«ارجع وحاسب نفسك شوف فى حياتك كام مرة قدرت تقول لأ، وكم مرة أخدت موقف، غيرت واتغيرت بيه، وعلى قدر مواقفك ورفضك للمغريات من أجل مبادئك الصحيحة ستكبر وستصبح إنسان لك مكانة كبيرة»، هكذا نصحنى أستاذى الكبير وصاحب الفضل علىَّ، بعد ربنا، الكاتب الكبير يوسف معاطى، الذى أفتخر بأننى أحد تلاميذه، ووقتها كنت أراجعه فى أمور تخص مستقبلى وحياتى المهنية والعملية فى الصحافة، وكان هناك أحد المواقف يتطلب منى الرفض رغم الإغراءات الشديدة، فقال لى الإنسان الذى يستطيع أن يقول «لا»، بما يملكه من إنسانية كبيرة وقدرة على التحدى وثقة بالنفس، «إن تاريخ العظماء يقاس برفض المغريات». وبعد الرفض والتحدى صارت كلمة «لا» هى كلمة السر عند كاتبى الكبير يوسف معاطى، ومن وقتها وحتى الآن لم أجد أمامى أشخاصاً كثيرين يتعاملون بهذا المبدأ، بل لم أرصد من يقول لا، ويرفض إغراءات كبيرة مقابل إيمانه بقضية أو مبدأ أو موقف معين، وتذكرت نصيحة أستاذى عندما قرر الزميل الصحفى والناقد الرياضى وخبير الكرة العالمية الكابتن خالد بيومى تقديم استقالته من شبكة تليفزيون «بى. إن. سبورت» اعتراضاً منه على الخط السياسى للدولة المالكة للقناة وكذلك السياسة الإخبارية لباقى قنوات الشبكة المالكة للقنوات الرياضية فى فعل يُحسد عليه لأنه اختار وقرر أن يقول «لا». «بيومى» رفض الاستمرار تحت مغريات كثيرة جداً أولها المال والشهرة، من يستطيع أن يرفضهما معاً؟ إنه خالد بيومى الذى اختار الوقت الأصعب للانسحاب من القناة فى ظل وجوده كأفضل محلل عربى بالقناة وقبل انطلاق العُرس العالمى بفعاليات كأس العالم بالبرازيل، الذى يتمنى أى فرد مشاهدته فى البرازيل، ما بالك لو كنت المحلل الأفضل فى الشرق الأوسط للجمهور العربى لهذا الحدث، وما بالك أن تنسحب فى هذا التوقيت والعالم كله يترقب ظهورك فى المونديال. لا أستطيع أن أعبر لكم عن قدرة «بيومى» لرفض أكبر إغراء لأى محلل أو ناقد رياضى فى العالم فمن يرفض تحليل كأس العالم فى قناته الحصرية إلا إذا كان من سلالة الأستاذ يوسف معاطى، ومن يستطيع أن يتخذ مثل هذا القرار فى هذا التوقيت، ولم يحسب خسارته الشخصية، بل إنه نظر لمصلحة وطنه وشعبه وأصدقائه وجيرانه ورفض كل المغريات وترك رزقه على ربه وتوكل على الله لأنه مصرى يشعر بقيمة هذا الوطن ووضعه يختلف لأن من سبقوا «بيومى» فى الاستقالة من القناة الرياضية سواء كانوا من الإمارات أو السعودية لديهم ما يعوضهم وليسوا بحاجة للعمل فى القناة وأخذوا ما يعوضهم من بلادهم، فهل نعوض خالد بيومى مثلما تم تعويض زملائه، فهل نرفع عنه خسارته؟ أنا أعرفه جيداً أنه لا يحتاج مساعدة من أحد ولا ينظر إلى أحد، ولكنه يحتاج الإشادة والمساندة والتكريم والتأكيد على أن موقفه موقف وطنى محترم ورسالة على حب البلد وغيرته الشديدة عليه، ورسالة أخرى إلى باقى المحللين المصريين الذين يعملون فى القناة، من يستطيع منكم أن يقول «لا» رغم احترامى وتقديرى للجميع فهناك من لا يحتاج للوجود ولديه البديل، ولكن الرسالة الأكبر من «بيومى» إلى محمد أبوتريكة فهل يسمعها، لأنه ما زال على البر، أعلم أنه اتخذ قراراً بتحليل كأس العالم بنفس القناة فهل يتراجع ويتعلم من الموقف «الخالد» ل«بيومى»، أشكرك يا كابتن خالد، والرسالة وصلت الجميع، ولكن من يستطيع أن يقرأ الرسالة جيداً.