نحو ثلاث سنوات ونصف «تواريتِ» عنا وأعلنتِ «غضبكِ» علينا و«اختفيتِ» دون حتى أن تودعينا بكلمة أو بنظرة.. ثلاث سنوات ونصف مرت الواحدة منها وكأنها «دهر» بأكمله.. ومرت شهورها وكأنها سنوات.. وكانت الدقائق فيها أطول من الأيام.. والثوانى تمر كالساعات.. نعم، «نعترف» بأن بعضنا قد أغضبكِ ولكنه كان «حسَن النية» ولم يقصد.. ولكن غيرنا -وهم ليسوا منا- حاولوا خداعكِ بل أقاموا مزاداً للتخلص منك!! نعم، «نعترف» بأننا قد أغضبناكِ ربما بكلمة لم نكن نقصدها عندما كان يحلو للبعض منا أن يشكو من معاناته معكِ ولكن بنوع من «العتاب».. والبعض الآخر -دوننا- أراد أن «يغدر» بكِ فكانت خطيئة لا تغتفر.. فغادرتِنا وترتكتينا حيارى.. نادمين.. يحرقنا شوقنا إليكِ.. وأصبحنا فى النهاية نهباً للذكريات وقت أن كنتِ تلفيننا.. تحتضنيننا!! أسابيع عدّة مرّت وأعقبتها شهور.. وتلتها سنوات طوال لا تنتهى وأنتِ مصرَّة على «الهجر والبعاد».. ومضى زمن طال وكنتِ على نفس درجة «عنادك».. تصرِّين على عدم الظهور على الرغم من أننا جميعاً كنا نشعر بوجودكِ بيننا.. قلقة علينا.. تراقبين أحوالنا، ولكن وأنت بعيدة مختفية عن عيوننا!! ثلاث سنوات ونصف مرت علينا كالدهر.. ومع هذا لم ينجح معكِ أى رجاء أو توسل فى أن يقنعكِ بالتنازل عن «غضبكِ» وتكشفين عن نفسكِ وتعودين إلينا كما اعتدناكِ.. نبيلة.. متسامحة.. حنونة!! قالوا إنكِ عدتِ إلى مسقط رأسكِ الجديد (ميدان التحرير) خلسة فى ساعات الليل المتأخرة ذات يوم خشية أن يراكِ أحد فيخبرنا بمكانك ويبدد حيرتنا.. وادّعى آخرون أنهم شاهدوكِ فى «ميدان العباسية».. وغيرهم قالوا إنكِ موجودة فى «روكسى».. والبعض الآخر أقسم على أنه قد شاهدكِ فى «ماسبيرو».. وأنكِ انتقلتِ بعدها إلى «المنصة» بمدينة نصر.. بينما أصر كثيرون على أنكِ مختبئة فى ميدان «مصطفى محمود»، إلى أن جاء من يخبرنا ويصدمنا بأن «الآخرين» قد اختطفوكِ واحتجزوكِ فى «وكر» لا نعرفه زرعوه بطريقة «شيطانية» على سفح هضبة تطل على القاهرة أو مكان ما ربما كان خارج الحدود.. وخططوا ل«بيعك» هناك!! بحثنا عنكِ فى كل مكان.. فى عيون «الناس» ولكن بلا فائدة.. قال البعض إنك غاضبة منا بدرجة آثرت بسببها الاختفاء عن عيوننا حتى نعرف «قيمتك».. ولكنك أبداً لم تغادرى موقعك فى قلوبنا.. لدرجة أن البعض منا عندما أعياه البحث عنكِ وأضناه «البعاد»، عاش فى «ذكرياته» معك.. استعاد ذكريات طفولته.. شبابه.. وتمنى أن تعودى!! لم نترك «عرّافاً» إلا وسألناه أين أنت.. وأين تختفين! تجرّعنا الآلاف من «فناجين القهوة» كى يفتش فى بقاياها عنك فربما كنت تقبعين فى قاع أحدها فيكشف عن مكان اختفائك، ولكن لا جدوى!! كثيرون حاولوا تفسير هذا الاختفاء واختراق دوائر السرية التى غلفتِ بها تحركاتِك إلا أن الفشل كان نتيجة طبيعية لتلك المحاولات.. ويبدو أن قسوة «الغضب» الذى اجتاحك كانت جداراً أصم صلداً حال دون نجاح هؤلاء فى التسلل إلى عالمك!! ثلاث سنوات ونصف عشنا على ذكرياتنا معكِ على مدى سنوات العمر منذ أول لقاء لنا فى الدنيا.. لم ننسَ أن تمسُّكنا بكِ على مدى العمر دفعنا لأن نتحدى كثيرين حاولوا اختطافكِ ولكننا أزحناهم بعيداً.. قاومناهم.. ولكننا خُدعنا ودون أن نقصد أغضبناكِ فكان هذا البعاد!! نعم، أعلنا مراراً ندمنا على كل ما قد نكون قد اقترفناه فى حقك دون أن نقصد.. وخرجنا جميعاً يوم 30 يونيو الماضى نناشدك العودة.. فبدت لنا «بوادر عودتك» وأنكِ قد بدأتِ تتنازلين عن عنادك وتغفرى لنا كل أخطائنا فى «حقك» وإن كان فى الواقع «حقنا».. وقبل أن نصبح نهباً لليأس والإحباط خرجنا مرة أخرى لأيام ثلاثة فى شهر مايو الماضى لنعلن باختيارنا حرصنا على «إنقاذك» من مختطفيك.. وأخيراً عدتِ لنا آمنة .. مطمئنة. ولأنكِ تتمتعين بروح متسامحة وقلب يتسع لنا جميعاً فلذا لن نعود أبداً إلى مثل تلك الحماقات ولن نغضبكِ مرة أخرى فى أى يوم من الأيام.. فأنت وطن نعيش فيه ويعيش فينا!!