لم يكن غريباً أن تنجح أغنية «بُشرة خير» لحسين الجسمى كل هذا النجاح، ليس بسبب بساطة كلماتها وجمال لحنها فقط، بل لصدق مشاعر مطربها الذى غنّاها بكامل أحاسيسه وحبه وعشقه لمصر، هذا الحب الذى خرج من قلبه ووجدانه قبل أن يخرج من صوته ولسانه، فوصل إلى عقول وقلوب المصريين، على الفور، وانتشرت الأغنية انتشاراً كبيراً وحازت نسبة مشاهدة عالية كادت تصل إلى المليون بعد عدة أيام من طرحها، الأمر الذى دفع البعض للمطالبة بمنح الجنسية المصرية لمطربها الإماراتى حسين الجسمى. ومن يستمع إلى كلمات حسين الجسمى عن مصر، فى هذا الحوار مع «الوطن»، لن يستغرب نجاح هذه الأغنية، فالرجل عاشق لمصر وشعبها، وتقطر كلماته حباً لهذا الوطن، الذى غنّى له الكثير من الأغانى الوطنية، ولم يترك مناسبة، مصرية أو عربية، إلا وشارك فيها، بصوته وقلبه، دون أن يتحدث يوماً فى الأمور السياسية إلا من خلال فنه فقط، لأنه يرى أن «للسياسة أهلها الأدرى بشئونها». فى هذا الحوار يفتح «الجسمى» قلبه ويتحدث عن أغنيته التى كسّرت الدنيا «بُشرة خير»، وكواليسها، وأسباب نجاحها، كما يتحدث عن مصر، وثورات «الربيع العربى»، وبرامج اكتشاف المواهب، وغيرها الكثير. ■ فى البداية حدِّثنا عن فكرة أغنية «بُشرة خير» التى حققت نجاحاً كبيراً فور طرحها؟ - كنت أفكر منذ فترة فى تقديم أغنية للشعب المصرى فى هذا الوقت الحاسم من حياته، سياسياً واجتماعياً، ولأن الشاعر أيمن بهجت قمر صديقى ورفيقى فى العمل، وصاحب مجموعة من أشهر أغنياتى، رحبت على الفور بأغنية «بُشرة خير»، فور أن تلقيت اتصالاً منه يطرح فيه فكرة الأغنية، فأعجبتنى وأحسست بأن الشارع المصرى يحتاج للابتسامة والفرحة التى مهما «لفّيت العالم» لن ترى جمالها إلا على وجوه المصريين، وأتمنى أن تكون «بُشرة خير» فعلاً لأحبائى المصريين فى حاضرهم ومستقبلهم، متمنياً لهم الاستقرار الدائم. ■ وما أهم التفاصيل التى تمت فى الكواليس بينك وبين «قمر» حتى خرجت الأغنية للنور، وهل كانت كلمات الأغنية الشعبية صعبة عليك؟ - لا.. لم تكن هناك صعوبات، حيث قدمنا الأغنية بمنتهى السلاسة، وأحببت كلماتها البسيطة، ولحنها الذى وضعه المبدع عمرو مصطفى، وبدأنا التنفيذ فوراً، وبالنسبة للكلمات لم أجدها صعبة على الإطلاق وحفظتها بسهولة، وخاصة أن اللهجة المصرية ليست جديدة علىّ، حيث قدمت العديد من الأغنيات المصرية بكلمات أكثر صعوبة، وسعدت بشكل خاص بهذه الأغنية لأنها تخاطب الشعب المصرى فرداً فرداً، فى القرى والمدن والشوارع، وهذا يحقق ارتباطاً وحميمية بينى وبينهم، وأتمنى أن تكون الأغنية حققت هدفها. ■ قدمت «داليدا» ومحمد منير من قبل أغنيتين تخاطبان المصريين ومدنهم، وهما «حلوة يا بلدى» و«تعالى نربط أسامينا»، ألم تخشَ المقارنة بهاتين التجربتين الناجحتين؟ - لم أفكر فى ذلك أبداً، بل أحببت أن أشجع المصريين على قول كلمتهم لتحديد مصيرهم، وعموماً كل شىء تم بمحبة شديدة، وأسعدنى أن أخاطب الشعب المصرى فى كل قرية ومدينة. ■ تردد أن الأغنية تهدف لدعم المرشح الرئاسى المشير عبدالفتاح السيسى.. هل هذا صحيح؟ - غنيت الأغنية للشعب المصرى كله، وكان هدفها الوحيد هو حث المصريين على المشاركة فى هذه اللحظات الحاسمة، وتحديد مصيرهم فقط لا غير، ولم أرَ أى كلمة فى صالح شخص بعينه، فأنا أحب الشعب المصرى، وهو هدفى الأول والأخير، وأخاطبه هو فقط بكل طوائفه. ■ حققت الأغنية نسبة مشاهدة تصل إلى المليون على موقع «يوتيوب» خلال أقل من 72 ساعة من طرحها مع بدء انتخابات المصريين فى الخارج.. فهل كنت تتوقع هذا النجاح؟ - الأمر الذى يخرج من القلب يدخل إلى القلب مباشرة ودون استئذان، ولا أستطيع أن أقول إنى توقعت كل هذا النجاح، وأى فنان مهما كانت قدرته واجتهاده لن يستطيع تحديد مقدار النجاح الذى سيحصل عليه، والحمد لله هو توفيق من الله، وتجسيد لمعنى واحد وهو أن الصدق هو أقصر الطرق لكل الأشياء، وأنا أحب المصريين من كل قلبى، وحبهم لى شعور متبادل، من فرط حبى لهم، وأتمنى لهم كل الخير والسعادة. ■ الأغنية تميل إلى الإيقاع الراقص، حتى إن كثيراً من المصريين يرقصون عليها فى سعادة فى البيوت والشوارع، ألم تكن لك أى ملاحظات عليها وخاصة أنك لم تقدم هذا اللون الغنائى من قبل؟ - هى بالفعل تجربة جديدة لى مع هذا اللون الغنائى، ولم أقدمه من قبل، لكنى تحمست لها، وسعدت بها، وسعادتى زادت عندما رأيت ردود الفعل، ووجدت المصريين يرقصون وينسون همومهم، على أنغامها وكلماتها، كما أسعدنى «الفيديو كليب» الذى تم تقديمه وعبّر عن جمال وروعة الشعب المصرى، وأخرجه المبدع هشام فتحى، وكانت وجهة نظرى صحيحة، فالناس لا تحتاج لخطابة ومواعظ، الناس تحتاج للفرحة، وهى المطلوبة فى هذا الوقت، وجاءت فى وقتها، و«مصر تستاهل كل خير وتستاهل الفرحة»، وأتمنى أن يتمّها الله عليها. ■ لماذا حرصت على تقديم عدد من الأغانى الوطنية لمصر تحديداً، مثل «أجدع ناس» و«تسلم إيدينك»، و«سيادة المواطن»، ومؤخراً أوبريت «هذه مصر» باللهجة الخليجية؟ - لا يوجد سر سوى المحبة التى تجمعنى بمصر وبأهلها وناسها، فمصر هى قلب الأمة العربية، والمؤثرة فى وجداننا جميعا، ومصلحتها هى مصلحة العرب، وخيرها هو خير لنا جميعاً، ولا يوجد مطرب عربى لم يغنِّ لمصر على مدار العمر، أنا أحب مصر، ومَن فى الوطن العربى لا يحب مصر، وشعب مصر، وخفة دم وبساطة المصريين؟ ودائماً أشعر أن المصريين يستحقون كل الحب، وأكثر بكثير مما ينالون. ■ نجاحك فى تقديم الأغانى الوطنية شجع عدداً كبيراً من المطربين على الاتجاه إليها مؤخراً، فهل أصبحت الأغنية الوطنية موضة؟ - أعتبر موجة الأغانى الوطنية مشاعر حب نحو الوطن، وأتمنى التوفيق للجميع، وأجدها ظاهرة إيجابية، فالوطن أغلى ما نملك فى حياتنا، وهو شرفنا وعزتنا، لذا أشجع ظاهرة الأغانى الوطنية. ■ يمر الوطن العربى منذ سنوات بأجواء مليئة بالاضطرابات السياسية، فهل تعتقد أن ذوق المستمع تغير بسبب الأحداث، وهل اختياراتك للأغانى اختلفت لتناسب ذوق المستمع حالياً؟ - بالتأكيد.. الاضطرابات أثرت فى المزاج العام للجميع، فنانين ومستمعين، فكلنا بشر، والمستمع أصبح أكثر حساسية ورغبة فى الانتقاء، ولكن بوجه عام هناك ألوان غنائية عربية متعددة، وعلى الفنان أن يسعى ليقدم ما هو مناسب لصوته وإمكانياته، وهذا له دور كبير فى نجاح الأغنية، وخاصة عندما تكون مناسبة للصوت، والمستمع أو المتلقى يحب كل شىء جميل ومميز، وإذا قدمت له عملاً فنياً باجتهاد، فأعتقد أنه سيتقبله بشكل جيد. ■ رغم أغنياتك الوطنية الناجحة فإنك نادراً ما تتحدث فى الأمور السياسية، فهل أنت مع أم ضد أن يتحدث الفنان فى الأمور السياسية؟ - أعتقد أن الفن والفنانين وُجدوا لإسعاد القلوب، وهذا هدف كل فنان، ولا أفضل أن يتكلم الفنان فى السياسة، فهى لها «ناسها» وأهلها المتخصصون، وأحترم هذا الشىء. ■ وهل تتأثر نجاحاتك الفنية بالأزمة التى يعيشها العالم العربي؟ - من الناحية النفسية نعم، أتأثر جداً، وحتى عندما تنجح أعمالى قد لا أفرح كثيراً، فأنا إنسان أتأثر بما حولى، وبمن حولى، وطبيعى أننى عندما أفرح أريد أن يفرح معى كل الناس. ■ انتشرت فى الفترة الأخيرة برامج «اكتشاف المواهب» فما رأيك فى اتجاه عدد من المطربين -وأنت منهم- لهذه النوعية من البرامج؟ - أرى أنه أمر صحى، وأعتبره «رد جميل» من الفنان إلى الجمهور، فكل فنان منا حصل على حب واهتمام الجمهور كثيراً، ومن حق الجمهور عليه أن يقدم له موهبة تستحق، ويضع بصماته وخبرته فى إظهار المواهب للنور، وخاصة لو كانت موهوبة بالفعل. ■ شاركت فى الموسم الأول من برنامج «إكس فاكتور» مع وائل كفورى وإليسا وكارول سماحة، فكيف تقيم تجربتك فى هذا البرنامج؟ وهل ستشارك فى موسمه الجديد؟ - أعتقد أن التجربة كانت ناجحة إلى حد كبير، والحمد لله، وحقق البرنامج نجاحاً جيداً، وكان تجربة مفيدة ومختلفة بالنسبة لى، ولكن بالنسبة للمشاركة فى الموسم الجديد لا أستطيع تحديد الأمور من الآن، وما زال الوقت مبكراً على حسم هذا الأمر. ■ البعض يرى أن هذه البرامج مجرد موضة لجأ المطربون إليها بسبب الظروف الاقتصادية والكساد الذى يعانون منه؟ - إذا كانت هذه البرامج موضة، فيجب أن نحترمها طالما فرضت نفسها بهذه القوة، واستقطبت كل هذا الكم من النجوم الكبار، وساهمت بشكل إيجابى فى صعود نجوم جدد. ■ كنت رافضاً لمثل هذه البرامج فى البداية فلماذا غيرت رأيك الآن؟ - هذا صحيح.. كنت رافضاً بشكل كبير لأى مشاركة فى مثل هذه البرامج، وعرض علىّ الكثير منها منذ عام 2009، لأنى كنت أريد التركيز فى عملى فقط، وعدم تشتيت انتباهى فى أى شىء آخر، ولكنى رأيت عرض «إكس فاكتور» مناسباً مع الوقت الذى نعيش فيه، وأردت، كما قلت من قبل، رد الجميل للجمهور فى شكل مساعدة مواهب جديدة حتى تصبح نجوماً، وأعتقد أن مشاركتى كانت مثمرة. ■ وما تعليقك على الانتقاد الذى يوجه لهذه البرامج وهو أن التصويت يظلم مواهب كثيرة وربما ينصف الأقل موهبة؟ - التصويت يعنى الديمقراطية، أو الأغلبية، وهذا أمر لا بد أن نحترمه، سواء اتفق رأى الأغلبية مع رأينا أم لا، وبالفعل هناك أصوات يظلمها التصويت، لكن النجومية لا تخضع لألقاب، وما دام الناس عرفوا المطرب وأحبوه، فهذا يمنحه النجومية، بغض النظر عن الفوز بالألقاب. ■ فوجئ المشاهدون بشخصيتك المرحة والعفوية فى البرنامج، مما جعل الجمهور يطالبك بدخول عالم التمثيل، فهل يمكن أن تخوض التجربة؟ - تعمدت أن أظهر بشخصيتى الطبيعية فى البرنامج، وفعلاً هذه النوعية من البرامج تقرب الفنان من جمهوره، وتكشف الجوانب الحقيقية فى شخصيته بنسبة كبيرة، وأشكر الجمهور على تقبلهم لى، ورغبتهم فى أن أخوض تجربة التمثيل، لكنى حتى الآن لا أستطيع التحدث فى أى موضوع خارج نطاق الغناء. ■ ينتظر منك جمهورك فى رمضان «تيتر» مسلسل، أو أغنية بفيلم، بعد نجاح «أهل كايرو» و«فيرتيجو» و«بحبك وحشتينى» وغيرها، فهل ستشارك هذا العام فى غناء التيترات أو أغنيات الأفلام؟ - لا أنكر أن «التيترات» حققت لى شعبية ونجاحاً مهماً، وسعيد بهذا جداً، لكنى حتى الآن لم أحدد بشكل نهائى ماذا سأفعل فى رمضان المقبل، وهل سأكرر هذه التجربة هذا العام أم لا. ■ وأخيراً ما أمنياتك وتوقعاتك لمصر والوطن العربى فى المرحلة المقبلة؟ - أعتقد أننا قطعنا شوطاً كبيراً من الصعوبات ونسير فى اتجاه ديمقراطى وإيجابى، وأتمنى أن تكون الأيام المقبلة أفضل وأن يعوض الله الشعوب العربية بكل الخير والاستقرار فيكفى ما مرت به أوطاننا من محن وأزمات ودماء وأوقات عصيبة.