عايزين مكان نقف فيه، وإحنا ندفع إيجاره»، بصوت عالٍ قالها أحمد عبدالله، صاحب فرشة على رصيف مجمع التحرير، خوفاً على فرشته التى تعتبر مصدر رزقه الوحيد من حركة إزالة الإشغالات فى أرجاء وسط البلد «كل شوية نسمع إنهم هيشيلوا الفرشة نجرى نخبيها بعد ما نص البضاعة يتكسر، دلوقتى إحنا بنطلب من الحكومة الجديدة مكان يلمنا». يوماً بعد يوم لا شىء يتغير، يجرى «أحمد» والباعة الجائلون بالمنطقة كلما طاردهم رجال المرافق، يسعى للاتفاق مع الباعة ومناشدة الحكومة الجديدة باقتراحه «الناس كلها اللى واقفة هنا بيسترزقوا، بنصحى من 5 الصبح عشان نحمل البضاعة ونفرشها قبل ما الناس تصحى، وإحنا لو بلطجية زى ما بيقولوا كنا نروح نسرق أحسن بدل الوقفة دى». اتفق أحمد وزملاؤه الجائلون على إخلاء منتصف الطريق والصعود على الأرصفة ببضائعهم وتقليل الفرشة حتى لا تأخذ حيزاً كبيراً من الشارع، فعلوا هذا كى لا يضايقوا الحكومة ولإثبات تعاونهم معها، ويطالبونها بالمثل «مش عايزين غير حتة ثابتة تستوعبنا وندفع إيجارها»، مشيراً إلى قطعة أرض فضاء تجاور المجمع. «من مصنع لفرشة على الرصيف»، هكذا حال الشاب الثلاثينى الذى تعطل مصنعه منذ الثورة الأولى، لم يجد أمامه سوى الرصيف يفرش عليه بضاعته حتى يعول أسرته «حالى زى ناس كتير اتخرب بيتهم بعد 25 يناير، وقفت بفرشة على الرصيف زى الناس ما بتعمل عشان محمد وملك عيالى يعرفوا يعيشوا بدل ما عمال أدور على شغل ومش لاقى». حلم أحمد وزملائه لن يجد سبيله إلى التحقق، بعد تأكيد خالد مصطفى، المتحدث باسم محافظة القاهرة، أن «ميدان التحرير يعتبر من أشهر ميادين العالم، ولا يمكن أن يليق به أو نسمح بوجود باعة جائلين فيه مرة أخرى»، مشيراً إلى أن قطعة الأرض التى طالب بها «أحمد» وغيره من الباعة لا تصلح لأغراضهم «كانت فى البداية جنينة قبل ما تبقى رمل بسبب المظاهرات أيام الثورة، وحالياً هنزرعها من جديد ونرجعها زى ما كانت».