تأفف الكثير من السلفيين والإخوان من لجوء الشباب الذى حاصر السفارة الأمريكية إلى سبّ منتجى الفيلم المسىء إلى الرسول صلى الله عليه وسلم، والتطاول بالشتم على الحكومة الحالية التى لم تتخذ -من وجهة نظرهم- رد فعل يتناسب مع حجم الجرم الذى وقعت فيه الولاياتالمتحدةالأمريكية، حين سمحت بعرض الفيلم. وأجمعوا على أن تلك ليست أخلاق الإسلام، والمسلم يجب أن يكون عفّ اللسان، نظيف الألفاظ، اقتداءً بأخلاق النبى الذى لم يكن بالطعّان ولا اللعّان ولا الفاحش ولا البذىء! عجيبة! ألم يسمع هؤلاء رأى الشيخ عبدالله بدر -الأزهرى المتخصص الحاصل على درجة الدكتوراه- حين قال إن السبّ فى الإسلام مسألة عادية للغاية؟، وذكر واقعة قام فيها أبوبكر بسبّ أحد أعداء النبى صلى الله عليه وسلم سباً فظيعاً بذيئاً، وتوسع أكثر وذكر أن النبى نفسه -حاشا لله- سبّ رجلاً دخل إليه وأغضبه!، بل لقد قطع مسافة أبعد فى هذا السياق، حين قال إن القرآن الكريم نفسه أحياناً ما يسبّ، حين يصف قوماً بأنهم كالحمار، أو شخصاً بأنه مثل الكلب. وكان ذلك فى معرض تبريره لما قام به من سبّ للفنانة إلهام شاهين على عدد من القنوات الفضائية. لماذا لم يخرج أحد من أصحاب الذقون الإخوانية أو السلفية ليصحح رأى الشيخ «عبدالله بدر»، ويعرض رأيه النقيض فى أن الإسلام يرفض سلوك سب وشتم ولعن الآخر، هل لأن رأيه هو الأصوب، أم لأن المسألة ترتبط بمجرد فنانة فأبى الإسلاميون مواجهته!، أم لأن الأمر يتعلق هذه المرة بمصالح اقتصادية ينبغى ألا نخسرها؟!. الإجابة عندهم!. أما الشيخ عبدالله بدر نفسه، فلا بحّ الله له صوتاً، ماله لم يخرج علينا معلقاً على الأحداث المقترنة بالفيلم المسىء للرسول؟. فهو أقدر من غيره على عذر هذا الشباب الذى يكيل السب والشتم للأمريكان، بسبب سماحهم بعرض الفيلم المسىء إلى النبى صلى الله عليه وسلم!. لقد كنت أتوقع منه أن يخرج منتقداً ومديناً هذا السلوك الأثيم والافتراء الجسيم على نبى الإسلام، أو فى أقل تقدير يعارض هذا الرأى الذى ردده عدد من رموز الإخوان والسلفيين عندما اتهموا الشباب الذى احتشد حول السفارة الأمريكية بأنه يقدم صورة همجية للإسلام والمسلمين، حين يشتم، ويشرح لمن يردده أن الهمج الحقيقيين هم من أنتجوا هذا الفيلم المقيت، ومن سمحوا بعرضه، ومن تسامحوا فى عقد محاكمة هزلية لنبى الإسلام (قُطعت ألسنتهم)، ويرفض من منطق فقهه الخاص لموضوع «الشتيمة» انطلاق ألسنة الشباب الغاضب بصبّ قذائفهم اللفظية على الأمريكان، إلا أن يكون لدى الشيخ فقه خاص ل«القذف»!.