بين مختلف الأزمات والأحداث التي شهدتها البلاد، كان "الشعب"، أحد الجهات التي اتكأت عليها الحكومة لتخطيها، وهو ما تكرر في مواجهة جائحة فيروس كورونا المستجد "كوفيد 19"، حيث راهنت الدولة على "وعي المواطنين"، إلا أنه رغم ذلك، جرى تسجيل العديد من المخالفات للإجراءات الوقائية المفروضة، فضلا عن ارتفاع حالات الإصابة بين المواطنين. بعد أن كانت درجة الالتزام كبيرة في بداية تفشي المرض، بدأ ذلك في الانخفاض، وقل الاهتمام بالإجراءات الوقائية الشخصية من ارتداء الكمامة، وقفازات اليد، والتعقيم المستمر بجانب حظر التجوال، بينما طالب العديد من رجال الدولة بضرورة الالتزام بذلك الأمر، والتكاتف لتخطي الجائحة. وهو ما فسره الدكتور هانى شعيب، كبير الاستشاريين ورئيس قسم الطب النفسي بمستشفى سارى الملكي بالمملكة المتحدة، بأنه يرجع للعوامل النفسية والاجتماعية والثقافية والمادية، التي تساهم جميعها بدرجات مختلفة في صعوبة التزام المصريين بهذه الإجراءات، التي تعد أقل قيودا، مقارنة بدول أخرى، حيث إن الحكومة استخدمت الإرشاد والإقناع، لحث المواطنين على الالتزام. استشاري نفسي ببريطاني يضع 10 أسباب لعدم الألتزام.. منها "العشوائية وضعف الانضباط والثقافة الصحية" وقال شعيب، في تصريحاته ل"الوطن"، إن وجود نسبة من الأمية وضعف الثقافة الصحية يؤدى أحيانا إما بالاستهانة أو المبالغة أو الفهم الخاطئ لأهمية وكيفية تطبيق هذه الإجراءات بطريقة صحيحة، بالإضافة للتكدس السكاني وضعف الإمكانيات المادية بين المواطنين ما يجعل تطبيق التباعد الاجتماعي والعزل الذاتي أمرا صعب التحقيق، بجانب التعود على استمرار نمط معين ثابت في الحياة اليومية، مثل ارتياد المقاهي والتجول في الشوارع والمولات بدون غرض محدد سوى التقارب البشرى والتسلية عادة شبه يوميه يصعب التخلص منها فورا وبدون سابق إنذار ولمدة طويلة نسبيا. من بين تلك الأسباب في رأيه، هي العشوائية التي تفشت في المجتمع خلال العقود الأربعة الماضية، بالإضافة بثقافة "التواكل" المنتشرة بين المواطنين، والتفسيرات الخاطئة لبعض المفاهيم الدينية التي يجعلوها تحكم الكثير من طريقة التفكير لدى البعض، بجانب ضعف الانضباط النفسي للتحكم في الأهواء والرغبات وإخضاعها لسيطرة التقدير الواعي للظروف الحياتية والملائمة المجتمعية ما يصعب من القدرة على تحمل القيود أو الحرمان أو التغيير لفترات طويلة نسبيا. كما يرى أن الإنكار، من بين تلك الأسباب التي خلقت عدم الاهتمام بين المصريين، حيث إنه واحدا من أسلحة الدفاع النفسي الطبيعي للإنسان والتي يلجأ اليها للهروب من وضع جديد غير مستحب، فضلا عن تفاوت درجة المسئولية بين أفراد المجتمع، والتسيب السلوكي والحاجة إلى ضابط خارج، التي تعتبر صفة شرقية وتعنى فقد الحافز الذاتي للانضباط المستمر عند القيام بأي عمل رغم توافر الإدراك و القدرة والمهارة اللازمة للقيام بهذا العمل وضرورة وجود رقيب أو نظام صارم نسبيا. طبيبة نفسية: وجود حالة من العند والملل واللامبالاة رفعوا نسبة تجاهل الوقاية من المرض وشاركته في العديد من تلك الأسباب، الدكتورة هالة حماد، استشاري الطب النفسي، حيث أرجعت أسباب عدم الألتزام بتلك الإجراءات الوقائية لعدة أسباب، على رأسهم عدم مسئولية البعض في المجتمع تجاه ذلك الأمر، وهو ما انتقل إلى القطاع الآخر الملتزم. وتابعت حماد، أنه عزز ذلك الأمر ظهور حالة من الملل والضجر واللامبالاة مؤخرا بسبب العزل المنزلي، بالإضافة إلى الضغوط الاقتصادية بين فئات من المواطنين، فضلا عن انتشار نوع من العند بين آخرين ما ولد رغبة في الاستهانة بتلك الإجراءات، ومن ثم زيادة حالات الإصابة بالفيروس، لذلك على كل فرد أن يعي مسئوليته تجاه نفسه وأسرته ومجتمعه، حتى يدرك خطورة الموقف ومن ثم يلتزم بتلك الإجراءات. ونصحت بعدة خطوات لتخطي ذلك، منها تقديم النصائح بلطف لغير الملتزمين عن خطورة ذلك، إلزام جهات العمل والمحال التجارية وغيرهم بضرورة اتباع الإجراءات الوقائية، ونشر المزيد من المبادرات الإنسانية، وتولي الأسرة دورا في ذلك بحث جميع أفرادها على أهمية الألتزام وخلق أنشطة متعددة بالمنزل لكسر الملل، والخروج صباحا لممارسة رياضة المشي، مع مراعاة التباعد الاجتماعي. كما أشادت بالحملات التوعوية عبر الإنترنت والتلفزيون، التي دشنتها الدولة لذلك، واقترحت تكثيفها بشكل أكبر لزرع الإحساس بالمسؤولية داخل الجميع، مع توفير الكمامات والقفازات والمطهرات، بأسعار بسيطة لتشجيع المواطنين على الشراء، ما يرسخ من تلك الإجراءات الوقائية، فضلا عن الدور المهم الذي يقع على رجال الدين في ذلك الأمر، بتوجيه المواطنين بمختلف طوائفهم، لأهمية الحفاظ على صحة الأبدان، واتباع تلك الإجراءات عبر صفحاتهم بمواقع التواصل الاجتماعي.