مرصد الإفتاء: داعش يستخدم خطابًا استعطافيًّا بهدف استقطاب الشباب

قال مرصد الفتاوى التكفيرية والآراء المتشددة، التابع لدار الإفتاء المصرية، في تحليل كلمة المتحدث باسم تنظيم "داعش"، أبو حمزة القرشي، بعنوان: (فَاقْصُصِ الْقَصَصَ لَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ)، إنها جاءت تحمل عددًا من الرسائل، التي تعبر عن المرحلة الحالية التي يعيشها التنظيم، خاصة على المستوى الخطابي، مؤكدا أنها حملة لغة الاستعطاف، بهدف تجنيد الشباب.
وأشار المرصد، إلى أن الرسالة الأولى التي حملتها الكلمة، تكثيف الهجوم على علماء الأمة، في إشارة إلى استمرارية داعش في التحريض على استهدافهم؛ لأنهم أصحاب آراء معتدلة تتصدى لأفكاره الشاذة؛ إذ دعى عناصر التنظيم إلى استهدافهم وقتلهم والتنكيل بهم، على اعتبارهم "كفارا" يوالون الحكام؛ مؤكدا أن الأئمة المعتدلين هم حائط صد في مواجهة محاولات تجنيد الشباب.
وأكد أبو حمزة القرشي، على ضرورة الابتعاد عن متابعة وسائل التواصل الاجتماعي، وعدم الاستماع إلى الفتاوى من العلماء ورجال الدين المعتدلين؛ لأن مواقع التواصل الاجتماعي تعد من أبرز الوسائل، التي يبث من خلالها التنظيم أفكاره، ويسعى للسيطرة عليها عبر نشر "فتاويه" الشاذة، خاصة أنه مستمر في بث دعاوى متطرفة بهدف الاستقطاب، وهو ما أكدته تقارير تحدثت عن ارتفاع مستوى الخطابات "الدعوية" التي يبثها التنظيم بهدف التجنيد.
وأوضح مرصد الفتاوى التكفيرية والآراء المتشددة، أن الرسالة الثانية التي أراد التنظيم الخروج بها، تمثلت في محاولته الرد على ما أسماها: "الادعاءات الباطلة ضده"، والنأي بنفسه عن حالة الفوضى التي انتشرت في الكثير من الدول التي ضربها إرهابه، بل الخروج بخطاب "استعطافي"، وهي المرة الأولى التي يخرج بها التنظيم بهذه اللهجة الاستعطافية، ويتضح ذلك في قول المتحدث باسم التنظيم أبي حمزة القرشي: "يا من تطعنون في عقيدتنا وسخرتم منا، والله سيأتي يوم تقفون فيه بين يد الله العظيم"، وهى عبارة بعيدة عن لغة التهديد والوعيد التي كان داعش يتبعها في إصداراته.
وأوضح تحليل المرصد، أن الرسالة الثالثة في هذه الكلمة، تمثلت في اتجاه التنظيم صوب دول الخليج، وسعيه إلى توظيف الأحداث الأخيرة هناك في استقطاب الشباب، وحثهم على شن هجمات إرهابية، واستهداف المنشآت الاقتصادية لبلادهم، ومن جهة أخرى يسعى داعش من خلال هذه الرسالة، إلى حث شباب هذه الدول على الانضمام إليه، كجزء من حملة التنظيم التي تقوم على استهداف أبناء المجتمعات ذات المستويات الاقتصادية المرتفعة، ضمن استراتيجية التنظيم الحالية، التي تبنى على أساس التمويل الذاتي نسبيًّا.
وذكر المرصد، أن الرسالة الرابعة في الإصدار، تناولت دعوة عناصر التنظيم لشن عمليات إرهابية على السجون، وضرورة تحرير عناصره منها، وهي تأتي كجزء من استمرارية داعش في استهداف السجون، بهدف الاستعانة بكبار عناصره الذين ألقي القبض عليهم، خاصة في دول بعينها كالعراق وأفغانستان.
وأفاد بيان المرصد، أن الرسالة الخامسة في هذا الإصدار تمثلت في الحديث عن أوضاع الفروع والتنظيمات التي تتبعه؛ إذ جاء حديث التنظيم عن هذه الأفرع، أما بالإشادة بالانتصارات أو الحديث عن الانكسارات بشكل ضمني، فقد خص داعش في حديثه دول: "مالي، النيجر، بوركينافاسو، نيجيريا، موزمبيق، الكونغو الديمقراطية"؛ إذ أشاد بعناصره هناك، والتأكيد على التزامهم بالولاء للتنظيم، وبأنهم سيواصلون قتال قوى "الكفر"، وبالأخص فرنسا والدول التي تواجهه هناك.
ووفقا للمرصد، هناك دلالة أخرى لهذه الإشادة، تمثلت في حث عناصر التنظيم على الثبات ومواصلة القتال، بعد حالة الصدام المنتشرة مؤخرًا بينهم وعناصر تنظيم "القاعدة".
وفي السياق ذاته، حث التنظيم عناصره في اليمن على ضرورة الثبات والصمود، ما يمثل إشارة بأن داعش في اليمن يعاني من ضربات قوية، وهو ما أكدته الأنباء الأخيرة التي تتحدث عن التنظيم هناك، بعد أنباء في أغسطس الماضي، عن مقتل قائد فرع التنظيم هناك.
كما أن التنظيم بجزيرة العرب، دخل في حالة صراع مع عناصر تنظيم القاعدة، ما دفع به إلى محاولة تحويل خطابه للاستفادة من التراجع الذي ضرب التنظيم الأخير، وحالة الانشقاق الداخلي بين صفوفه وعناصره، منذ أوائل هذا العام، عندما نشر فرع داعش هناك وثيقتي إدانة ل"القاعدة"، ما دفع الأخير للرد عليهم في مايو من العام نفسه، إلا أنه بالرغم من ذلك لا يزال هناك تراجع من قِبل التنظيم.
وأضاف المرصد، أن الرسالة السادسة التي عمل التنظيم على إيصالها في الكلمة الصوتية، هي استمرار محاولته تحويل حالة تراجعه مؤخرًا إلى انتصارات روحية، عبر تشبيه هذه الهزائم بأنها امتحان من الله لعباده "الصالحين" بالتنظيم لاختبار قدرتهم على الصبر والبلاء، واختص بهذه عناصره عامة، وبشكل خاص في العراق وسوريا.
واختتم أبو حمزة القرشي كلمته، بالحديث عن قبول القيادة الجديدة للتنظيم بكافة البيعات التي تمت له، ما يمثل دعوة جديدة لشن مجموعة من العمليات الإرهابية في مناطق فروع التنظيم، بالإضافة إلى حث مزيد من الإرهابيين على مبايعة التنظيم.
وحذر المرصد، من المحاولات المستمرة لتنظيم "داعش" للعودة مرة أخرى وبشكل كبير عبر الساحة الإعلامية، التي تمثل حاضنة خصبة بالنسبة إلى أفكاره، خاصة في هذه الآونة، مع مرور عام على قتل مؤسس التنظيم وزعيمه السابق أبو بكر البغدادي؛ "إذ إن التنظيم قد يكثف من عملياته الإرهابية مرة أخرى كنوع من الانتقام لمقتله، خاصة أن التنظيم يسعى في الوقت الحالي إلى تطبيق استراتيجية "جهاد التحدي" التي تقوم على شن أكبر قدر من العمليات الإرهابية في بقاع عديدة حول العالم، عبر الاستعانة بالمقاتلين المنتشرين في هذه الدول والمؤيدين له.
ويرى المرصد، أن مواجهة تنظيم "داعش" تتطلب أن تركز على مواجهة خطاباته الفكرية التي تقارع الحجة بالحجة، خاصة أن التنظيم عاد مرة أخرى إلى شن هجوم على العلماء ورجال الدين وكل من يتصدى لخطابه، ما يؤكد نجاح استراتيجيات المواجهة الفكرية في هذا الأمر.