داخل مسجد «عباد الرحمن» بالإسكندرية، وقفت حشود من السلفيين التابعين لحزب النور بالجلابيب البيضاء، واللحى المخضبة بالحناء، يؤدون صلاة الاستخارة ليعلنوا بعدها تأييد المشير عبدالفتاح السيسى، فى السباق الرئاسى، وسط تهليل ب«نصر من الله»، روائح المسك الحجازى تفوح من عباءاتهم، نظرات القادة جاءت مفعمة بالنصر، بعد توجيه ضربة جديدة ل«الجماعة»، بالسلاح ذاته الذى استخدمه الإخوان من قبل، «الصفقة». صفقة سياسية بين «النور» و«المشير»، ربما لم يطلبها الأخير، لكن سارع بطلبها الطرف الأول لينجو من طوفان 30 يونيو الذى أغرق الإخوان ومن معهم.. الحزب يدعم «السيسى» رئيساً، مقابل بقاء الدعوة السلفية. رأى حزب النور الذى تم تأسيسه عقب ثورة يناير أن سفينة التمكين تشق أمواج السياسة المتلاطمة، وترفع شراع الدعوة للدين، لكسر الجماعة «العجوز». راودهم الحلم القديم «جماعة سلفية تقيم الدولة الإسلامية»، فخرجوا لأتباعهم يطلبون الولاء للحاكم المتغلب بالشوكة بحكم الشرع، كما قال مذهب «ابن عثيمين». برأوا السيسى من دماء «رابعة» و«النهضة»، وأعلنوا أنه «مرشح إسلامى». بعد اجتماع مغلق مع الأعضاء، خرج رئيس حزب النور، يونس مخيون، على الصحفيين، ليعلن دعم المشير عبدالفتاح السيسى فى الانتخابات الرئاسية المقبلة أمام حمدين صباحى قائلاً: «اخترنا دعم المشير بعد أن تأكدنا أن المصلحة العليا للبلاد والحالة الأمنية تملى على الجميع أن يكون رجل المرحلة المقبلة هو عبدالفتاح السيسى». من رحم الدعوة السلفية، خرج «النور» بلا تاريخ سياسى، وقرر المشاركة خوفاً من الإخوان واستخدام الدين للوصول إلى السياسة، وتمكن بالفعل من حصد 108 مقاعد خلال الانتخابات التشريعية فى 2011، ومع مرور الأيام قدر للحزب الإسلامى السلفى أن يكون شريكاً فى خارطة طريق ثورة 30 يونيو، رغم عدم مشاركة قاعدته الشعبية فى الإطاحة بمحمد مرسى، ومثل الشريك المخالف أصابته بعض التناقضات، يوافق على خارطة الطريق، لكنه يعترض دائماً، وأخيراً يوافق. تعرض حزب النور مع نهاية العام الماضى لأزمة حادة إثر انشقاق قيادات الصف الأول بالحزب قبيل بدء الانتخابات الداخلية، حينما قرر الدكتور عماد عبدالغفور، الرئيس السابق للحزب، مساعد رئيس الجمهورية لشئون التواصل المجتمعى، تأجيل الانتخابات، ما دعا قيادات الحزب الرافضة للقرار لتشكيل «جبهة الإصلاح» التى طالبت بفصل الدعوة السلفية عن الحزب.