تعزف البولتيكا في السنوات الاخيرة سيمفونيات شاذة، تجعلنا نشعر بالغيثان، ما بين تيارات ليبرالية، وأخرى دينيه واشتراكية ووفدية وناصرية، كأن المسرح يفرض على العازفين الاختزال والاختراع في نفس ذات الوقت. ولا يغيب عنا أن البولتيكا تحتاج إلى عازف محترف، وإلى راقص استعراضي حتى يكتمل المشهد على نحو أفضل، فما نراه الآن حالة من النشاز بين كل العازفين، ما بين شرقي وغربي وشمالي وجنوبي، ولو أدرك البولتيكيون أن المهنية ينقصها تلك اللمسة الخفية الشريفة، التى ستجعل الاستعراض أكثر جاذبية مع التخلص الحاسم لكل الببغاوات، الذين يتعمدون الغناء بغباء وأيضا لنستعيض براقصة أكثر شياكة فى الآداء، والالتزام برتم السميفونية، وعدم المبالغة في الإيحاءات والنقش بالكلمات. نعم ياسادة البولتيكا تحتاج إلى فن وهندسة، وليس هرى وجرى بشعارات مفلسة، فظاهرة الإفلاس تفشت على السطح، وأصبحت تمتاز برتابة وسخافة، والأغرب أننا واهمون أننا نسمع السيمفونية السابعة لبيتهوفن وهى في الحقيقة نهيق حمير. يا أصحاب العقول هل لنا من بولوتيكي رشيد يبعد عن العواء والنهيق والتشدق والشهيق والزفير، فى بلد ال80 مليون لا يوجد إجماع على رأى بولوتيكي سديد، ولا يوجد قبول أننا فاشلون حتى النخاع فى صناعه كليب بولوتيكي يتسق مع الموزيكا، الكلمة والموقف، وكأننا مثلا نصنع مستشفى أو حتى مصنع أو مدرسة، اقتنعت مؤخرا أن الفساد تفشى في أرجاء البلاد، وأن الوطن موجوع حد اللاحد، والكل يسمع سيمفونيته ويضع السماعات على أذنه مصدقا أو واهما نفسه أنه يرى كليب بولوتيكى هايل. واقتنعت أيضا أن حالة النشاز، والرتم الصاخب، والتون العالي، مقصود ومتعمد لغايات أبعد ما تكون عن ذهن المتخصص قبل الشخص العادي. البولتيكا ترقص على السلم الموسيقى بعشوائية مقصودة لجذب حالة البلبلة والتشتت والضياع واللهو، وأصحاب المصالح فقط يتصالحون على مصالحهم. ضاعت حياة أناس أعرفهم في سبيل هدف بولوتيكى، وضاعت حقوق أيضا، وضاع الضياع نفسه لإرجاع ما ضاع، وغاب الرتم الاصيل، والذوق الكلاسيكى فى فن العزف والإنصات، لننظر الى أنفسنا في المرآة، نجدنا نجزع من المفاجأة فقد كبرنا وهرمنا دون الآوان، وقبل أن نعرف إلى متى سنقبل على أنفسنا وعلى إنسانيتا سماع سيمفونيات شاذه تدخلنا إلى عوالم مختلفة من الطرش والبلاهة العقلية. رفقا بنا فقد فقدنا إيماننا بفن البولتيكا، أنقذونا قبل أن تنتحر عقيدتنا بأمل منهج تقف له صفوف العالم الأولى حانية مبجلة لسحره الساري في حنايا العقول، أينعم نحن شعوب تعيش على الفول، وهو بروتين نباتي متين يسبب نوع من التوهان والتخمة والقولون، برغم ذلك جعلنا منه فيتامين أقوى من الحديد. ارحموا ما بقى لنا من وقت، فنحن لن نرضخ لسين ولا حتى صاد، ولن نقبل إلا أن نكون بلد الله المختار الذى جعله غصب عن التخين بلد أمين. أنا وكثير مثلى مصري فقط دون بولوتيكا، ودون حتى سماع تلك الموزيكا الشاذة، وسنكون دوما الشوكة في حلق من يضع العود في الأذن، أو حتى يستعين بالرقص مع الكلاب ولا الذئاب، مصر لكل مصري له حق الانصات لموسيقاها المفضلة، وله حق مشاهده الكليبات المحببة، وله حق في مصريته. أخيرا وليس أخرا اقفلوا الموزيكا وكفاية بلوتيكا الله يخليكم