ألقى الرئيس محمد مرسي كلمة، امتدت لنحو نصف ساعة، بالمسجد الكبير في روما، عقب أداء صلاة الجمعة، تخللتها تكبيرات الحضور وترحيبهم بالرئيس. وأكد مرسي في كلمته أن الإسلام دين ودولة، يحمل رسالة سلام للعالم، وطالب الحضور باحترام عقائد الغير والالتزام بقوانين الدول التي يقيمون فيها، كما شدد على أنه لن يكون هناك سلام في الشرق الأوسط دون إقامة الدولة الفسطينية كاملة السيادة، بالإضافة إلى حصول السوريين على حقوقهم ورحيل الرئيس السوري بشار الأسد. والتف المصلون حول الرئيس حتى وصل إلى سيارته خارج المسجد، بينما أعرب البعض عن غضبهم لعدم استماع الرئيس لبعض شكواهم. وبدأ الرئيس كلمته "قل بفضل الله وبرحمته فبذلك فليفرحوا هو خير مما يجمعون"، مضيفا: "تعلمون جميعا أن الإسلام دين شامل جامع، يعنى بكل مظاهر الحياة ويعنى بالعقائد ويعنى بحركة الفرد في الحياة والأخلاق". واستكمل: "الإسلام يعلي من قيمة الإنسان، ولقد كرمنا بني آدم، كما أنه يعلي من قيمة التواصل والمحبة بين الناس، ياأيها الناس إنا خلقناكم من ذكر وأنثى وجعلناكم شعوبا وقبائل لتعارفوا، ومن خلالكم أخاطب كل من ورائكم من الجاليات العربية والإسلامية، بل أخاطب أبناءنا وإخواننا في هذه الجاليات من غير المسلمين، وكل الشعوب الإسلام. أيها الأحباب، إن الإسلام يؤسس لقواعد المحبة والسلام والاحترام، وهذا توجيه ربنا سبحانه وتعالى للنبي محمد (صلى الله عليه وسلم)، وما أرسلناك إلا رحمة للعالمين، ويشمل هذا المسلمين وغير المسلمين، بل يشمل غير الإنسان من كل خلق الله". وأكد مرسي أن الإسلام يعنى بالأخلاق والسلوكيات "وإنك لعلى خلق عظيم"، وينظم العلاقة بين الناس جميعا على أساس من السلام الحقيقي والاحترام المتبادل والمصالح التي يتفق عليها عموم الناس، كما أنه يؤكد دائما على أن الأرض التي خلقها الله إنما هي للناس جميعا، وأن الأرزاق عند الله مكفولة للناس "وفي السماء رزقكم وما توعدون"، ويدعونا إلى السير في الأرض والانتشار فيها، كما يدعونا إلى احترام وتقدير كل من نتعامل معه، إذن فلنحترم جميعا معتقدات بعضنا البعض، ونعلي من قيمة الإنسان والحرية. وشدد مرسي على أن الإسلام ينظم علاقة الحكام بالمحكومين "وأن احكم بينهم بما أنزل الله ولا تتبع أهواءهم واحذرهم أن يفتنوك عن بعض ما أنزل الله إليك"، فالمسلم الذي يفهم الإسلام بهذا المعنى الصحيح والمفهوم الشامل يخدم الوطن والإنسانية بهذه الأخلاق وهذا السلوك، طبقا للقوانين والدساتير في البلاد التي يعيش فيها. وأضاف: "يجب علينا احترام القانون والدستور في كل بلد نعيش فيه، لأننا نسعى للعلم والرزق في كل مكان في أرض الله الواسعة. إننا جئنا أيها الأحباب برسالة سلام واضحة إلى كل الدنيا، ونقول بكل وضوح للقلة القليلة التي تتصرف تصرفات الصبية والتي تحاول أن تفسد العلاقات بين الشعوب وترتكب الإجرام في حق اعتقادنا أو معتقداتنا أو معتقدات غيرنا، الذين يسيؤون إلى رسولنا محمد، نقول إنما هؤلاء يسيؤون إلى أنفسهم وإلى الشعوب التي ينتمون إليها، وهذه الإساءة نردها ونرفضها ونغضب ضدها، ونعادي من يعادي رسولنا (صلى الله عليه وسلم). وقال مرسي إن العالم يرى الآن الجماهير الغاضبة في كل مكان في بلاد المسلمين، وحتى من غير المسلمين، على هؤلاء الذين يحاولون عبثا أن يسيؤوا إلى العلاقات بين الشعوب أو يثيروا الفتن، مؤكدا على أنهم لم ولن يفلحوا أبدا في ذلك. وأضاف: "نحن أيها الأحباب نرى هذا الغضب ونغضب كلنا، ولكنه الغضب البناء الذي يمنع تكرار الفعل، ويبني العلاقات بين الشعوب على أساس من الاحترام المتبادل. إننا نقف وقفة الغضب في كل مكان لكي نقول للشعوب التي يعيش فيها هؤلاء: اغضبوا أنتم أيضا على هؤلاء، ولا تسمحوا أبدا أن يكونوا سببا في قطع علاقات الود بين الشعوب. إننا نقف ضد هذه المحاولات الصبيانية، التي تكررت قبل ذلك من قِبَلِ قلة عابثة تجاه القرآن الكريم، ونقول إنها لن تنال من القرآن ولا من الرسول، بل هم فقط يريدون بها أن يلفتوا الأنظار عن أشياء ومشاكل كبيرة في العالم، لن تلتفت أنظارنا عنها". وواصل مرسي: "لا سلام بغير احترام الحقوق لكل الناس، ولا سلام إلا إذا أقر الجميع بحق الجميع في العيش الكريم والحرية والديمقراطية والعدالة الاجتماعية. لن يستقر السلام في العالم إلا إذا استقر في منطقة الشرق الأوسط، ورجع حق الفلسطينيين لهم بشكل كامل، ولن يكون هناك سلام في العالم إلا إذا حصل الشعب السوري على حريته وحقه، وتوقف نزيف الدم في سوريا. كلنا مع الشعب السوري في جهاده وكفاحه حتى ينال حقوقه كاملة. لا يمكن أن نهدأ أو تقر لنا عين إلا إذا توقف حمام الدم في سوريا وانتصرت إرادة الشعب وامتلك السوريون إرادتهم كاملة وحقهم كاملا في حياة حرة كريمة وعدالة اجتماعية، نحبها لهم كما نحبها لأنفسنا". وختم مرسي كلمته قائلا: "لقد أبلغت بالنيابة عن شعب مصر من المسلمين والمسيحيين الرئيس الأمريكي عزاءنا فيمن قتلوا في بنغازي، عندما اتصل بي صباح الأمس، وكذلك بعض القيادات الليبية الذين عبَّروا للرئيس عن عزائهم. إن هذا الفعل نؤثمه ونعتبره جرما في حق الإنسان، ولقد طالبت أوباما بوضوح بأن على الشعب الأمريكي أن يعلن رفضه لهؤلاء الذين يحاولون أن يوجدوا في الصدور كراهية له، ولابد أن نجد الردع الكافي من خلال القوانين والشعوب والحكومات لكل من يحاول الإساءة للأديان، على مستوى الأفراد أو المؤسسات في العالم".